أين من وعدونا بسقوط سوق العقارات؟!

سعود الأحمد

TT

للإعلام أثر سلبي أكثر منه إيجابي، إذا تُرك يقود الرأي العام إلى غير هدى.. وهذا ما تؤكده بعض الحالات في المجتمعات التي يُترك فيها الحبل على الغارب للمجتهدين وغير المكترثين بآثار ما يطلقونه من آراء وتحليلات وتحقيقات.

ومن ذلك ما سبق أن تردد خلال السنتين الماضيتين (ولا يزال)، بأن سوق العقار مقبلة على سقوط. ولو بحثنا في «غوغل» بعبارة «انخفاض سوق العقار السعودية» لوجدنا كما هائلا من المقالات والتحقيقات الصحافية على ألسنة بعض الكتاب والمحللين الماليين والاقتصاديين خلال السنتين الماضيتين، تتحدث عن قرب سقوط سوق العقار السعودية! ولأن الحديث عن توجه أسعار العقارات السكنية يظل محور اهتمام رجال الأعمال والشركات المستثمرة الوطنية والأجنبية. فلذلك ينبغي إيضاح الصورة حول ما يُطرح من تناقضات حوله. وقد ذكرت رأيي في عدة مقالات (وما زلت أعتقد) بأن سوق العقارات السكنية السعودية، في العاصمة (الرياض) والمدن الرئيسية الأخرى، وفي ضوء المعطيات الحالية، لا يتوقع لها أن تنخفض.. وأن على بعض الكتاب والمحللين أن يفرقوا بين ما يرغبون ويتمنون له أن يحدث، وما يُنتظر له في ظل المعطيات الحالية أن يحدث.. لأن هناك من يقرأ مثل هذه المقالات والتحليلات، وخصوصا إذا كان أصحابها من أصحاب الظهور الإعلامي المتكرر، ويبدأ يروج لهذه الآراء في المحافل والمجالس، فيصبح أثرها السلبي على الاقتصاد ذا تكرار يتضاعف، وإلى ما لا نهاية! ولا يستغرب من أي شخص أن يستدل بها في توجيه قراراه الاستثماري على المستوى الشخصي، بل إن هناك فئة من رجال الأعمال والمستثمرين، وحتى على مستوى الشركات العالمية، في مجالات مشاريع البناء العقاري، ممن يتأثرون بما ينشر من آراء وتحليلات صحافية. ومن الطبيعي عندما يسمعون أكثر الأصوات تردد أن سوق العقار السكني مقبلة على سقوط، أن يحجموا عن البدء في تنفيذ مشاريعهم المعمارية السكنية.

ويكمن الأثر السلبي لهذه الأخبار الصحافية، في افتعال حالة من الحذر (غير المبرر) ليصبح أحد العوامل التي تتسبب في تخفيض حجم العرض في السوق العقارية، مما يؤدي (إضافة للعوامل الأخرى) إلى المساهمة في رفع السعر.. وهذا ما يحدث ببساطة في سوق العقار السكني السعودية! والذي يدفع ثمنه (حاليا) المواطن الباحث عن السكن، والاقتصاد المحلي الذي يفقد لبنات تتمثل في مشاريع سكنية كان يمكن أن تزيد في بناء ميزانية الدولة، التي تثقل باعتمادات القروض والمنح وبناء المشاريع السكنية.. للتخفيف من أعباء المواطن! وخلاصة القول: إن توجه أسعار العقارات السكنية خلال السنوات القريبة الماضية كان يميل بشكل مستمر إلى الارتفاع.. لأن نمو الطلب على المساكن كان ولا يزال يفوق نمو العرض. وهذا الرأي تعرضت له أكثر من مرة في مقالات سابقة، مما يدعو للعودة له وبشكل مباشر، الخطورة التي يمكن تصورها إذا أدركنا حجم تأثير الرأي غير الدقيق على سوق العقار وعلى اقتصاد المجتمع.

* كاتب ومحلل مالي