إدانة إمبراطور صناديق التحوط قد تكشف مزيدا من الأسرار «المخبأة» في وول ستريت

الملياردير الأميركي راج راجاراتنام متهم بالاحتيال

TT

اعترف مانوشا كاروناتيلاكا بأنه كان قد سرب تفاصيل عن شركته إلى عملاء إحدى شركات شبكات الخبرة. ومع ضمان الحكومة إدانة راج راجاراتنام، الذي يعمل في «مجموعة غاليون» أول من أمس الأربعاء، سوف ينقل مدعون فيدراليون تركيزهم إلى شبكات الخبرة، وهي الشبكة المعقدة لمديري المال ومسؤولين تنفيذيين تجاريين واستشاريين إلى مركز موجة أخرى من قضايا بيع وشراء سندات تجارية بشكل غير قانوني اعتمادا على معلومات غير متاحة للعامة.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، حققت وزارة العدل في العشرات من قضايا شراء وبيع السندات التجارية بشكل غير قانوني. وقد تسبب جهود الحكومة في انتشار مشاعر الخوف داخل أروقة صناعة صناديق التحوط، ولدى المستثمرين المؤثرين الذين ظهروا بشكل بارز في تحقيق ببورصة «وول ستريت».

وقد سارت الملاحقات القضائية بشكل أساسي على مسارين؛ وهما مجموعة قضايا كانت تستهدف راجاراتنام، مؤسس «مجموعة غاليون»، وكادر العارفين التجاريين وخبراء الاستثمار الذين استمد منهم معلومات سرية. واشتملت المجموعة الأخرى على شركات شبكات الخبرة بالإضافة إلى وسطاء بورصة وول ستريت الذين يربطون مستثمرين كبارا مع خبراء خارجيين.

وفي كثير من الاتهامات التي ترتبط بشبكات الخبرة، تدعي السلطات أن مديري صندوق التحوط دفعوا للاستشاريين الخارجيين رسوما كبيرة من أجل توفير معلومات غير متاحة للعامة. وقد أدانت الحكومة أيضا مسؤولين تنفيذيين في شركات شبكة الخبرة، وهم الأشخاص الذين توسطوا في تحقيق هذه الروابط، مع تسهيل تبادل نصائح غير قانونية عن الأسهم عن سابق دراية وقصد.

ويقول المدعون العموميون إنهم يسعون في كثير من الأحوال للحصول على معلومات وشيكة عن شركات التقنية الكبرى مثل شركتي «آبل» و«ديل»، التي يمكن أن تتغير أسعار أسهمها بسرعة بفعل حكايات عن الأداء المالي والمنتجات المقبلة. وخلال أول من أمس (الأربعاء)، أقر «مانوشا كاروناتيلاكا»، مدير الحسابات السابق في شركة «سيميكونداكتور» الصناعية التايوانية بذنبه في قضية شراء أسهم بطريقة غير قانونية، واعترف بأنه كان يفتقر للتفاصيل بشأن مبيعات الشركة وطلبات الشحن لعملاء شركة «برايمري غلوبال ريسيرتش» وهي شركة شبكات خبرة. وقال كارلو في دي فلوريو، مدير الانضباط، في لجنة الأوراق المالية والبورصة: «ترسل القضايا إشارة جيدة على أن الشركات تحتاج إلى أن تبقى حذرة».

وكان التحقيق في قضايا عمليات البيع والشراء غير القانونية للأسهم قد ترك تأثيرا كبيرا على صناعة شبكات الخبرة، التي تكافح للحفاظ على موقع عملائها في بورصة «وول ستريت». ولخوفها من تورطها في فضيحة، قللت الشركات المالية الكبرى من استخدام شبكات الخبرة التابعة لها ومراجعة سياساتها الداخلية فيما يتعلق بالاستشاريين الخارجيين. وخلال العام الماضي، انخفضت الأرباح في هذه الشركات بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 في المائة، وفقا لجهاز أبحاث النزاهة، الذي يتابع هذه الصناعة.

وقال مارك إي إلوفيتز، وهو محام في شركة «شولت روث & زابيل» التي تمثل بعضا من أكبر شركات إدارة الأصول في الولايات المتحدة: «يدرس المديرون هذه الشكاوى بعناية، ويقولون: «حسنا، ما الذي يمكن أن نفعله لكي نتأكد من أننا لن نفعل أي شيء مثل ذلك؟». وقد تطورت صناعة شبكات الخبرة بعدما سنت لجنة الأوراق المالية والبورصة قانون «لائحة الكشف النزيه عن المعلومات» في عام 2000. وهذا القانون الذي يمنع الشركات العامة من الكشف عن «معلومات ومواد غير عامة لأشخاص أو كيانات معينة» وهو ما يجعل تبادل المسؤولين التنفيذيين التجاريين للمعلومات مع أطراف معينة فقط عملا غير قانوني. وبسبب افتقادهم لنظام التوصيل الحصري هذا، بدأ بعض المستثمرين الكبار في الاعتماد على شبكات الخبرة من أجل تكملة الموارد التقليدية للبحث.

