دول آسيا الغنية بالاحتياطيات تواصل شراء الدين الأميركي

رغم عدم ارتياحها للمعركة السياسية الدائرة في واشنطن بشأن الإنفاق العام

TT

لا ترى بلدان آسيا التي تمتلك احتياطيات أجنبية وفيرة أي خيار واقعي سوى مواصلة شراء أدوات الدين الحكومية الأميركية، رغم عدم ارتياحها للمعركة السياسية الدائرة في واشنطن بشأن الإنفاق العام.

وبحسب «رويترز»، أظهرت مقابلات مع صناع سياسة من عدد من البلدان الآسيوية - بينها اليابان والصين صاحبتا أكبر حيازات من الدين الأميركي - أن المسؤولين يخشون ألا يجيز المشرعون الأميركيون اقتراضا حكوميا إضافيا قبل بلوغ الحد الأقصى للدين وهو 14.3 تريليون دولار. لكنهم ما زالوا يرون أن ديون الخزانة الأميركية هي أكثر الرهانات أمانا، لا سيما في ظل الغموض الشديد الذي يكتنف أزمة الديون السيادية في أوروبا. ولم يقل أي من المسؤولين إن الخطط الاستثمارية ستتغير فورا حتى إذا لم يرفع الكونغرس سقف الديون هذا الأسبوع. وربما تبلغ الولايات المتحدة هذا السقف يوم الاثنين. وقد حذرت إدارة أوباما من عواقب «كارثية» إذا لم تتمكن الحكومة من سداد فواتيرها.

وقال نائب وزير المالية الياباني فوميهيكو ايجاراشي، لـ«رويترز»: «موقفنا لم يتغير في إدارة الاحتياطيات الأجنبية. الولايات المتحدة تستفيد أقصى استفادة من كون الدولار العملة الرئيسية للاحتياطي الأجنبي، وهذا الموقف لن يتغير على الفور». وأضاف «لكن لا شيء يدوم إلى الأبد في ظل الظروف السياسية والاقتصادية.. سنراقب التطورات (في الكونغرس) عن كثب».

وتمتلك اليابان ما قيمته 890.3 مليار دولار من أدوات الخزانة الأميركية حتى فبراير (شباط)، وهو آخر شهر أتيحت فيه بيانات الخزانة الأميركية عن الحيازات الأجنبية، ولا يتفوق عليها في قائمة أكبر الدائنين الأجانب إلا الصين. وقال ايجاراشي إن اليابان ينبغي أن تسعى لتنويع احتياطياتها لخفض تعرضها لأوراق الخزانة الأميركية، وقد تفعل ذلك بزيادة حيازاتها من الذهب أو زيادة النسبة التي تستثمرها في الأصول المقومة باليورو. لكنه أقر بأن تغيير المحفظة الاستثمارية سيكون «صعبا جدا.. لأن بيع سندات الخزانة الأميركية سيضر أصولنا». وتحدثت «رويترز» مع نحو عشرة من مسؤولي البنوك المركزية في آسيا، وأصر عدد منهم على عدم نشر اسمه لكي يتحدث بصراحة أكبر عن السياسات المالية الحساسة. وقال مسؤول في البنك المركزي الهندي على دراية مباشرة بالاستثمارات الخارجية «لا خيار أمامنا إلا الاستثمار في أدوات الخزانة الأميركية». وأضاف «نحن لا نفكر في الربحية. بالنسبة لنا الأمان يأتي أولا ثم السيولة وفي النهاية العائد». وتستثمر الهند نحو 55 إلى 60 في المائة من أصولها بالعملة الأجنبية التي تبلغ قيمتها نحو 300 مليار دولار في أوراق مالية أميركية. وقال المسؤول الهندي إن منطقة اليورو في حالة عدم يقين في الوقت الراهن، وهو ما يجعلها خيارا استثماريا أقل جاذبية. وأضاف أن هناك حيرة شديدة بشأن مصير اليونان التي قد تحتاج مزيدا من المساعدات بالإضافة إلى حزمة مساعدات العام الماضي.

ويمتلك مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) ما قيمته 1.44 تريليون دولار من أوراق الخزانة الأميركية حتى الرابع من مايو (أيار) الحالي، وهو رقم يفوق احتياطيات الصين الضخمة. لكن من المقرر أن ينهي المجلس برنامجا لشراء السندات بقيمة 600 مليار دولار الشهر المقبل. وقد تساءل بعض المستثمرين البارزين بشأن من الذي سيتدخل، لا سيما إذا لم يتمكن الكونغرس من رفع سقف الدين. وقال لورنس لاو، مدير مكتب هونغ كونغ في مؤسسة الاستثمار الصينية، للصحافيين إن تكلفة الاقتراض الأميركية قد ترتفع فور إنهاء الاحتياطي الاتحادي لبرنامج شراء السندات، وهو ما سيؤدي إلى خسائر ضئيلة لحائزي أدوات الدين. لكنه رفض فكرة أن الولايات المتحدة قد تتراجع عن التزاماتها. وقال محافظ بنك تايلاند المركزي براسارن ترايراتفوراكول إن نحو نصف الاحتياطيات الأجنبية التايلاندية مستثمرة في سندات أميركية، وإن بلاده تسعى لخفض هذه النسبة.