أوباما: الاقتصاد الأميركي قد يستغرق عدة سنوات ليتعافى بشكل كامل

طلب مساعدة الشركات والبنوك.. وحثها على زيادة التوظيف

الرئيس الأميركي أوباما
TT

حث الرئيس الأميركي باراك أوباما الشركات على تعيين موظفين والبنوك والمؤسسات الأخرى على بذل المزيد لمساعدة اقتصاد قال عنه إنه سيستغرق «عدة سنوات» ليتعافى بشكل كامل. وقال أوباما في اجتماع نظمته شبكة «سي بي إس» الإخبارية أول من أمس إن سوق الإسكان الضعيفة وارتفاع أسعار البنزين يشكلان أكبر عقبة أمام الاقتصاد. وقال في تصريحات أذيعت أمس «علينا أن نفعل المزيد لحث الشركات على الاستثمار والتعيين. سيستغرق الأمر عدة سنوات لنصل إلى ما نريد تحقيقه».

وتسعى إدارة أوباما إلى وسائل لتمديد برامج لمساعدة المواطنين الذين يواجهون صعوبات في سداد الرهونات العقارية للمنازل التي تكلفهم أكثر من قيمتها الحقيقية. وقال أوباما «سنواصل العمل مع الكونغرس لنرى ما إذا كان يمكننا أن نقترح مزيدا من القوانين لتشجيع تعديلات القروض طويلة الأمد. نحاول التوسع في برنامج تعديل القروض ليشمل مزيدا من المواطنين».

يأتي هذا فيما أفاد تقرير حكومي أمس بأن طلبات إعانة البطالة الأميركية تراجعت بشكل حاد في الأسبوع الماضي بعد زيادة كبيرة مفاجئة في الأسبوع الذي سبقه. وقالت وزارة العمل إن الطلبات الجديدة للحصول على إعانة البطالة الحكومية تراجعت 44 ألفا إلى 434 ألفا بعد تعديل لأخذ العوامل الموسمية في الحسبان في الأسبوع المنتهي في السابع من مايو (أيار) الجاري. وكان المحللون يتوقعون أن تتراجع الطلبات إلى 430 ألفا. وأظهرت البيانات المعدلة للأسبوع المنتهي في 30 أبريل (نيسان) زيادة قدرها 47 ألفا في طلبات إعانة البطالة لتصل إلى 478 ألفا بسبب بطالة نحو 25 ألف عامل في نيويورك خلال عطلة الربيع. وزاد متوسط طلبات إعانة البطالة في أربعة أسابيع وهو مؤشر أفضل للاتجاهات الأساسية لسوق العمل 4500 طلب إلى 436750 طلبا وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني). من جهة أخرى سجلت مبيعات التجزئة الأميركية أصغر زيادة في تسعة أشهر في أبريل الماضي، إذ أدى ارتفاع أسعار الغذاء والبنزين إلى جذب الأموال بعيدا عن مجالات أخرى. لكن مراجعة بيانات شهر مارس (آذار) بالرفع تشير إلى أن إنفاق المستهلكين في الربع الأول ربما كان أقوى مما كان يعتقد من قبل. وقالت وزارة التجارة أمس إن إجمالي مبيعات التجزئة زاد بنسبة 0.5 في المائة مسجلا عاشر ارتفاع شهري على التوالي. وعدلت بيانات مبيعات التجزئة في مارس بالرفع إلى 0.9 في المائة من 0.4 في المائة من قبل. وتشير البيانات إلى أن إنفاق المستهلكين الذي يمثل نحو 70 في المائة من إجمالي النشاط الاقتصادي الأميركي سيبدأ في التحسن ببطء في الربع الثاني، إذ إن ميزانيات الأسر ما زالت تتعرض لضغوط من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. ونما إنفاق المستهلكين بمعدل 2.7 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من 2011 من 4.0 في المائة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) وفقا للتقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي التي أصدرتها وزارة التجارة الشهر الماضي.

