نمو في الاقتصاد الإسباني.. واليونان تنفي خططا للانسحاب من منطقة اليورو

الطلبات من دول شمال أفريقيا تتدفق مجددا على الصناعات الألمانية بعد تراجع بسبب التطورات الأخيرة

TT

أظهرت البيانات الاقتصادية التي نشرت، خلال الساعات القليلة الماضية، في دول الاتحاد الأوروبي وبشكل خاص في منطقة اليورو «التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، تباينا في التطورات الاقتصادية، ما بين حدوث نمو في الاقتصاد الوطني في دول مثل إسبانيا، وارتفاع معدلات التضخم في دول أخرى مثل استونيا، وأنباء عن احتمالية الانسحاب من منطقة اليورو بالنسبة للدول المتعثرة خاصة اليونان».

وفي الوقت نفسه، عادت من جديد الطلبات على المصنوعات الألمانية، خاصة من دول شمال أفريقيا، بعد أن سجلت تراجعا نتيجة للتطورات التي تشهدها المنطقة، لكن لم يؤثر ذلك على استمرار الاقتصاد الألماني قويا.

في إسبانيا، أظهرت البيانات الرسمية أن الاقتصاد الإسباني حقق تحسنا طفيفا في الربع الأول من العام الحالي بلغ 0.7 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقال البنك المركزي الإسباني في بيان إن الاقتصاد الوطني نما بمعدل 0.2 في المائة مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، مشيرا إلى أن هذا التحسن يعود إلى نمو الطلب الخارجي على المنتجات الإسبانية بنسبة 1.4 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف البيان أنه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد الوطني خط التطور الإيجابي «ببطء وباستمرار»، مترافقا مع التحسن التدريجي للظروف الاقتصادية العالمية.

وأوضح أن الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الإسباني في هذه المرحلة والمترافقة مع معدلات بطالة عالية جدا تجاوزت 21 في المائة من اليد العاملة الإسبانية، فضلا عن كثرة القيود على القروض الممنوحة، إلى جانب أن تضاعف القوة الشرائية أمام ارتفاع معدل التضخم السنوي، والضرائب، وأسعار الوقود، تعوق مسيرة النمو الاقتصادي للبلاد.

وكان الاقتصاد الإسباني قد حقق تحسنا طفيفا في عام 2010 منكمشا بنسبة 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت الذي توقعت الحكومة فيه أن ينكمش بنسبة 0.3 في المائة، فيما حقق نموا فصليا بنسبة 0.2 في المائة في الربع الأخير من عام 2010 مقارنة بالربع الثالث من العام نفسه. وفي اليونان، أكد نائب وزير المالية اليوناني فيليبوس ساخينيديس أن بلاده لا تفكر في الانسحاب من منطقة اليورو، نافيا بقوة تقريرا صحافيا ألمانيا في هذا الصدد. وقال ساخينيديس «التقرير عن انسحاب اليونان من منطقة اليورو غير صحيح، وهذه التقارير تضر اليونان واليورو وتخدم ألاعيب المضاربين في السوق». وفي برلين، قال مصدر بالحكومة الائتلافية الألمانية لـ«رويترز» إن وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله ونائبه يورج اسموسن موجودان في لوكسمبورغ للمشاركة في اجتماع بشأن اليونان.

وكانت النسخة الإلكترونية من مجلة «دير شبيغل» الألمانية قد ذكرت في وقت سابق أن اليونان أثارت احتمال الانسحاب من منطقة اليورو، وأن اجتماعا طارئا لوزراء مالية المنطقة سيعقد في وقت لاحق لبحث الأمر. ونفى ناطق رسمي باسم جان كلود يونكر، رئيس مجموعة اليورو، حصول هكذا اجتماعات، بينما لم تنف أو تؤكد ذلك وزارة المالية الفرنسية. موقع «شبيغل أون لاين» أضاف أن الحكومة اليونانية أعربت عن احتمال عودتها إلى عملتها الأصلية (الدراخما)، لكن الحكومة اليونانية نفت أي خطة من قبلها للتخلي عن اليورو.

