الرجل الذي جاء إلى أميركا من الهند طفلا ويثير رعب «وول ستريت»

بريت بارارا ترك أثرا كبيرا على سجل الجرائم داخل الشركات منذ بدء عمله كمدع فيدرالي قبل 21 شهرا

المدعي الفيدرالي بريت بارارا («نيويورك تايمز»)
TT

ترك بريت بارارا أثرا كبيرا على سجل الجرائم داخل الشركات خلال 21 شهرا مرت على عمله كمدع فيدرالي.

وخلال محاكمة راج راجاراتنام، المؤسس المشارك لـ«غالون غروب»، كان بريت بارارا، المدعي الفيدرالي بالمنطقة الجنوبية بنيويورك، يدخل قاعة المحكمة في هدوء ويأخذ مقعدا في الصف الأخير بالمنصة.

ومن مكانه المرتفع، شاهد بارارا زملاءه يحاولون إقناع هيئة المحلفين بإدانة قطب صناديق التحوط السابق في تهم بالتآمر وممارسة الاحتيال في أوراق مالية. وأشار الوجود المستمر لبارارا في أكبر قضية تداول لفترة طويلة – والانتصار المدوي للمكتب يوم الأربعاء – إلى أن المدعي الفيدرالي الرئيسي داخل مانهاتن عاد ليلعب دور رجل الشرطة داخل وول ستريت.

وعلى مدار العقد الماضي، حاول المحامي العام بنيويورك ومدعون فيدراليون في بروكلين ومحامي المنطقة داخل مانهاتن وحتى وزارة العدل في واشنطن الحصول على نصيب من قضايا الاحتيال المالي، وهي منطقة كانت تسيطر تقليديا عليها المنطقة الجنوبية. وعلى سبيل المثال، استحوذ إليوت سبيتزر على العناوين الرئيسية عندما كان محاميا عاما بنيويورك من خلال التركيز على التصرفات غير القانونية داخل المصارف الاستثمارية.

ولكن عاد بارارا التأكيد على دور مكتبه الريادي في تعقب جرائم الشركات من خلال قضية التداول البارزة هذه، التي تعتمد على وسائل هجومية من جانب النيابة وتكتيكات غير مسبوقة. وللمرة الأولى استخدمت سلطات فيدرالية التنصت للاستماع إلى متداولي أسهم بينما كانوا يتبادلون نصائح غير قانونية.

ويقول نيل باروفسكي، المدعي السابق بالمنطقة الجنوبية الذي عمل كمفتش عام خاص ببرنامج إغاثة الأصول المتعثرة التابع للحكومة: «ما فعلته هذه القضية يتجاوز بكثير وضع مدير صندوق تحوط مليارديرا وراء القضبان».

وأضاف باروفسكي: «ستؤثر هذه القضية على القطاع بالكامل». وأشار إلى أن بارارا «فعل ما يتجاوز مجرد الإشراف ودعم المقاضاة – حيث حرص على التأكد من أن الجمهور المستهدف والمتداولين في وول ستريت يستوعبون بالكامل ما سيقوم به مكتبه لكشف هذه الجرائم ومراعاة تطبيق العدالة».

لقد مرت 21 شهرا على تعيين الرئيس باراك أوباما لبارارا (42 عاما) كمدع فيدرالي. وخلال مدته القصيرة في المنصب، تجاوز فريقه حدود وول ستريت، وقام بمقاضاة بعضا من أبرز المتهمين داخل الولايات المتحدة، بل وفي العالم أجمع. ويأتي من بين هؤلاء المتهمين فيصل شاه زاد، المتهم في محاولة تفجير ميدان تايمز، وعملاء شبكة تجسس روسية وأحمد خلفان غيلاني، أول معتقل داخل غوانتانامو يحاكم أمام القضاء المدني، وفيكتور بوت، الروسي المتهم في تهريب الأسلحة، ورجل صومالي متهم بالقرصنة و4 رجال متهمون في مؤامرة لتفجير معابد يهودية داخل برونكس.

ولم تكن كافة القضايا سهلة، ففي محاكمة غيلاني، برأ المحلفون غيلاني من أكثر 280 اتهاما بالقتل والتآمر، وأدانوه بتهمة واحدة وهي التآمر من أجل تدمير عقارات ومبان حكومية. ومع ذلك، حصل غيلاني على حكم بالسجن مدى الحياة.

