الاتحاد الأوروبي يحدد خطوات مساعدة البرتغال

وسط مظاهرات في شوارع لشبونة وبرشلونة للاحتجاج على خطط الإنقاذ المالي

TT

بالتزامن مع نشر الاتحاد الأوروبي، في الجريدة الرسمية، موافقته على الطلب الرسمي الذي تقدمت به البرتغال يوم السابع من الشهر الماضي للحصول، بشروط، على حزمة مساعدات مالية، عرفت شوارع البرتغال مظاهرات مناهضة لخطط الإنقاذ المالي، وهتف البرتغاليون في لشبونة ضد الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، أما في إسبانيا فقد شهدت برشلونة ومدن أخرى مظاهرات ضد الحكومة، وندد المتظاهرون بخضوعها لسيطرة رجال البنوك، وذلك قبل ساعات من انتخابات محلية في البلاد.

وقال بيان صدر في كل من بروكسل ولوكسمبورغ: إن الطلب الذي تقدمت به البرتغال جرت الموافقة عليه من جانب المجموعة الأوروبية الموحدة بعد إقراره من مجلس وزراء المال والاقتصاد، الذي اجتمع في السابع عشر من الشهر الحالي، ووافق على طلب المساعدة لتغطية احتياجات التمويل بمبلغ قدره 78 مليار يورو لمدة 3 سنوات. وسيقوم الاتحاد الأوروبي من خلال آلية الإنقاذ الأوروبية والآلية الأوروبية للاستقرار المالي، بتقديم المساعدة المالية بقيمة 26 مليار يورو من كل آلية منهما، على أن تضاف إليهما المساعدة المقررة من صندوق النقد الدولي، التي تقدر أيضا بـ26 مليار يورو.. وقال البيان الأوروبي: إن تغييرا طرأ على برنامج تقديم المساعدات من آلية الإنقاذ الأوروبية، الذي سبق أن جرى وضعه على أساس برنامج لمساعدة آيرلندا، وأصبح الآن يشمل البرتغال أيضا، ويجري الآن التنسيق الوثيق بين الجهات المختصة لضمان تسيير الأمور بشكل أكثر سلاسة خلال المدة الكاملة لتقديم الدعم، وتشمل عملية الإقراض من صناديق المساعدة الأوروبية التي تجري بين 23 مايو (أيار) و15 يوليو (تموز) تغطية مصروفات لكل من البرتغال وآيرلندا بقيمة 15 مليارا و300 مليون يورو، على أن تأتي مدفوعات تكميلية من صندوق النقد الدولي على النحو المتفق عليه مع الاتحاد الأوروبي، وستكون برامج المساعدة المقدمة من الاتحاد الأوروبي على أساس آجال استحقاق من 5 إلى 10 سنوات، على أن يتم تحديد المدفوعات المتوقعة خلال الباقي من العام الحالي بناء على احتياجات البرتغال وآيرلندا، وذلك بعد استعراض للأمر بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبالتنسيق مع المركزي الأوروبي، وستتولى المفوضية الأوروبية، بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد، الإشراف على هذه الخطوات.

وذلك بعد أن وافق الاتحاد على برنامج إقراض طارئ للبرتغال لمدة 3 سنوات بقيمة 78 مليار يورو تقوم فيها البرتغال بخفض الإنفاق العام في عامي 2012 و2013 وفرض تدابير التقشف التي رفضتها في شهر مارس (آذار) الماضي مع ملاحظة عدم بيع مستثمري القطاع الخاص حيازتهم من السندات ليمثل هذا القرار ثالث عملية إنقاذ يحصل عليها عضو في منطقة اليورو على مدى العام الماضي بعدما وضع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي معا حزمة بقيمة 110 مليارات يورو لليونان في مايو الماضي وبرنامجا بقيمة 85 مليار يورو لآيرلندا في نوفمبر (تشرين الثاني).

