السعودية تدرس فتح السوق للمستثمرين الأجانب مباشرة.. وتسعى للانضمام إلى مؤشر تداول عالمي

منتدى مالي يدعو لتأسيس رابطة تمثل جميع المساهمين في «تداول»

الأمير محمد بن سلمان خلال رعايته المنتدى السعودي الأول للأوراق المالية (تصوير: إقبال حسين)
TT

برزت خلال تجمع اقتصادي احتضنته العاصمة السعودية الرياض، مساء أول من أمس، مطالبات من مسؤولين ومشاركين على حد سواء، بتشكيل رابطة أو جمعية لتمثيل المساهمين بجميع فئاتهم من كبار وصغار المستثمرين، أمام هيئة السوق المالية السعودية «تداول» بغية تنظيم أعمالهم والمساعدة في الوقوف أمام ما يعترضهم من مشكلات.

ورحب الدكتور عبد الرحمن التويجري رئيس هيئة السوق المالية السعودية، الذي التقى بالمشاركين في المنتدى الأول للأوراق المالية، من خلال حوار مفتوح جمعه معهم، بفكرة تأسيس روابط أو جمعيات لحملة الأسهم بهدف تنظيمهم ومساعدتهم في الوقوف على المشكلات التي تعترضهم، مبينا أن نظام «تداولي» الجديد ساهم في تحفيز ملاك الأسهم.

وفي الوقت الذي كشفت فيه هيئة السوق المالية السعودية عن دراسة تقوم بها لفتح السوق للأجانب للاستثمار فيها بشكل مباشر، أعلن رئيسها عن وجود مفاوضات مستمرة تسعى من خلالها للانضمام إلى مؤشرات عالمية من بينها مؤشر «مورغان ستانلي» العالمي، مؤكدا في ذات الوقت على أن السوق المالية السعودية تعد من أكبر وأفضل الأسواق الناشئة في العالم.

وأكد الدكتور عبد الرحمن التويجري رئيس هيئة السوق المالية السعودية أن السعودية مؤهلة للانضمام إلى مؤشرات الأسواق الناشئة أسوة ببعض الأسواق في المنطقة، مشيرا إلى وجود بعض شروط ومتطلبات وصفها بالكبيرة التي تسعى الهيئة لإذلالها من خلال مفاوضاتها الحالية للانضمام إلى مؤشر «مورجان ستانلي».

وأوضح التويجري في حوار مفتوح مع المشاركين في المنتدى الأول للأوراق المالية الذي يقام تحت رعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وافتتح أعماله مساء أول من أمس الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص لأمير منطقة الرياض، أن السوق المالية السعودية تعد واحدة من أكبر وأهم الأسواق الناشئة في العالم على صعيد الحجم أو التنظيم والإقبال. وأضاف: «السوق المالية السعودية تتمتع بنسبة عالية من الشفافية والإفصاح في المنطقة، في حين أنها الوحيدة التي تنشر فيها جميع الشركات المدرجة نتائجها المالية في الوقت المطلوب».

وقال التويجري: «الهيئة تدرس من وقت إلى آخر خفض رأسمال صناديق الاستثمار الخاص المحدد بمليون ريال (266 ألف دولار)، وهناك إعادة نظر للائحة صناديق الاستثمار، ونعمل على تطويرها لمساعدة المستثمرين والأخذ بتجاربهم في ذلك».

وطالب التويجري المستثمرين في السوق بالاعتماد على المؤسسات الاستثمارية القائمة والمرخص لها، بسبب ضعف خبرة الكثير من العاملين من الأفراد في السوق، لافتا إلى أن «شركات الوساطة التي كانت تعمل تحت مظلة البنوك هي الأكثر معرفة وخبرة، بينما نجد الشركات الجديدة التي يتجاوز عددها 90 شركة تعاني من عقبات، ما يتطلب اندماج بعضها مع بعض، واتصلنا بعدد منها لمساعدتها ودعمها».

وشدد رئيس هيئة السوق المالية على أن الهيئة لا تستطيع السيطرة على الشركات التي تتداول أسهمها خارج هيئة السوق المالية، وأنه من الصعب تنظيمها وهي متروكة لملاكها، موضحا أن السوق السعودية مثل أي سوق في العالم تتأثر بالأزمات.

وكشف التويجري خلال حديثه أن الهيئة ستصدر خلال العام الحالي قواعد الكفاية المالية، وقواعد الملاءة المالية، وتنظيم خاص لوكالات وشركات التصنيف الائتماني، مؤكدا على أن الهيئة تعمل على استكمال جهودها في تطوير السوق وتشجيع الاستثمار فيها ورفع كفاءتها، معلقا: «إذ تعكف الآن على تطوير بعض اللوائح والقواعد وتحديثها وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية، ومنها قواعد التسجيل والإدراج ولائحة صناديق الاستثمار».

