أرصدة «ساما» اقتربت من نصف تريليون دولار وإيداعات البنوك السعودية تجاوزت تريليون ريال

الحكومة والبنوك التجارية في وضع متميز لتمويل مشاريع التنمية في السعودية

الأرصدة الأجنبية للسعودية قفزت بنسبة 11% إلى مستوى قياسي (أ.ف.ب)
TT

تتوفر لمؤسسة النقد السعودي (ساما) والبنوك التجارية السعودية فرصة متميزة هذا العام لتمويل مشاريع التنمية في السعودية، حيث قفزت الأرصدة الأجنبية لـ«ساما» في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي إلى 1.73 تريليون ريال (نحو 460.98 مليار دولار) فيما ارتفعت إيداعات البنوك التجارية في السعودية إلى أكثر من تريليون ريال لأول مرة، تحديدا 1.04 تريليون ريال. جاء ذلك في أحدث رصد أصدره البنك السعودي الفرنسي حول النقد والكتلة النقدية في السعودية.

وحسب رصد البنك السعودي الفرنسي الصادر أخيرا، ارتفع المعروض النقدي السعودي بنسبة 13.8% إلى أعلى مستوياته في 20 شهرا في مارس الماضي، كما ارتفعت الإيداعات البنكية في السعودية بنسبة 13.3% إلى تريليون ريال مدفوعة في هذا الارتفاع بصرف الحكومة السعودية حوافز المرتبات للموظفين التي أقرها خادم الحرمين الشريفين. وقال مصرفيون إن هذه الحوافز التي رفعت من السيولة السعودية سترفع الضغوط التضخمية في الأجل القصير. ووفقا لإحصائيات مؤسسة النقد السعودي (ساما) التي ذكرها البنك، فإن الأرصدة الأجنبية للسعودية قفزت بنسبة 11% إلى مستوى قياسي بنهاية شهر مارس، مستفيدة من تحسن أسعار النفط والتوظيف الحريص لـ«ساما» الذي قلل مخاطر الاستثمارات السعودية في الخارج. وقال البنك السعودي الفرنسي في رصده الأخير لتطورات النقد والسياسة النقدية السعودية إن القروض البنكية للقطاع الخاص السعودي ارتفعت بنسبة 6.5% إلى أعلى مستوياتها في 22 شهرا.

وقال التقرير إن تكلفة مبادرة خادم الحرمين لدعم المواطن السعودي على الخزينة السعودية تقدر بنحو 485 مليار ريال خلال السنوات المقبلة، بما في ذلك خطط رفع المرتبات والحوافز وإعانات العاطلين عن العمل وبناء مساكن جديدة وإنشاء وظائف للعاطلين. وقدر البنك في رصده أن توزيعات الحوافز أضافت إلى الإنفاق الحكومي في الربع الأول نحو 53 مليار ريال. مشيرا في هذا الصدد إلى أن صرف الحوافز رفع من معدلات القوة الشرائية للمواطنين والمقيمين في المملكة. وكانت انعكاسات صرف الحوافز ظاهرة في زيادة حجم المعروض النقدي والإيداعات البنكية. وقال إن حجم النقود المتداولة خارج البنوك والإيداعات تحت الطلب وفي حسابات الادخار لدى البنوك ارتفعت بمعدل 14.9%، وهو أعلى معدل لها منذ يونيو (حزيران) عام 2009. وقدر البنك في رصده أن حجم المعروض النقدي في السعودية المكون من السيولة النقدية في البنوك والسيولة النقدية لدى الأفراد ارتفعت بمعدل 24.7% في مارس الماضي إلى 276.1 مليار ريال. وقال إن النمو في حجم الأموال الخاصة انعكس في حجم النمو في الإيداعات البنكية التي نمت بنسبة 13.3 إلى 1.04 تريليون ريال في مارس الماضي مقارنة مع حجم الإيداعات في نفس الشهر من العام الماضي. وذكر في هذا الصدد، أن المودعين في السعودية يفضلون الإيداعات في الحسابات الجارية على حسابات الادخار، لأن الإيداعات الجارية يمكن السحب منها بسهولة وكذلك لأسباب منها أن نسبة الفائدة التي تمنحها البنوك التجارية على الادخار ضئيلة ولا تشجع المدخرين. وقدر أن الإيداعات تحت الطلب تشكل حاليا نسبة 55.5% من إجمالي الإيداعات. مقارنة مع معدلها البالغ 42% من إجمالي الإيداعات في عام 2009. ولكن البنك حذر في رصده من ارتفاع التضخم في المدى القصير بسبب زيادة الاستهلاك المحلي، خاصة في مشتريات مثل السيارات والمعدات الكهربائية. وأشار في هذا الصدد إلى أن معدل التضخم انخفض في شهر فبراير (شباط) إلى 4.9%، وهو أدنى مستوى له خلال 10 أشهر ولكنه توقع أن يعود التضخم إلى الارتفاع خلال الشهور المقبلة بسبب النمو الكبير في الكتلة النقدية وأسباب أخرى من بينها ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا وارتفاع أسعار الإيجارات إضافة إلى ضعف الدولار. ويذكر أن الدولار هو العملة التي يباع بها النفط عالميا، وبالتالي فإن جل دخل المملكة من الصادرات مقيم بالدولار. وتوقع البنك أن يرتفع معدل التضخم بالسعودية في المتوسط إلى 5.6% هذا العام مقارنة بمتوسطه السنوي في العام الماضي البالغ 5.1%. ولاحظ الرصد أن حجم المشتريات في المملكة شهد ارتفاعا بنسبة 22.6% في شهر مارس إلى 7.7 مليار ريال مقارنة بالشهر السابق له.

