الملياردير السعودي سليمان الراجحي بعد تقسيم ثروته البالغة الـ6.67 مليار دولار: لا أملك ريالا واحدا

كشف عن مشروع لتوفير اللحوم الحمراء في الأسواق بأسعار رخيصة

سليمان الراجحي.. استبق وفاته بتقسيم ثروته (تصوير: خالد الخميس)
TT

أطلق الملياردير السعودي سليمان الراجحي، والذي صُنف مؤخرا من قبل مجلة «فوربس» واحدا من أغنياء العالم بثروة قدرتها المجلة بـ5.2 مليار دولار (19.5 مليار ريال)، مفاجأة بإعلانه أنه لم يعد يملك ريالا واحدا، مشيرا إلى أنه قام بتوزيع كل أمواله وممتلكاته على زوجاته وأبنائه، بعد أن خصص أكثر من نصف ثروته على هيئة وقف يعود ريعه للمشاريع الإنسانية والاجتماعية والتعليمية، على غِرار عدد من رجال الأعمال في العالم ممن خصصوا نصف ثرواتهم على هيئة وقف، أمثال بيل غيتس وغيرهم.

وعلى الرغم من أن تصنيف المجلة قدر ثروة الراجحي بـ5.2 مليار دولار، فإن قيمة الثروة التي قام الراجحي بتوزيعها على زوجاته وأبنائه، إلى جانب ما خصصه للوقف، بلغت قرابة 6.67 مليار دولار (25 مليار ريال)، ليخرج من هذه الثروة الضخمة خالي الوفاض، مؤكدا أنه لم يعد يملك ريالا واحدا، حيث اشترط شرطا وحيدا على الوقف ينتهي بمجرد وفاته، وهو أن يحق له استخدام أموال الوقف في نفقته على خاصة نفسه، من مأكل ومشرب، وبعض الهبات التي يمنحها للآخرين.

وعن آلية توزيعه للثروة المقدرة بـ6.67 مليار دولار (25 مليار ريال)، أشار الراجحي إلى أنه قام بتوزيعها على صفة هبات، باستخدام قسمة المواريث الشرعية، مؤكدا أن هذه الفكرة لم تأتِ في يوم وليلة، بل كانت نتيجة حوار طويل مع النفس، وبعد تفكير طويل واستشارة للمختصين والعلماء في هذا الشأن، وبعد أن توصل إلى قناعة تامة إلى أن المال الذي جمعه سيذهب لغيره، وأن هذا المال هو لله وليس له.

وأشار سليمان الراجحي، ذو الـ84 عاما، رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي، إلى أن اتخاذه لهذا القرار، جاء بعد ما رآه في المحاكم من مشكلات تنشب بين الورثة بسبب الإرث، وأن السبب الرئيسي لأي مشكلة عائلية سببها هو المال، مشيرا إلى أن هذا التقسيم قامت به لجان متخصصة شارك فيها أبناؤه، وتم برضا الجميع وموافقتهم، وتم توقيع محضر بهذا الشأن من قبل جميع الأبناء، وأكد في هذا الصدد بقوله: «لم أجبر أحدا، ولم أفضل أحدا على أحد».

وحول مشروع الوقف الخيري الذي أشار إليه، أوضح سليمان الراجحي أن هذا الوقف سيعمل لتقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية والدينية والتعليمية، بما فيها تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى وجود عدد من البرامج الخدمية التي تم اعتمادها، من بينها تهيئة المساجد ودورات المياه في استراحات الطرق. وذكر الراجحي في حديثه أثناء المحاضرة التي ألقاها ضمن سلسلة اللقاءات التي تعقدها لجنة شباب الأعمال بغرفة الرياض التجارية والصناعية، مع عدد من رجال الأعمال في المجتمع السعودي، أنه تم تخصيص «مجلس نظارة» على الوقف الخيري، بحيث يترأس الراجحي هذا المجلس، ويضيف: «لا أملك إلا هذا الوقف، وأنا وقف عليه، أريد أن آكل وأشرب منه فقط، حتى الملابس لدي منها ما يكفيني حتى أموت». وحول الوقف، لفت الراجحي إلى أنه سيعمل وفقا لنظام معتمد ومسجل بصك شرعي، وله خطط تنمي مدخولاته، حيث لا يتم صرف أكثر من 50 في المائة من عوائد الوقف سنويا، على أن يتم استثمار المتبقي لتوفير إيرادات مستقبلية، مشيرا إلى أن انطلاقة هذا الوقف ستبدأ بالحد الأدنى من المصروفات، وهو ما يتراوح بين 30 - 35 في المائة من إيرادات الوقف. وكشف سليمان الراجحي، الذي يقود عددا من المشاريع الزراعية والرعوية في البلاد، عن وجود مشروع سيتم الإعلان عنه قريبا بشكل موسع، يستهدف توفير اللحوم الحمراء في الأسواق بأسعار وصفها بـ«الرخيصة»، في الوقت الذي تتجاوز فيه أسعار الأغنام حاجز الـ1200 ريال (320 دولارا) في الوقت الراهن.

وأبان رجل الاقتصاد المميز في ساحة المال السعودية عن قرب إطلاق جامعة الراجحي، التي تتضمن معهدا اقتصاديا متخصصا لتخريج اقتصاديين متخصصين وتأهيلهم. وتطرق أحد أبرز الرجال في مجال المال والاقتصاد إلى عدد من النصائح والإرشادات في هذا المجال، فعلى الرغم من قوله إن تحصيله العلمي لم يتجاوز الصف الثاني الابتدائي، فإن تجربته الثرية في هذا المجال قادته إلى قيادة المصرف الأكثر تأثيرا في البلاد، حيث انتقد الكثير من التصرفات المترفة التي تحصل في المجتمع السعودي، مشددا على أهمية الاقتصاد والتوفير قدر الإمكان في شتى نواحي الحياة، مشيرا إلى أن سياسة التوفير والاقتصاد تقف وراء نجاح الكثير من المشاريع التي قادها.

وعاد الراجحي إلى أيام صباه، حيث بدأ عاملا بأجر لا يتجاوز ريالا واحدا شهريا، مؤكدا اعتزازه بنفسه في تلك الفترة، أكثر من اعتزازه بنفسه في الوقت الراهن، لافتا إلى أن عمله في مجال المال والاقتصاد بدأ بشكل بدائي، إلا أنه كان دقيقا جدا، وهذا ما عكس نجاحه الملموس في تجربته، وحث الراجحي الشباب على بذل جهودهم في عملهم، مشيرا إلى أنه يعمل يوميا ما بين 14 - 15 ساعة، الأمر الذي منحه قوة وصحة رغم تجاوزه عمر الثمانين، حيث لا يزال حتى الآن يتمتع بذاكرة تعمل كما كانت قبل خمسين عاما.