وقد انتقد بعض الأكاديميين وكتاب الأعمدة داخل الصحف بارارا لأنه لم يرفع تهما جنائية ضد مسؤولين تنفيذيين بارزين جاءوا في قلب الأزمة المالية. وفي الأسبوع الماضي عندما رفع مكتبه دعوى قضائية مدنية تتعلق بالتحايل في رهون عقارية ضد «دويتش بنك»، قال إنه لم تكن هناك أدلة كافية لتبرير الدعوى الجنائية.

كان بارارا طفلا عام 1970 عندما جاء إلى الولايات المتحدة مع والديه من الهند. ونشأ داخل إيتونتاون بولاية نيوجيرسي، ودرس في هارفارد وكلية القانون بجامعة كولومبيا.

وبعد قضاء عدة أعوام في العمل الخاص، بما في ذلك العمل لدى «غيبسون دون أند كروتشر» في نيويورك، أصبح بارارا مدعيا فيدراليا داخل مانهاتن، وكان يتعامل مع قضايا الجرائم المنظمة والمخدرات والاحتيال في الأوراق المالية. وفي عام 2005 أصبح المحامي الرئيسي للسيناتور تشارلس شومر، من نيويورك، وترأس تحقيقا داخل الكونغرس في إقالة مدعين فيدراليين.

ويتساءل بعض المحامين علنا عما إذا كان بارارا لديه طموح سياسي مثل أسلافه، بما فيهم عمدة نيويورك السابق رودولف غولياني، الذي كان في المنصب خلال الثمانينات من القرن الماضي. فكما كان غولياني، يتمتع بارارا بكاريزمة، ويشعر بالراحة أمام عدسات المصورين، ويمكنه الحديث بقوة، ولديه مهارة ذكر جمل رنانة. وخلال مؤتمر صحافي لإعلان إلقاء القبض على راجاراتنام، اقتبس بارارا عبارة شهيرة من فيلم «وول ستريت»، حيث قال: «في بعض الأحيان لا يكون الطمع شيئا جيدا».

وعلى عكس غولياني، الذي لم تكن طموحاته السياسية مستترة عندما ترأس مكتب المدعي، قال بارارا لأصدقائه إنه ليس لديه اهتمام في الحصول على منصب عبر الانتخابات.

ويقول راندي ماسترو، المحامي لدى «غيبسون دون» والنائب البارز السابق خلال ولاية العمدة غولياني: «كل شيء عن تاريخ بريت يشير إلى أنه لديه مؤهلات المدعي الفيدرالي. وغالبا ما يكون أفضل المدعين من ليس لديهم طموحات سياسية».

وأضاف ماسترو، الذي عمل مع بارارا لبعض الوقت داخل «غيبسون دون»: «ولكن لا يعني ذلك أنه يجب ألا يخوض الانتخابات».

وقالت إلين دافيس، المتحدثة باسم بارارا، في بيان يوم الخميس: «بريت يحب عمله، وليست لديه رغبة في خوض الانتخابات للحصول على منصب عام في الوقت الحالي أو في أي وقت».

ولم يعلق بارارا علنا على الحكم الخاص براجاراتنام، فيما عدا الإدلاء ببيان قصير. ولكن في سلسلة من الكلمات، وضح منحاه الهجومي في الجرائم داخل الشركات.

وقال بارارا بعد مرور أسابيع على الكشف عن استخدام التنصت في قضية راجاراتنام: «عندما يبدأ رجال الأعمال البارزون في استخدام وسائل المجرمين العاديين، لا يوجد أمامنا خيار سوى التعامل معهم على هذا النحو. واستخدام وسائل قاسية في هذه الظروف لا ينم عن قسوة، ولكن عن عدل».

وتمكن مكتبه من الحصول على إدانات في قضيتين جنائيتين بارزتين ضد مسؤولين تنفيذيين مصرفيين متهمين بسرقة شفرة كومبيوتر خاصة ذات صلة بشركات تداول، وكان ضمن ذلك قضية ضد مبرمج سابق لدى «غولدمان ساكس». وبعد ذلك اتهم مدعون تابعون لبارارا مشغلي 3 مواقع بوكر إلكترونية شهيرة بالاحتيال وغسل الأموال.

ولا يزال بارارا مستمرا في تعقب قضايا التداول. وعلى مدار الأشهر الـ18 الأخيرة، اتهم مكتبه 47 شخصا بارتكاب جرائم تداول، من بينهم 36 أقروا بالجرائم أو أدينوا بها. وخلال مؤتمر صحافي عقد أخيرا، أشار إلى أنه ما زال في جعبته المزيد. وقال: «أتمنى لو قلت إننا على وشك الانتهاء، ولكن للأسف لسنا كذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»