الاتحاد الأوروبي يوافق على برنامج إنقاذ البرتغال ويؤجل القرار بشأن اليونان

أقر ترشيح إيطالي لرئاسة المركزي الأوروبي

TT

أقر وزراء مالية الاتحاد الأوروبي بالإجماع، برنامجا لمساعدات مالية على مدار 3 سنوات استجابة لطلب السلطات البرتغالية الذي قدمته في السابع من أبريل (نيسان) الماضي. واتفقت الدول الأوروبية على ترشيح الإيطالي ماريو دراغي رسميا لرئاسة المصرف المركزي الأوروبي خلفا للفرنسي جان كلود تريشي على أن يتم تزكية القرار نهائيا في القمة الأوروبية المقررة لشهر يونيو (حزيران) المقبل.

كما بدأت الدول الأوروبية مشاورات غير رسمية لاستبدال الفرنسي دومينيك شتراوس كان، على رأس صندوق النقد الدولي في واشنطن.

وقال بيان صدر عن المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل إن «الوزراء اتفقوا مع المفوضية (الأوروبية) والبنك المركزي الأوروبي على أن تقديم قرض إلى البرتغال يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار المالي في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي ككل». وأكد رئيس مجموعة اليورو، جان كلود يونكر، أن القروض سيقدمها كل من صندوق الاستقرار المالي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ويعتبر ما صدر عن المجلس الوزاري هو القرار الثالث من نوعه الذي يتخذ لإنقاذ عضو في منطقة اليورو في غضون العامين الماضي والحالي، وذلك بعد حزمة مساعدات بقيمة 110 مليارات يورو لليونان في مايو (أيار) الماضي، وبرنامج بقيمة 85 مليار يورو لآيرلندا في نوفمبر (تشرين الثاني). وقال بيان لوزراء منطقة اليورو في نهاية الاجتماعات التي انطلقت أول من أمس، الاثنين، واستمرت يومين: «وافقنا على تقديم مساعدة مالية للبرتغال حسب الإجراءات التي توصلنا إليها، ونقصد برنامج إقراض بقيمة 78 مليار يورو، التي ينبغي أن تكون بالتساوي (26 مليار يورو) بين آلية الاستقرار المالي الأوروبية ودائرة الاستقرار المالي الأوروبية، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي. وأعرب الوزراء عن ثقتهم بأن برنامج التكيف الاقتصادي والمالي سوف يعالج التحديات المالية والهيكلية للاقتصاد البرتغالي بشكل حاسم، أما بالنسبة لليونان، فنعتقد أن حجم برنامج الخصخصة الذي طرحته الحكومة سيخضع للتصحيح خلال فترة قصيرة وذلك وفقا لتقارير حصلنا عليها من لجنة البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الأمر الذي سيطوي بالتأكيد الصفحة اليونانية في ختام اجتماعنا في لوكسمبورغ الشهر المقبل». وحسب الكثير من المراقبين في بروكسل، فتحت الحكومات الأوروبية الأبواب أمام منح مساعدات جديدة إلى اليونان في شكل قروض أو إعادة جدولة الديون في إطار عملية إنقاذ مالية لهذا البلد بعد عام من تعهد المجموعة الأوروبية بتقديم مائة وعشرة مليارات يورو إلى اليونان، بينما واشنطن وبكين تضغطان من أجل تهدئة الأسواق واستقرار اليورو. وقد ألقى غياب مدير عام صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس بظلاله، على اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو الـ17 في بروكسل، إذ يواجه شتراوس اتهامات بالاعتداء الجنسي في نيويورك. وقال جون كلود يونكر، رئيس المجموعة الأوروبية: «إن رؤية المدير العام لصندوق النقد الدولي وهو يغادر مقار الشرطة مغلول اليدين أثار في نفسي حزنا عميقا، ولم أستوعب ما الذي حدث فعلا، وهذا يحزنني». ويقول المراقبون: «بعض أعضاء مجموعة اليورو يزيدون من ضغوطهم على اليونان، ويريدون من أثينا أن تسرع عملية الخصخصة»، ومن جانبها تخشى أثينا أن تغرق في فوضى الاضطرابات الاجتماعية، وهي تواجه أيضا خطر إعادة جدولة ديونها إذا لم تسارع بتنفيذ مطالب المجموعة الأوروبية.

