من الأجدر بخلافة ستروس ـ كان على رأس «النقد الدولي»؟

فيما يواجه الصندوق تحديات كبيرة في ظل اضطراب الاقتصاد العالمي

ستروس ـ كان خرج من صندوق النقد الدولي من الباب الضيق (رويترز)
TT

من سيخلف دومينيك ستروس - كان، الذي استقال من منصبه على خلفية قضية اعتداء جنسي، في منصبه؟ كان هو السؤال الذي تمحورت حوله مناقشات وتصريحات لعدد من رجال الاقتصاد في ختام فعاليات منتدى بروكسل الاقتصادي، الذي ينعقد بشكل سنوي منذ عام 2000 ويجمع وزراء، وشخصيات اقتصادية وسياسية، وأكاديمية، وإعلامية، من أوروبا وخارجها، وفعاليات ومنظمات اقتصادية مختلفة. ويأتي ذلك في ظل وجود رغبة ألمانية وأوروبية في إبقاء منصب مدير صندوق النقد الدولي للأوروبيين بعد ظهور الحاجة إلى شغل المنصب بشخص آخر غير ستروس - كان الذي كان يقوم بدور رئيسي في الجهود التي بذلت في الآونة الأخيرة لإنقاذ حكومات دول اليورو الغارقة في الديون. وقال وزير المالية البلجيكي رينيه ريندرز إن أوروبا لديها ما يكفي من الشخصيات التي يمكن ترشيحها لشغل المنصب وأضاف بالقول «المهم بالنسبة إلينا هو أن يظل صاحب المنصب شخصية أوروبية»، ورفض اولي رين المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية التعليق قائلا: «ليس لدي أي تعليق فالتحقيق جار بحسب مقتضيات القانون وأعتقد أنه من غير اللائق أن أتخذ موقفا الآن من هذه القضية قبل انتهاء التحقيق»، وصرح انجيل غوريا الأمين العام للمنظمة العالمية للتطور والتعاون الاقتصادي على هامش اجتماعات بروكسل بأن المؤسسات تعمل كالمعتاد فلا إجازات وأعمال إضافية مطلوبة، وقال فيكتور كونستانشيو نائب رئيس المنتدى الاقتصادي: «المؤسسة تعمل بجميع أفرادها وصندوق النقد الدولي مؤسسة قوية وكل شيء فيها يعمل». بعض الدبلوماسيين ووسائل الإعلام الأوروبية يشيرون إلى احتمال ترشيح كريستين لاغارد وزيرة الاقتصاد الفرنسية لتولي الإدارة العامة لصندوق النقد الدولي. وتنعقد قمة مجموعة الثماني، منتدى الاقتصادات الكبرى، برئاسة فرنسا هذه السنة، في مدينة دوفيل الفرنسية في 26 و27 مايو (أيار). وقال متحدث باسم وزارة المالية الألمانية الخميس إن الوزارة ترى أن المدير الجديد لصندوق النقد الدولي ينبغي أن يأتي من أوروبا وأن تقدم الدول ذات الاقتصادات الناشئة مرشحين للمنصب في الأجل الطويل. وجدد المتحدث تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي أدلت بها في وقت سابق هذا الأسبوع قبل استقالة دومينيك ستروس - كان من منصبه كمدير للصندوق. وقال «الوزارة تشير إلى التصريحات التي أدلت بها المستشارة قبل الاستقالة بأن (المدير) التالي ينبغي أن يكون أوروبيا. رئاسة الصندوق انتقلت مؤقتا إلى نائب ستروس - كان، الأميركي جون ليبسكي، لكن الأخير لن يبقى كثيرا في هذا المنصب لأنه سيغادر المؤسسة في أغسطس (آب) القادم، ولأنه ليس من القارة الأوروبية».

بدورها أعلنت المفوضية الأوروبية أمس أن دول الاتحاد الأوروبي ينبغي أن تتفق على مرشح قوي ليحل محل دومينيك ستروس - كان في رئاسة صندوق النقد الدولي.

وبحسب «رويترز»، قالت متحدثة باسم المفوضية في إفادة صحافية دورية «.. بينما أن الجنسية ليست معيارا فيما يتعلق بالخلافة، فمن الطبيعي أن تتفق دول الاتحاد الأوروبي باعتباره أكبر مساهم في الصندوق على مرشح قوي وكفء يستطيع أن ينال دعم الدول الأعضاء في صندوق النقد لقيادة هذه المؤسسة المهمة للغاية في المستقبل».

وأضافت «إنني متأكدة أن المشاورات ستتكثف الآن بشأن الخلافة وبشأن تقديم مرشح أوروبي قوي لتولي المنصب».

وتشير تقارير إلى أن المرشحين لخلافة ستروس - كان هم رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون، ووزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد، ووزير المالية الألماني السابق بير شتاينبروك، وهناك أيضا التركي كمال درويش، والهندي مونتيك سينغ أهلواليا، والمكسيكي أوغستين كارستنس.

ورئاسة صندوق النقد الدولي كانت دوما حكرا على الأوروبيين، لكن الدول الصاعدة مثل الصين تسعى لتغيير هذه المعادلة. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو: «اختيار رئيس الصندوق يجب أن يكون مبنيا على العدل والشفافية والاستحقاق. يجب أن تكون العلاقة متكافئة بين الصين وأوروبا». ومهما تكن جنسية الرئيس القادم، فإنه سيعتمد على الفوز بثقة الصينيين حتى يملأ الفراغ الذي خلفه ستروس - كان.

وقد قدم دومينيك ستروس - كان أمس استقالته من منصب مدير عام صندوق النقد الدولي، حيث بعث برسالة رسمية إلى الصندوق قال فيها إنه يرغب في مغادرة منصبه كي يتمكن من التركيز على تبرئة ساحته من تهمة الاعتداء الجنسي الموجهة إليه في نيويورك. في الأثناء، يقبع الرجل في زنزانة انفرادية بسجن ريكيرز ايلاند بنيويورك، في انتظار جلسة المحاكمة المقبلة، نافيا كل التهم الموجهة إليه، فيما يحاول محاموه إقناع القضاء الأميركي بإطلاق سراحه مقابل كفالة مالية ونظير تعهده بعدم مغادرة نيويورك والبقاء تحت المراقبة عن طريق حمل سوار إلكتروني. يقول ويليام تيلور، محامي ستروس - كان «معنوياته جيدة. هو رجل قوي وهو مصمم على إثبات براءته، إنه على اتصال بزوجته ولكنها لم تزره في السجن». عشرات النساء من منظمات نسائية أميركية، تظاهرن أمام صندوق النقد الدولي للتنديد بما تتعرض له المرأة من عنف وانتهاكات جسدية. يأتي ذلك في وقت نفت فيه الضحية قطعيا ممارسة الجنس برضاها مع ستروس - كان، بعد أن صرح محاموه بأن الإثباتات الطبية الشرعية لا تتطابق مع علاقة بالإكراه.