ويزداد العجز التجاري في أول اقتصاد عالمي على الرغم من أن سعر صرف الدولار الضعيف يفيد المصدرين الأميركيين والسياح الذين يزورون الولايات المتحدة. وفي مارس، ارتفع العجز التجاري إلى 2.48 مليار دولار. فمنذ الأزمة المالية في خريف 2008 التي انعكست سلبا على المبادلات التجارية الأميركية، لم يرتفع العجز حقا سوى في يونيو (حزيران) 2010 إلى 9.49 مليار. والأسباب معروفة منها فاتورة نفطية ضخمة وبرميل نفط لم يكن بهذا السعر المرتفع منذ عامين ونصف العام وحجم الواردات الكبير. ولا يعوض الفائض في قطاعي الزراعة أو الخدمات عن العجز الكبير. وقال كريس جونز من بنك «تي دي» الكندي إن «المسؤول عن تدهور الميزان التجاري هو ارتفاع سعر النفط وليس الصادرات الضعيفة». وهذه الصادرات تستفيد من سعر صرف الدولار الذي يتراجع أكثر فأكثر منذ ربيع 2010. ووفقا للعملات التي يقارن بها، كان الدولار في مارس تحت مستويات عام 1995 السنة التي قررت فيها واشنطن تحقيق هدفها بأن تكون «عملتها قوية». وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فسعر الدولار الضعيف سيحمل نظريا المستهلكين الأميركيين على شراء «منتجات محلية» بدلا من بضائع مستوردة أغلى ثمنا. وعلى أرض الواقع فإن هذه الآلية لا تعمل بشكل جيد. وقال ستيفن ريكيوتو من «ميزوهو سيكيوريتيز» إن «العجز ارتفع ليس فقط لأن نمو الصادرات تباطأ بل لأن وتيرة نمو الواردات تسارعت. هذا يعني أن قسما أكبر من عملية نهوض الاقتصاد يهدر في الخارج». على سبيل المثال اشترى الأجانب في مارس سيارات أميركية بقيمة 7.4 مليار دولار وهي أرقام ممتازة لشركات «جنرال موتورز» و«فورد» و«كرايزلر». لكن الولايات المتحدة استوردت في الوقت نفسه سيارات من اليابان وألمانيا بقيمة 3.5 مليار دولار رغم قوة الين واليورو. وبالتالي يبقى من الصعب أن نرى كيف يمكن للولايات المتحدة أن تشارك في إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي، كما تعهدت لدى شركائها في مجموعة العشرين. وقال جويل ناروف من «ناروف ايكونوميك ادفايزورز» بأن العجز مع الصين «لا يزال كبيرا ولن أستغرب إذا تجاوز في 2011 المستوى القياسي الذي سجله في 2010». ويرى صندوق النقد الدولي الذي ينصح مجموعة العشرين بعملية إعادة التوازن، أن خفض العجز التجاري يصب في المصلحة المشتركة للولايات المتحدة والعالم. وقال اوليفيي بلانشار، كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، لدى عرضه في أبريل التوقعات العالمية لهذه الهيئة، إن النمو الأميركي «يجب أن يأتي من تحسن رصيد الصادرات الصافي. يجب أن يحصل هذا الأمر لتكون الولايات المتحدة قادرة على تحقيق نمو دائم، ليس فقط هذه السنة بل السنة المقبلة وأيضا خلال السنوات الـ10 المقبلة». وتعتبر الحكومة الأميركية أن أداء الصادرات يظهر أن البلاد على الطريق الصحيح. وأشار وزير التجارة الأميركي غاري لوك في بيان إلى الرقم القياسي للسلع التي تم تصديرها في مارس (6.123 مليار دولار)، مذكرا بأنه «تعهد بالعمل لخفض الميزان التجاري». وأضاف «لقد انطلقنا انطلاقة جيدة» لبلوغ هدف الرئيس باراك أوباما بمضاعفة حجم الصادرات بين عامي 2009 و2014.