وحسب مصادر المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل أنه ناقش وزراء المال والاقتصاد لدول الاتحاد الأوروبي، آخر تطورات إدارة أزمة الديون السيادية في عدد من دول الاتحاد في وقت تتفاقم فيه الأزمة في اليونان تحديدا. وهناك توجه لإعادة جدولة الديون اليونانية ولكن عدة أوساط أوروبية ترفض هذا الخيار وتريد تمكين اليونان من مهلة زمنية لتسديد أقساطها. وتعرض وزير الخزانة والمال اليوناني إلى ضغوط كبيرة من قبل زملائه الذين انتقدوا الطابع البطيء لتدابير اليونان، وبخاصة في مجال خصخصة عدد من مؤسستها الحيوية مثل مؤسستي الكهرباء والسكك الحديدية لتمويل العجز العام. وقال رئيس لجنة وزراء مالية منطقة اليورو ورئيس وزراء لوكسمبورغ، جان كلود يونكر، إنه ينبغي على اليونان أن لا تتوقع الحصول على مساعدات إضافية من الاتحاد الأوروبي قبل التعهد بإجراءات تقشف جديدة، وتنفيذ وعودها ببيع أصول حكومية. وأقر يونكر بأن إعادة الهيكلة التي تسمح لليونان بسداد ديونها في مرحلة لاحقة تمثل أحد الخيارات، لكن سيتم إقرارها فقط وفقا لشروط صارمة. وقال: «أولا نريد إجراءات يونانية جديدة لتحقيق الأهداف المالية لعام 2011، ثم يجب أن نحصل على تأكيد بأن برنامج الخصخصة سيصل إلى حجم يرضينا، وفي حال تم الوفاء بكافة هذه الشروط يمكننا مناقشة مسألة إعادة الهيكلة».

على صعيد آخر أعلن مصدر أوروبي أن آيرلندا التي تعاني هي الأخرى من تبعات أزمة الديون السيادية تحصلت على مبلغ 2.2 مليار يورو من صندوق النقد الدولي كدعم إضافي، كما أعلن صندوق النقد الدولي أنه سيقوم حاليا بتقديم مبلغ 2.24 مليار دولار أخرى في صورة قروض لآيرلندا بعد أن قرر أن تلك الدولة تحرز تقدما نحو التغلب على أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث. وقال الصندوق إنه بذلك تكون آيرلندا قد حصلت على 10.19 مليار دولار في ظل حزمة إنقاذ مدتها 3 سنوات من جانب الصندوق تمت الموافقة عليها في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي يبلغ حجمها 30.9 مليار دولار، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدم أيضا لآيرلندا قروض إنقاذ بنحو 90 مليار دولار.

وأضاف صندوق النقد الدولي أن آيرلندا بدأت بداية قوية نحو وضع اقتصادها المتعثر على المسار الصحيح. أما على صعيد الدول التي تواجه صعوبات ومنها إسبانيا ورشحها البعض للانضمام للدول المتعثرة، قد تجمع عشرات آلاف الطلبة من المجموعات الاجتماعية والعاطلين عن العمل، في أكثر من 50 مدينة إسبانية، من بينها مدينة مدريد، حيث ارتدى المحتجون قمصانا صفراء وزعتها عليهم مجموعة «شبان بلا مستقبل»، التي أسهمت في تنظيم التجمعات الاحتجاجية. وعبر المتظاهرون عن غضبهم من تدني الأجور، وعدم قدرتهم على مجابهة متطلبات الحياة، رغم مستوياتهم التعليمية الجيدة. وتواجه إسبانيا ارتفاع نسبة بطالة تتجاوز 20 في المائة، ونموا اقتصاديا ضعيفا بلغ 0.3 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي. وتقول الحكومة الإسبانية إنها تتوقع أن تتجاوز نسبة النمو الواحد في المائة هذا العام، لكن البنك المركزي اعتبر التوقع إغراقا في التفاؤل.