وعلى صعيد القروض البنكية قال البنك إن حجم الإقراض البنكي للقطاع الخاص سجل ارتفاعا متواضعا من حيث العدد وحجم الصفقات. وباستبعاد عمليات الاستثمار في الأسهم، فإن حجم القروض إلى القطاع الخاص نمت بمعدل 6.5% في مارس إلى 763.93 مليار ريال في مارس. ورغم أن هذا النمو متواضع، فإنه يعتبر النمو الأسرع في حجم الإقراض البنكي للقطاع الخاص منذ مايو (أيار) عام 2009. ولا يزال هذا النمو أقل من 10%، المعدل الذي شهده قبل الأزمة المالية العالمية. وأشار في هذا الصدد إلى أن القروض البنكية إلى شركات القطاع العام نمت بمعدل 5.8% في مارس الماضي مقارنة بشهر فبراير.

وعلى صعيد النفط قال البنك إن ظروف أسواق الطاقة العالمية التي رفعت أسعار النفط وفرت فرصة متميزة للحكومة السعودية لتمويل الزيادة في الإنفاق والتي توقع لها أن تصل نسبتها 45% من الإنفاق المستهدف في الميزانية. وقال إن حجم الأرصدة الأجنبية لدى مؤسسة النقد السعودي (ساما) نما في شهر مارس بنسبة 3.8% إلى 1.73 تريليون ريال (نحو 460.98 مليار دولار). وقال إن هذا الرصيد الأجنبي يعتبر رقما قياسيا مقارنة بالأرقام التي أعلنت عنها «ساما» في العام الماضي للرصيد الأجنبي، حيث يمثل نسبة ارتفاع معدلها 10.9%. ولاحظ البنك أن «ساما» عظمت من رصيدها الأجنبي عبر الاستثمار في الأدوات المالية قليلة المخاطر، سواء كانت تلك الأدوات قصيرة الأجل أو طويلة الأجل. وقال إن البنوك السعودية التي تدفقت عليها السيولة من الزبائن تمكنت من زيادة أرصدتها بالعملات الأجنبية هي الأخرى، حيث ارتفعت في شهر مارس بنسبة 10.4% إلى 127.1 مليار ريال، فيما ارتفعت إيداعاتها مع البنك المركزي السعودي (ساما) بمقدار الثلث إلى 95.1 مليار ريال، وهو المعدل الأعلى منذ أكثر من عام. وقال إن البنوك السعودية استفادت من هذه الظروف المواتية حيث رفعت من ربحيتها بنسبة 9.6% في المتوسط مقارنة بالعام السابق. وعزا ذلك الارتفاع في أرباح البنوك التجارية السعودية إلى التحسن في ظروف الإقراض وانخفاض الأموال المرصودة لتغطية القروض المعدومة أو تلك المشكوك في تحصيلها.