«ميريل لينش»: ثقة المستثمرين تراجعت في نمو الاقتصاد العالمي

نتائج استبيان للبنك أشارت إلى تحول في قناعة المستثمرين

TT

من جديد عاد مديرو صناديق الاستثمار في العالم لتأكيد تراجع ثقة المستثمرين بآفاق نمو الاقتصاد العالمي وأرباح الشركات، ليكون السبب الأول اهتزاز هذه الثقة المهتزة أصلا هو تأثير أزمة الديون السيادية سلبا على آفاق النمو في منطقة اليورو، ورغم هذه الأجواء غير المبشرة، ازدادت توقعات انتعاش الاقتصاد الياباني، ولا يزال المستثمرون يفضلون أسهم الأسواق الصاعدة رغم تراجع توقعاتهم حول نمو اقتصادات أسواق مجموعة دول «بريك»، فيما يتضح مدى نفور المستثمرين من تحمل المخاطر بشكل أكبر، في تحويلهم لأصولهم الاستثمارية بقوة إلى أسهم القطاعات الدفاعية مثل أسهم شركات السلع الاستهلاكية والمستحضرات الصيدلانية، بعيدا عن أسهم القطاعات الأكثر عرضة للتذبذب واعتمادا على النمو الاقتصادي العام، مثل شركات الطاقة والمواد الأولية. وفي الاستبيان الشهري لبنك أوف أميركا ميريل لينش لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر مايو (أيار) 2011 وتوقع 8% من المشاركين في الاستبيان تراجع أداء الاقتصاد الأوروبي خلال العام المقبل، مقارنة مع 32% منهم توقعوا انتعاش أداء الاقتصاد الأوروبي قبل شهرين فقط.. وهو ما يعكس بقليل من التمعن تحولا كبيرا في قناعة المستثمرين بأن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو تشكل أكبر المخاطر الاقتصادية العالمية (ارتفعت النسبة إلى 36% في مايو من 21% في أبريل/ نيسان).

وأكد استبيان آراء مديري صناديق الاستثمار لشهر مايو 2011، تراجع ثقة المستثمرين بآفاق نمو الاقتصاد العالمي وأرباح الشركات، وكشف الاستبيان عن انخفاض نسبة المستثمرين ممن لا يزالون يثقون في تنامي قوة الاقتصاد العالمي خلال الشهور الـ12 المقبلة إلى 10% في مايو 2011، مقارنة مع 27% في أبريل و58% في فبراير (شباط)، بينما أعرب 9% فقط من المشاركين في الاستبيان عن ثقتهم بتحسن أرباح الشركات خلال العام المقبل. ورغم الأجواء غير المطمئنة يشير التقرير إلى أن استعداد المستثمرين لتحمل المخاطر لم ينخفض سوى بشكل معتدل، حيث قام مديرو صناديق الاستثمار بتقليص انكشافهم أمام الأسهم والسلع الأساسية بينما عززوا حيازاتهم من الأصول النقدية والسندات بشكل طفيف.

فيما يتضح من الاستبيان مدى نفور المستثمرين من تحمل المخاطر بشكل أكبر، في تحويلهم لأصولهم الاستثمارية بقوة إلى أسهم القطاعات الدفاعية مثل أسهم شركات السلع الاستهلاكية والمستحضرات الصيدلانية، بعيدا عن أسهم القطاعات الأكثر عرضة للتذبذب واعتمادا على النمو الاقتصادي العام، مثل شركات الطاقة والمواد الأولية. ويتوقع مايكل هارتنت، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية أن «تعيد توقعات حدوث ركود ثلاثي المراحل، صياغة موقف المستثمرين من تحمل المخاطر». بدوره قال جاري بيكر، رئيس دائرة استراتيجية الأسهم الأوروبية في شركة بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية: «يعتقد المستثمرون أن تشاؤمهم حول آفاق تحسن أداء الاقتصاد الأوروبي بات مبالغا فيه، خاصة في ظل الارتفاع القوي الراهن لإجمالي الناتج المحلي للكثير من الدول الأوروبية».