وفي البرتغال، عرفت البلاد فشلا نسبيا لإضراب تمت الدعوة إليه من قبل الاتحادات العمالية لينفذ الجمعة الماضية، من أجل الاعتراض على خطة الإنقاذ الاقتصادي التي أقرتها الحكومة البرتغالية في إطار الاتفاق المالي الذي وقعته مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. والاتفاق يلزم البرتغال بفترة تقشف مدتها ثلاث سنوات تجمد خلالها رواتب العاملين في القطاع العام.

ويرى البعض من المراقبين في أوروبا أن خبر اتفاق الحكومة البرتغالية مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي على تنفيذ خطة تقشفية صارمة مقابل مساعدات مالية بقيمة 78 مليار يورو، على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، وقع كالصاعقة على البرتغاليين. وهذه الخطة تفرض عليهم شد الأحزمة على البطون، وتحمّل تضحيات قاسية تؤدي إلى انخفاض كبير لمستوى معيشتهم. ودعا وزير المالية البرتغاليين إلى بذل جهود لإنقاذ البلاد من أزمتها. ولا يبدو أن أحزاب المعارضة قادرة على اقتراح أحسن من ذلك في خضم حملة الانتخابات التشريعية المسبقة التي ستجرى في الخامس من شهر يونيو (حزيران).

وذكّر رئيس بعثة المفوضية الأوروبية يورغن كروغر المعارضة، بعد المشاورات التي أجراها معها، بضرورة التزامها بتنفيذ برنامج الإصلاحات بحذافيره، فيقول «يجب أن يكون واضحا خلال الحملة الانتخابية الجارية أن الحكومة المقبلة يتعين عليها تحمل المسؤولية إزاء برنامج الإصلاح وتطبيق بنوده». وخطة الإنقاذ المالي تهدف إلى تقليص عجز الميزانية البرتغالية من نحو 6 في المائة حاليا إلى 3 في المائة عام 2013، ويسهم الاتحاد الأوروبي في تمويلها بـ52 مليار يورو. ويتكفل صندوق النقد الدولي بتوفير 26 مليارات يورو. وإقرار خطة الإنقاذ بجميع تفاصيلها سيجري في السادس عشر من الشهر الحالي، بحضور وزراء مالية الاتحاد الأوروبي.

أما في برلين، فقد أكدت وزارة الاقتصاد الألمانية أن الحالة الاقتصادية في البلاد مستمرة وقوية. وأوضحت الوزارة في تقريرها الشهري أنه بعد تراجع الطلبات على الصناعة الألمانية خلال شهري فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين من خارج ألمانيا، خاصة من دول شمال أفريقيا نتيجة الأحداث الجارية هناك، إلا أن هذه الطلبات قد عادت بالتدفق من منطقة شمال أفريقيا باستثناء ليبيا. وأضافت أن نسبة الطلبات من الشمال الأفريقي وصلت خلال الشهرين المذكورين إلى 1.9 في المائة، بتراجع بنسبة تصل إلى 5 في المائة عن الشهرين المذكورين من عام 2010 الماضي. وأكدت الوزارة أن تدفق الطلبات شملت جميع قطاعات الصناعة، ومؤخرا في استونيا ارتفع معدل التضخم في البلاد بنسبة سنوية بلغت 5.4 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي بعدما سجل في مارس نسبة بلغت 5.2 في المائة. وأفاد مكتب الإحصاء في استونيا بأنه بالمقارنة مع أبريل من العام الماضي فإن المؤشر تأثر أساسا بزيادة الأسعار بنسبة 12.3 في المائة للأغذية والمشروبات، وبذلك تجاوز معدل التضخم في استونيا المتوسط الحالي في منطقة اليورو البالغ 2.8 في المائة.