سيناتور أميركي آسفاً: دول الشرق الأوسط في حاجة إلى «مشروع مارشال جديد».. لكن ظروف أميركا المالية لا تسمح

تونس تحتاج إلى 10 مليارات يورو مساعدات.. ووفد استثماري أميركي كبير يزورها الشهر المقبل

مرشح الحزب الجمهوري السابق السيناتور جون ماكين وإلى جانبه أحد الصحافيين (نيويورك تايمز)
TT

في إشارة إلى خطة أميركا المالية التي أعادت بها بناء أوروبا في أعقاب دمار الحرب العالمية الثانية التي أطلق عليها «مشروع مارشال» دعا السيناتور الأميركي جون ماكين إلى المزيد من الاستثمارات واتفاقات التبادل الحر لتحفيز اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مبديا أسفه لغياب خطة مارشال بسبب الصعوبات المالية الأميركية. وقال السيناتور الجمهوري، في خطاب بالمعهد الأميركي للسلام الخميس: «ينبغي ألا يتوقع أحد خطة مارشال للشرق الأوسط». وأوضح السيناتور أن خطابه كان متوقعا قبل خطاب الرئيس باراك أوباما حول الموضوع نفسه في وقت سابق خلال النهار. لكنه أقر بأنه «من المستحيل حجب رئيس، لا سيما إذا كان يتمتع ببلاغة الرئيس أوباما». واعتبر ماكين أن خطة مساعدة كبيرة للشرق الأوسط مستحيلة؛ لأن نواب الكونغرس أرسلوا إلى واشنطن لانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 بهدف «الحد من النفقات». وشجع السيناتور واشنطن على العمل «بصورة عاجلة للبدء بمفاوضات حول التبادل الحر مع مصر وتونس». ودعا أيضا إلى «إقامة مناطق للتبادل الحر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وأضاف ماكين: «إن هدفنا هو توسيع مدى الرسالة التي تقول إن إصلاحات ديمقراطية أكبر يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الاستثمارات الأجنبية»، موضحا أنه سيتوجه إلى تونس ومصر، الشهر المقبل، برفقة رئيس مجموعة «جنرال إلكتريك» جيفري إيمالت على رأس وفد من رؤساء شركات أميركية. من جهة أخرى، عرض ماكين في خطابه 4 أهداف هي: تشجيع التغييرات «السلمية» للأنظمة و«تعزيز» عمليات الانتقال الديمقراطية ودعوة دول المنطقة إلى دعم هذا التطور واختيار حل الدولتين (إسرائيل وفلسطين) اللتين تعيشان «جنبا إلى جنب بسلام وأمن».

إلى ذلك، قال وزير السياحة والتجارة التونسي، مهدي حواص، أمس الجمعة: إن الاقتصاد التونسي تأثر بشكل خطير بالانتفاضة الشعبية التي اندلعت هذا العام، ويحتاج مساعدة كبيرة من الاتحاد الأوروبي وآخرين لكي يتعافى. وقال حواص، في مؤتمر صحافي خلال زيارة لبروكسل: إن تونس تحتاج إلى مساعدات تتراوح بين 7 و10 مليارات يورو لحماية اقتصادها في الأجل القصير، مضيفا أن بلاده تسعى إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 أمثاله في غضون 5 سنوات. وذكر أن تونس تحتاج إلى تمويل للبنية التحتية وخلق الوظائف. وقال رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي، هذا الأسبوع: إن تونس تحتاج إلى 25 مليار يورو على مدى 5 سنوات من مصادر خارجية لسد العجز في الميزانية. وتكافح تونس لاستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير (كانون الثاني) في انتفاضة شعبية أوقد شرارتها الإحباط من الفساد واستمرار الصعوبات الاقتصادية.

وقال حواص: إن المشاريع الصغيرة والقطاع السياحي الحيوي تأثرت بشكل كبير بالاضطرابات؛ إذ فقدت البلاد آلاف الوظائف بسبب الانخفاض الحاد في أعداد السائحين. ويتوقع البنك المركزي التونسي نموا للاقتصاد لا يتعدى 1 إلى 2% هذا العام بسبب استمرار حالة عدم اليقين. ويقول إنه لا بد من تحقيق نمو بنسبة 7% لخلق فرص عمل كافية للعاطلين الذين تتزايد أعدادهم. وتلقى الاقتصاد أيضا ضربة من تأثر تحويلات العاملين في الخارج، التي تراجعت 12% إلى 530 مليون دينار في الربع الأول من العام. وإذا استمرت الصعوبات الاقتصادية فإن هناك خشية من استمرار هجرة الشبان التونسيين الذين يصل عددهم إلى الآلاف إلى شواطئ أوروبا، لا سيما جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.

وفي محاولة لحل هذه المشكلة، تعهد الاتحاد الأوروبي بمساعدة تونس في إنعاش اقتصادها من خلال وعود لتعزيز الروابط التجارية وتخفيف شروط الحصول على التأشيرات مقابل أن تحكم تونس السيطرة على حدودها للحد من تدفق المهاجرين. وقال حواص، الذي التقى مسؤولين في الاتحاد الأوروبي يوم الخميس: «أعتقد أن الاتحاد الأوروبي جاد في الوفاء بوعوده». وعقب الانتفاضات في شمال أفريقيا، حث قادة الاتحاد الأوروبي على مزيد من التكامل الاقتصادي للمساعدة في خلق فرص العمل وتحفيز النمو من أجل ضمان الاستقرار الاقتصادي والحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا. وقال الوزير: إن تكامل الاقتصاد التونسي مع اقتصاد الاتحاد الأوروبي لا يزال يمضي قدما، لكن المستثمرين يحجمون عن ضخ أموالهم في تونس، بسبب حالة عدم الاستقرار الناشئة عن التحول إلى الديمقراطية. والتقى حواص أيضا مستثمرين وقادة أعمال أوروبيين لإقناعهم بالاستثمار في تونس لإعادة تنشيط الاقتصاد الذي قال إنه قد يكون قاعدة للتوسع في أفريقيا. ووجهت دعوة إلى مسؤولين تونسيين للمشاركة في اجتماع مجموعة الدول الـ8 الصناعية الكبرى الذي يعقد الأسبوع المقبل في فرنسا؛ حيث يعتزمون عرض قضيتهم أمام الاجتماع الذي سيركز في جزء منه على مساعدة بلدان شمال أفريقيا في التعافي من تداعيات انتفاضاتها الشعبية.