اليونان: خطة الإنقاذ من الإفلاس تحتاج إلى إنقاذ

صندوق النقد والاتحاد الأوروبي بدآ عمليات مراجعة لوضعها المالي

رئيس الوزراء اليوناني في أعقاب اجتماع الانقاذ في أثينا أمس (رويترز)
TT

بدأ خبراء من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي أمس فحصا للشؤون المالية المتداعية لليونان، وسط تقارير باحتمال وصول حزمة إنقاذ مالي جديدة لليونان الشهر القادم على أقرب تقدير. وتأتي الزيارة بعد عام من إنقاذ البلاد من الإفلاس بتقديم قروض بقيمة 110 مليارات يورو (159 مليار دولار). وفي ضوء مواجهة وضع يتمثل في ضعف الإيرادات وتنامي توقعات السوق بحتمية إعادة هيكلة الديون، سوف يفحص المفتشون مدى قدرة خطط الحكومة اليونانية على توفير نحو 23 مليار يورو خلال السنوات الثلاث القادمة، ومبلغ إضافي بقيمة 3 مليارات يورو هذا العام من أجل تعويض الإيرادات التي جاءت أضعف من المتوقع.

ويتوقف تقديم الشريحة الخامسة من القرض والبالغة قيمتها 12 مليار يورو على المراجعة الأخيرة، لكن اليونان حتى الآن تكافح من أجل الوفاء بأهدافها بخفض عجز الموازنة بسبب الركود الذي كان أشد مما كان متوقعا. كما سيفحص المفتشون ما إذا كانت حزمة الإنقاذ المالي الحالية كافية بما يمكن أثينا من العودة إلى الأسواق مجددا عندما تنتهي القروض في عام 2013، وهو سيناريو يستبعده الكثير من المستثمرين من وجهة نظرهم. وقالت تقارير في أثينا أمس إن الحكومة سوف تتلقى حزمة مساعدات جديدة بما يقرب من 60 مليار يورو الشهر المقبل. ومن المقرر أن يبحث وزراء مالية دول منطقة اليورو يوم السادس عشر من الشهر الحالي ما إذا كانت اليونان في حاجة إلى مساعدة اقتصادية أخرى. وتسعى أثينا إلى جمع 1.25 مليار يورو (1.8 مليار دولار) في شكل أذون خزانة، وسيكون هذا التمويل عاملا حاسما غدا في رؤية الأسواق لمستقبل اليونان. وخلال الأشهر القليلة الماضية شهدت المزادات عمليات اكتتاب أكبر من المعروض، لكن كانت الأذون بعوائد مرتفعة نسبيا.

وتزايدت حالة السخط العام مع عزم نقابات العمال تنظيم إضراب عام لمدة 24 ساعة اليوم الأربعاء، وستتعرض حركة النقل العام للاضطراب بينما ستظل السفن راسية في الموانئ في كل أنحاء البلاد. وسوف تعمل المستشفيات بأطقم الطوارئ بينما سيتم إغلاق المدارس ومصالح الضرائب والدور الحكومية طيلة اليوم. كما أن بعض الرحلات الجوية ستتعرض لإرباك في أنحاء اليونان بعد أن أعلن ضباط المراقبة الجوية الذين كانوا يخططون في البداية لإضراب مدته 24 ساعة أنهم سيوقفون العمل لمدة أربع ساعات عند ظهر اليوم الأربعاء.

إلى ذلك خفضت وكالة الائتمان المالي «ستاندارد أند بورز» أول من أمس نقطتين في تصنيف اليونان بسبب تزايد احتمال إعادة جدولة ديونها، محذرة من تخفيض إضافي أيضا، وأعلنت الوكالة تخفيض تصنيف الديون على المدى الطويل لليونان إلى درجة «بي» مقابل «بي بي» سابقا، ما يضع اليونان في فئة المدينين الأقل مصداقية، كما خفضت تصنيف ديونها على المدى القصير إلى «سي» مقابل «بي» سابقا.

ورفضت وزارة المالية اليونانية قرار وكالة الائتمان بخفض تصنيفها درجتين، واصفة القرار بأن لا شرعية له، ومعتبرة أنه لا يستند إلى أي معلومة جديدة أو قرار يفاقم وضع اليونان، وفي بيان للوزارة جاء فيه أن هذا التخفيض يأتي في فترة لم تسجل فيها أي معلومة جديدة أو قرار يفاقم وضع اليونان منذ التقييم الأخير قبل شهر لوكالة التصنيف، ولا بد أن قرارات وكالات التصنيف المالي يجب أن تستند إلى عناصر وقرارات وتقييم حقيقي لمعطيات كل اقتصاد، وفي حال العكس فإنه مشكوك بشرعيتها، وفقا للوزارة.

من جانبه أعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أن عزم اليونان على الخروج من أزمتها الطاحنة بشأن الديون يتنامى مع هجمات المضاربين ضد الاقتصاد الوطني لليونان واليورو، مؤكدا على الإرادة القوية للحكومة لمكافحة الفساد في اليونان، مع انتقاده أيضا للفساد داخل النظام المالي العالمي، الذي تسبب في اندلاع الأزمة المالية العالمية.

في غضون ذلك تضاربت تصاريح وزير المالية اليوناني جورج باباكونستنتينو، حيث نفى نهائيا الحديث حول احتياج بلاده إلى قرض جديد من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي، وقال: «أي شي حول موضوع الاقتراض مجددا غير صحيح»، ونفت وزارة المالية اليونانية في بيان رسمي ما ذكره تقرير وكالة «داو جونز» الإخبارية المتعلق بتلقيها حزمة إنقاذ بقيمة 60 مليار يورو، في حين كانت تصاريح وزير المالية قبل يوم فقط أن البلاد أمام خيارين: إما الاستدانة من الأسواق المالية، وإما الاستفادة من قرار أوروبا الأخير الذي يسمح للصناديق الأوروبية بشراء السندات اليونانية.

إلى ذلك استطاعت اليونان أمس الثلاثاء بيع أذون خزانة لأجل 26 أسبوعا، بقيمة إجمالية بلغت 1.625 مليار يورو، بمتوسط عائد بلغ 4.88 في المائة وبتغطية ناهزت 3.58 مرة، ودفع ذلك العائد على السندات اليونانية لأجل سنتين إلى التراجع بـ83 نقطة أساس إلى 24.78 في المائة، في حين هبط العائد المستحق على سندات 10 سنوات بـ30 نقطة أساس إلى 15.41في المائة.