ورغم تراجع توقعاتهم حول نمو اقتصادات أسواق مجموعة دول «بريك» لا يزال المستثمرون يفضلون أسهم الأسواق الصاعدة حيث توقع 28 من المستثمرين المشاركين في الاستبيان تراجع أداء الاقتصاد الصيني العام المقبل، مقارنة مع 15% توقعوا ذلك في مارس (آذار) الماضي، ومع انخفاض الثقة في انتعاش اقتصادات دول مجموعة «بريك» المهمة الأخرى والتي تضم 4 دول وهي روسيا والبرازيل والهند والصين، استمرت مخصصات الاستثمار في أسهم أسواق الدول الصاعدة في الارتفاع، فيما أكد 29% من المستثمرين المشاركين في الاستبيان أنهم بالغوا في الاستثمار في أسهم الأسواق الصاعدة. في أعلى نسبة من نوعها على مستوى جميع مناطق العالم خلال الشهر الحالي، مقارنة مع 0% قبل شهرين، ويعكس هذا الموقف الإيجابي بصورة جزئية قناعة ما نسبته 19% من المشاركين في الاستبيان بأن الشركات العاملة في الأسواق الصاعدة في وضع جيد لزيادة أرباحها، (تأتي بالمرتبة الثانية بعد الشركات الأميركية). كما يعكس هذا الموقف التفاؤل المتزايد بنمو الطلب المحلي في الأسواق الصاعدة، حيث أكد 42% من المشاركين قناعتهم بأن هذا التطور يمثل أكبر حافز للاستثمار في أسهم الأسواق الصاعدة، بارتفاع عن 5% منهم كانوا يعتقدون ذلك في مارس الماضي. وفيما يتعلق بالاقتصاد الياباني ازدادت توقعات انتعاش الاقتصاد الياباني غير أن المستثمرين المشاركين واصلوا تفادي الانكشاف أمام الاستثمار في الين الياباني، حيث أعرب 64% منهم عن اعتقادهم بأن أسعار صرف العملة اليابانية مبالغ فيها، من دون تغيير يذكر عن نسبة الذين أعربوا عن نفس الاعتقاد منهم على امتداد الشهور الثلاثة الماضية. وعلى العكس من رؤيتهم السلبية لسعر صرف الين الياباني، عزز المستثمرون المشاركون في الاستبيان بقوة توقعاتهم حول آفاق أسعار صرف العملات العالمية الرئيسية الأخرى. فقد أكد 60% من المشاركين في استبيان مايو أن سعر صرف اليورو مبالغ به، مقارنة مع 40% منهم أعربوا عن نفس الرأي في أبريل و25% في فبراير، ما يوضح مدى تدني ثقتهم بآفاق اقتصادات دول منطقة اليورو. ويمثل ذلك أعلى نسبة من نوعها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2009.

من ناحية أخرى، أعرب 48% من المشاركين في استبيان شهر مايو الجاري عن اعتقادهم بأن سعر صرف الدولار مقوم بأقل من سعره الحقيقي، بارتفاع ملحوظ عن 36% منهم أعربوا عن نفس الاعتقاد في أبريل المنصرم. ويتماشى هذا الرأي مع توقعات المشاركين الإيجابية حول آفاق الاقتصاد الأميركي. إذ أنه إضافة إلى توقعات المشاركين حول آفاق أرباح الشركات الأميركية، تجلى موقفهم بوضوح في اعتبارهم الاقتصاد الأميركي سوق الأسهم التي يفضلون الإسراف بالاستثمار فيها أكثر من غيرها خلال العام المقبل. يشار إلى أن أهمية هذا مسح ميريل لينش لآراء مديري صناديق الاستثمار تكمن في رسمه لملامح المشهد الاقتصادي الشهري على اعتبار أن 284 مديرا لصناديق الاستثمار يشرفون على توظيف 814 مليار دولار أميركي اشترك بالمسح العالمي، فيما اشترك في الاستطلاع الإقليمي ما مجموعه 204 مديرين يستثمرون 622 بليون دولار.