وسبق أن أعلن صندوق النقد الدولي أنه يقوم حاليا بتقديم مبلغ 24.2 مليار دولار أخرى في صورة قروض لآيرلندا بعد أن قرر أن تلك الدولة تحرز تقدما نحو التغلب على أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث، وأشار الصندوق إلى أنه بذلك تكون آيرلندا قد حصلت على 19.10 مليار دولار في ظل حزمة إنقاذ مدتها 3 سنوات من جانب الصندوق تمت الموافقة عليها في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي يبلغ حجمها 9.30 مليار دولار، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدم أيضا لآيرلندا قروض إنقاذ بنحو 90 مليار دولار.. وأضاف صندوق النقد الدولي أن آيرلندا بدأت بداية قوية نحو وضع اقتصادها المتعثر على المسار الصحيح. يأتي ذلك فيما ارتفعت نسبة البطالة في البرتغال، خلال الربع الأول من السنة الجارية، إلى 12.4% من 10.6% سجلت في الفترة ذاتها من 2010، حسب البيان الذي نشره معهد الإحصاءات الوطني. يُشار إلى أن اقتصاد البرتغال سقط مجددا في الركود خلال الربع الأول.

وتظاهر الآلاف في شوارع العاصمة البرتغالية لشبونة تعبيرا عن رفضهم سياسة شد الأحزمة على البطون التي تفرضها عليهم الحكومة من أجل مواجهة الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد. المتظاهرون رددوا شعارات مناهضة لصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، متهمين إياها بالتدخل في شؤون البلاد، والتآمر على الإنتاج الوطني. وهذا ما عبر عنه أحد المتظاهرين الذي قال لوسائل إعلام أوروبية: «نحن نتظاهر قبل كل شيء ضد صندوق النقد الدولي وضد الفقر. يجب تطوير منتجاتنا الوطنية. أعتقد أننا سننجح في ذلك من دون حاجة لهذه المؤسسة». ويوضح آخر قائلا: «نحن هنا، كعمال ننتمي إلى عدة أجيال، من أجل الوقوف ضد التدابير التي يريد هذا الثلاثي الأجنبي (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي) فرضها على الشعب البرتغالي بتواطؤ السياسيين البرتغاليين والأحزاب التي حكمت البلاد خلال الأعوام الـ35 الأخيرة».

وحسب الكثير من المراقبين في أوروبا، فإن مصير الشعب البرتغالي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة تقرر قبل أسابيع على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي؛ حيث اتفق على قبول لشبونة إصلاحات اقتصادية قاسية تؤدي إلى ركود اقتصادي حاد لمدة عامين مقابل مساعدات مالية قدرها 78 مليار يورو.

وفي الدولة التي تحيط بها مخاوف من انزلاقها في دوامة أزمة الديون السيادية، خرج آلاف الشبان في مسيرات جابت شوارع مختلف المدن الإسبانية، مطالبين بديمقراطية حقيقية وبإصلاحات اجتماعية. المتظاهرون طالبوا بوضع حد للفساد وللأنظمة السياسية التي تفضل الأحزاب الكبرى، كما هاجموا الحكومات التي تخضع لسيطرة رجال البنوك واتهموها بفرض سياسات تقشفية تقوض الحقوق الاجتماعية. يأتي ذلك بينما ارتفعت نسبة الصادرات إلى دول منطقة اليورو، مما ساعد الاقتصاد الإسباني في النمو بنسبة فصلية طفيفة في الربع الأول من السنة الجارية، بينما بقي الاستهلاك المحلي ضعيفا، لكن في نطاق إيجابي، حسب البيان الذي أصدره معهد الإحصاءات الوطني. وقال خوسيه مانويل كامبا، نائب وزير الاقتصاد: «الناتج ينمو بينما نشهد تعافيا في الكثير من القطاعات، خاصة في قطاع البناء.. في الوقت ذاته هناك جهود معتبرة لخفض العجز في الموازنة». أما الناتج المحلي الإجمالي فقد نما بنسبة سنوية مقدارها ثمانية أعشار نقطة مئوية، وهي نسبة جاءت مطابقة لتوقعات الخبراء كما أنها تمثل أسرع وتيرة لنمو الاقتصاد الإسباني في عامين.