الصين والولايات المتحدة تحاولان إصلاح علاقاتهما الاقتصادية

قيمة العملة الصينية إحدى نقاط الخلاف الكبيرة بين البلدين

TT

عندما تتقارب الصين والولايات المتحدة، يصغي العالم. ومؤخرا، كانت هناك لهجة أكثر ودا بين العملاقين العالميين، لكن لا تزال هناك الكثير من الصراعات في انتظار الجولة الثالثة من حوارهما الاستراتيجي والاقتصادي الذي يبدأ اليوم (الاثنين) في العاصمة الأميركية واشنطن.

وتعد الدولتان بمثابة الناقلتين العملاقتين للاقتصاد العالمي، ومثل السفن الضخمة جدا التي تمخر عباب المحيط، فإن تصحيح المسار ليس بالأمر الهين دائما.

ومؤخرا، انساب إجراء غير مألوف من الإطراء من جانب الولايات المتحدة، وفى المقدمة بسبب سياسة العملة الصينية المثيرة للجدل. ولا يعني هذا أن واشنطن تشعر بالرضا، فمن ناحية أخرى، سمحت الصين لنفسها بأن تنسحب بصورة متزايدة إلى القارب الدولي - لكنها تضع حدا واضحا فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فعندما يبدأ أكبر اقتصادين في العالم اجتماعهما اليوم، فإنهما سيواصلان إصلاح موقع التشييد الثنائي الخاص بهما.

وسيتحدث من الجانب الأميركي وزير الخزانة تيموثي جيثنر ووزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون. وترسل بكين نائب رئيس الوزراء وانج كويشان وعضو مجلس الدولة الصيني وانج بينج قو. ومن المقرر أن يلتقي الوفد الصيني بالرئيس الأميركي باراك أوباما. وبدا جيثنر مؤخرا شبه متفائل بالتغير الكبير بين البلدين. وقال إنه «على مدار العامين الماضيين، شاهدنا بدايات تحولات واعدة في السياسة الاقتصادية في الصين التي لديها إمكانات على تحقيق استفادة الصين والولايات المتحدة والعالم أجمع».

ومنذ يونيو (حزيران) 2010، تزايدت قيمة العملة الصينية اليوان مقابل الدولار بما يربو على 5 في المائة، كما خففت بكين من قبضتها نوعا ما على التحكم في تدفق رأس المال، وتحاول تحفيز الطلب المحلي على المنتجات.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وقع الجانبان خلال زيارة الرئيس الصيني هو جينتاو، للولايات المتحدة، صفقات كبيرة بمليارات الدولارات. لكن وزير خزانة إدارة أوباما لم ينس استخدام لهجة الوعيد بعد أن استخدم عبارات الإطراء، قائلا إن العملة الصينية لا تزال «أقل من قيمتها بصورة كبيرة»، لكن سيكون الأمر أفضل حالا إذا التزم «هو» بتعهده بشأن حماية أفضل لحقوق الملكية الفكرية.

وقال «بالطبع نأمل ونتوقع أن نشهد تقدما متواصلا في تنفيذ تلك التعهدات بصورة فعالة». كما ذهب وزير التجارة الأميركي جاري لوك، الذي رشح ليكون السفير الأميركي المقبل في بكين، بعيدا في هجومه على بكين قائلا إن الشركات الأميركية لا تزال تجد صعوبة أكبر في ممارسة أعمال تجارية في الصين، مقارنة بما تجده الشركات الصينية عند ممارسة أعمال تجارية في الولايات المتحدة.

وقال لوك إن «هذا الاختلال في الفرص هو عائق كبير أمام تحسين متواصل للعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين». ولا تشعر بكين بالرضا التام تجاه القضايا التجارية. ويرد نائب وزير المالية الصيني تشو قوانج ياو قائلا إنه «في ظل مواصلة الحكومة الأميركية طلب تحسين إمكانية وصول شركاتها للسوق الصينية، فإننا الآن نتقدم بطلب مماثل نيابة عن الشركات الصينية».

الاستراتيجية الأميركية واضحة للغاية. ستكون هناك تنازلات فقط إذا كانت بكين، أكبر دائني الولايات المتحدة، مستعدة للتحرك، وفقا لما قاله جيثنر في الأسبوع الماضي. إلا أن أضواء التحذير الصينية تومض عند ذكر حقوق الإنسان.

وقال نائب وزير الخارجية الصيني كوي تيانكاي في بكين «نأمل بألا تكرس الولايات المتحدة جهدا كبيرا للقضايا الفردية التي تتعلق بانتهاكات القانون الصيني».

لكن الوفد الصيني سيجد صعوبة بالغة في تجنب القضية خلال زيارته التي تستغرق يومين لواشنطن. وتمارس الصين أسوأ عملية قمع منذ أواخر فترة التسعينات من القرن الماضي. واعتقل عشرات النشطاء المدنيين والمحامين منذ مطلع العام الحالي، وبينهم الفنان آي وي وي.

واحتجت وزارة الخارجية الصينية، خلال حوار حقوق الإنسان السنوي بين الولايات المتحدة والصين في أواخر أبريل (نيسان) الماضي، على الولايات المتحدة لتدخلها في قضايا محلية تحت ذريعة حقوق الإنسان.

وقد تكون الصين تستعرض عضلاتها، ولكن واشنطن تريد تجنب أي مظهر من مظاهر كونها الشريك الأصغر، في ظل اقتصادها الراكد والديون الضخمة التي تدين بها لبكين.

وقال الاقتصادي إسوار براساد ذو التوجه اليساري، من «معهد أبحاث بروكينجز»، إنه «من خلال أفعالها وكلماتها، أشارت إدارة أوباما إلى أنها ترغب في التعامل مع الصين على قدم المساواة، ولن تنسحب من الصراع حين تشعر بأن الصين تفسد القواعد الراسخة المعمول بها في اللعبة».