والآن، تبعد بورصة وول ستريت نفسها عن هذه الصناعة. وقد علقت صناديق التحوط التالية وهي «صندوق بالياسني لإدارة الأصول» و«صندوق شركاء الألفية» و«شركة أوتش زيف لإدارة رأسمال المال» استخدامها لهؤلاء الاستشاريين، وفقا لأشخاص مقربين من الشركة لم يكونوا مفوضين للتحدث علانية عن هذا الأمر.

وتعكف شركات أخرى حاليا على تعديل قواعدها. وقد حدت شركة «كريديت سوسيه» من استخدام شبكات الخبرة في أقسام معينة. وصاغت شركة «مورغان ستانلي» سياسة موسعة في الشركة تحد بشكل فعال من استخدامها، وفقا لشخص مطلع على الوضع لم يكن مفوضا للتحدث علانية.

وتحظر بعض صناديق التحوط استخدام الاستشاريين الذين يعملون في الشركات التي تتاجر بشكل علني، بينما تشجع صناديق أخرى مسؤولي الانضباط على مراقبة المحادثات الهاتفية بشكل عشوائي. وقد حاولت السلطات الفيدرالية تخفيف القليل عبر تفريقها بين اللاعبين الشرعيين واللاعبين السيئين. وخلال شهر مارس (آذار)، ذكر بريت إس بهارارا، وهو محام في مدينة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية أنه لم يكن هناك «أي شيء خاطئ أو سيئ بطبعه فيما يتعلق بصناديق التحوط أو شركات شبكات الخبرة أو أبحاث السوق المشاكسة فيما يتعلق بهذا الأمر».

وقد قدمت هذه البيانات قدرا محدودا من التطمينات. وقد حركت العديد من الشركات المالية، التي لا تزال تستخدم شبكات الخبرة، أعمالها التجارية إلى أكبر الشركات التي تنفذ تطبيقات الالتزام والإذعان الراسخة.

وقال روبرت ويسبيرغ، أستاذ القانون الجنائي في جامعة ستانفورد: «إذا بقيت هذه الصناعة المحدودة، فسوف يتعين عليها أن تتوهج بالفضيلة والاستقامة، وهو ما يعني تطبيق الكثير من التنظيم الذاتي». ولكن النظم الشاملة لفحص الاستشاريين المتمرسين وتدريب الموظفين والحفاظ على قواعد بيانات واسعة تتطلب رأسمال وموارد بشرية كبيرة. وتوظف مجموعة «غيرسون ليرمان»، اللاعب الأكبر في هذه الصناعة والتي تحظى بنسبة 60 في المائة تقريبا من هذه الصناعة، موظفي انضباط بدوام كامل قوامهم نحو 20 شخصا.

ويعتبر الانضباط والالتزام عبئا ثقيلا بالنسبة للاعبين الأصغر. وهناك نحو 40 شركة شبكات خبرة فقط في الولايات المتحدة، وفقا لجهاز أبحاث النزاهة، ويحقق عدد قليل منهم فقط أرباحا سنوية تزيد على 40 مليون دولار. وبالنظر إلى التكاليف المرتبطة بالانضباط، توقع البروفسور ويسبيرغ أن عددا كبيرا من الشركات الأصغر سوف يتعين عليها أن تتعاون مع إخوتها الأكبر أو أن تغلق أبوابها.

وذكر دي فلوريو أن لجنة الأوراق المالية والبورصة كانت توجه اهتماما أكبر للانضباط مقارنة بشبكات الخبرة. وقال دي فلوريو: «تعتقد الشركات أن مشرعين مثل لجنة الأوراق المالية والبورصة تسلط أجهزة الرادار الخاصة بها على ممارسات بيع وشراء الأسهم والسندات بشكل غير قانوني، ونحن نسعى لأن نرى أنها تطبق التزاما تشريعيا فعالا وبرامج لإدارة المخاطر».

وبدأت عدة ولايات، تستخدم صلاحيات مثل قانون «دود - فرانك» لضبط صناديق الاحتياط، في استعراض قواعد جديدة لإدارة هذه الصناعة.

وخلال فترة مبكرة من الشهر الحالي، اقترح ويليام إف غالفين، كبير المشرعين الماليين في ولاية ماساتشوستس، تشريعات لإجبار المستشارين الاستثماريين على الحصول على شهادة من استشاريي شبكات الخبرة بأنهم لن يقدموا أي معلومات سرية.

وقال غالفين: «أود أن يؤدي هذا إلى التعامل بحساسية أكبر في هذه الصناعة وأن يشعر المستثمرون أنهم لا يمكنهم ببساطة شراء معلومات غير علنية عن الأسهم والسندات. وسوف نكون مشاكسين فيما يتعلق بهذا الأمر لأكبر قدر ممكن».

* ساهم عزام أحمد في كتابة هذا التقرير وبيتر فولي من بلومبيرغ.