وأشار التويجري إلى أن السوق السعودية مرت بمراحل مختلفة في تطورها من سوق غير منظمة بشكل كافٍ في البداية إلى سوق أكثر تنظيما في الوقت الحاضر، إذ وضعت هيئة السوق المالية بعد إنشائها أحدث الأنظمة وطبقتها على الجميع ليشعر المستثمر بالأمان، واتخذت الهيئة الكثير من الخطوات المهمة لاستكمال الجانب التنظيمي في السوق.

وذكر رئيس هيئة السوق المالية أن إنجازات الهيئة وتطوير السوق المالية السعودية توجت بانضمامها عضوا كامل العضوية في المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية «الآيوسكو»، اعترافا منها بما وصلت إليه الهيئة من قدرة تنظيمية وإشرافية ورقابية على السوق المالية.

وعدد الدكتور التويجري مجالات التطور الذي حققته الهيئة في السنوات الماضية وتحسن مستوى الأداء فيها وزيادة معدلات الثقة بها، مشيرا إلى أن عملية التطوير عملية مستمرة وطويلة، وأن الهيئة مستمرة في بذل الجهود الرامية إلى إيجاد سوق أكثر تنظيما تعطي المستثمر ثقة واطمئنانا لكي يضع مدخراته في سوق آمنة لا يتعرض فيها للغش أو التدليس والخداع.

وحث التويجري على ضرورة تعزيز العمل وبذل الجهود مع مختلف الجهات بما فيها الغرف التجارية الصناعية ولجان الأوراق المالية فيها لمساعدات الهيئة في تحسين مستوى السوق المالية السعودية.

وطالب رئيس هيئة السوق المالية خلال الحوار المفتوح بضرورة معرفة دور الهيئة في السوق المالية، مشددا على أن الهيئة ليست معنية بالتصريح عن السوق حول أدائها في أوقات الأزمات أو أوقات النمو لأنها مجرد منظم هدفه حماية المستثمر في المقام الأول، وأن التحليل أو النصائح هي من مهام المختصين والمحللين.

ورحب التويجري بتحول السوق المالية السعودية إلى الاستثمار المؤسسي والشركات المالية وشركات الوساطة، معبر عن تطلعه في أن تشهد السوق المالية السعودية مزيدا من التعاون أو الاندماج بين الشركات المالية لكي تتمكن من تحقيق أهدافها.

وكانت أعمال المنتدى انطلقت بكلمة لخالد بن عبد العزيز المقيرن، رئيس لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أكد خلالها أن مهمة اللجنة والهدف من وراء إقامة المنتدى هما ربط المستثمرين والمهتمين مع الجهات ذات العلاقة لإعادة الثقة والنمو المستدام للسوق المالية السعودية. وقال: «إن لجنة الأوراق المالية منذ تأسيسها عام 1997 دأبت على دراسة ومتابعة كل مراحل تطور السوق المالية السعودية، وسعت خلال تلك الفترة إلى تقديم المقترحات والنصائح للجهات المشرعة، التي منها عمليات المؤشرات ووقت التداول وبعض التنظيمات واللوائح الجديدة التي لاقت ترحيبا واسعا من الجهات المختصة وتم إقرار بعضها». وبيّن المقيرن أن اللجنة تود أن يصبح منتدى الأوراق المالية من أهم الملتقيات السنوية في المملكة مع التطوير والتجديد في كل عام، موضحا أن ذلك سيعمل على تعزيز وتكريس الوعي بأهمية المشاركة في السوق المالية السعودية. وزاد المقيرن: «نسعى دائما أن يكون هناك دور للقطاع الخاص في صياغة التشريعات وعملية التطوير التي تتبناها الجهات المعنية، وهنا نتحدث عن هيئة السوق المالية».

كما شارك عبد الرحمن الجريسي، رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، بكلمة تناول فيها هدف إقامة المنتدى الذي يعد برأيه مبادرة مهمة مشتركة بين الهيئة والغرفة لجمع أكبر عدد من المسؤولين والمختصين المهتمين بالأسواق المالية في مكان واحد، يناقشون من خلالها المرحلة المقبلة من عمر السوق.

وذكر الجريسي: «نتوقع أن يسهم ذلك في تحسين البيئة الاستثمارية في السوق المالية، بما يلائم حجم ونوع الاقتصاد السعودي». وقال الجريسي إنه وفي ظل ما يشهده العالم من تغير مستمر وعواصف عاتية فإن الاقتصاد الوطني ظل ثابتا وتماسكا في وجه تلك العواصف الاقتصادية، مما يدل على مدى متانته وقوته، مشيرا إلى أن الاقتصاد السعودي يعيش اليوم أفضل حالاته، وأن ذلك يجب أن ينعكس على الأسواق المالية.

يذكر أن المنتدى التي اختتمت أعماله أمس سلط الضوء على تطورات السوق المالية في السعودية والإجراءات التي اتخذت لتعزيز كفاءتها واستقرارها وضمان العدالة في تعاملاتها وحماية المستثمرين فيها من التدليس أو الغش والخداع، سعيا إلى تأسيس ثقة مستدامة في السوق المالية.