دعوة في الرياض لتشجيع الشركات الأجنبية على دعم قطاع المسؤولية الاجتماعية

سمو رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية اقترح تحفيز هذه المنشآت بحسم تبرعاتها من الوعاء الضريبي

الامير فيصل بن سلمان يدشن معرض المسؤولية الاجتماعية والى جانبه الامير فيصل بن احمد بن عبدالعزيز (تصوير:احمد فتحي وخالد المصري)
TT

دعا مجلس المسؤولية الاجتماعية في الرياض، أمس، إلى ضرورة إيجاد المحفزات للشركات الأجنبية في السعودية لدعم قطاع المسؤولية الاجتماعية، على أن يتم ذلك عبر تحفيز الشركات بحسم تبرعاتها خلال السنة من الوعاء الضريبي.

وأكد الأمير فيصل بن سلمان رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في الرياض على أنه «نظرا لأهمية دعم القطاع في برامج المسؤولية الاجتماعية، من هنا أوجه دعوة إلى أهمية تشجيع الشركات الأجنبية العاملة في المملكة، والتي لديها أوعية ضريبية في بلادها في استخدام الحسم الضريبي للجمعيات الخيرية في المملكة ليكون عنصرا من المصروفات في بلدانها».

وكان الأمير فيصل يتحدث خلال انطلاق معرض المسؤولية الاجتماعية مساء أمس والذي يقام بفندق الفورسيزون بالعاصمة الرياض وتتواصل فعالياته على مدى يومين، بتنظيم من قبل مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض، والغرفة التجارية الصناعية.

وقال الأمير فيصل بن سلمان: «إننا بحاجة إلى تحفيز الشركات، وقد يتم التحفيز عبر حسم تلك التبرعات خلال السنة من الوعاء الضريبي، ومثل هذا الإجراء سوف ينعكس إيجابيا على العمل الخيري ويوفر الدعم المستدام لمؤسسات المجتمع المدني، لتقوم بدورها الداعم للعمل الحكومي، فالجمعيات والمؤسسات الخيرية تقلل نفقات الحكومة وجهودها في مجالات عديدة، وكلما تعاظم دورها كان لذلك الأثر الإيجابي على سرعة تلبية احتياجات الناس الضرورية في المجالات الإنسانية والاجتماعية».

وقال الأمير فيصل في كلمته أمس «إن ضرورة التأصيل لثقافة راقية تستمد جذورها من قيم إنسانية ودينية ووطنية، وهي ثقافة المسؤولية الاجتماعية بمفهومها المتخصص، والتي تستهدف منشآت القطاع الخاص».

وزاد رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في كلمته: «ما نشهده الليلة من تفاعل متميز مع هذه الثقافة الناشئة، هو في اعتقادي أمر يجسد كثيرا من الحقائق، في مقدمتها المسؤولية الاجتماعية للأفراد ومنشآت القطاع الخاص في السعودية، وتنامت لتتجسد على أرض الواقع مبادرات تعددت تخصصاتها ومجالاتها بشكل يعزز قدراتها، كشريك لأجهزة الدولة في العملية التنموية».

وتابع الأمير فيصل: «لا شك أن تأسيس مجالس للمسؤولية الاجتماعية بالرياض وبعض المناطق، واهتمام عدد من مؤسسات المجتمع المدني بتشكيل لجان وفرق للمسؤولية الاجتماعية، هو في حد ذاته نقلة متدرجة نحو بدء توفير قاعدة علمية ودليل تنطلق منه برامج الشركات والمؤسسات، بما يتواكب مع الاحتياجات الفعلية للتنمية المستدامة».

وأكد رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية على «أهمية تضافر قطاعات عديدة لتفعيل مفهوم المسؤولية الاجتماعية بالمجتمع، وذلك بضرورة اهتمام وسائل الإعلام بالتوعية بنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية ومبادئها الصحيحة والعائد على المنشآت المؤدية لها، وقيام الدولة بتيسير الإجراءات المرتبطة بأداء المنشآت للمسؤولية الاجتماعية وتوفير محفزات نظامية للمنشآت».

وقال: «اسمحوا أن أرفع آيات الشكر والتقدير إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وإلى ولي العهد الأمين، والنائب الثاني، لما تحظى به جهود مؤسسات المجتمع المدني من دعم ورعاية كريمين، كما أرفع بالإنابة عن مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض وافر الشكر والعرفان إلى الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، الرئيس الفخري للمجلس، لما تفضل به من مساندة للمجلس ولفكرة هذا المعرض».

من جهته، قال عبد الرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض خلال كلمته إن هذه المسؤولية الاجتماعية تعكس نضج القطاع الخاص السعودي وانتقاله إلى مرحلة من العطاء الوطني بما يتوازى مع حرصه على تحقيق الأرباح والنجاح التجاري، مرورا بتفوق مؤسسات المجتمع المدني السعودي المتمثلة في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، لتحقيق هدف السلام الاجتماعي والتنمية الشاملة.

وأشاد الجريسي بالشركات والمؤسسات الوطنية التي طورت من برامجها للمسؤولية الاجتماعية بشكل متسارع وناضج، والشكر موصول للأجهزة الحكومية التي تمد يد الاهتمام والمساندة لجهود منشآت القطاع الخاص في هذا الصدد.

من جانبها، أكدت شيخة المزيني، المدير العام لمؤسسة «بتولا» لتنظيم المعارض، أن معرض المسؤولية الاجتماعية يأتي تأكيدا لمعاني الفكر والعطاء والبذل، مشددة على الوعد الذي أطلقه مجلس المسؤولية الاجتماعية، بأن تتجسد هذه المسؤولية على هيئة معرض، وأن يتحول العطاء إلى واقعٍ ملموس يراه الزوّار ويتفاعل معه الحضور.

وقدمت المزيني، جزيل شكرها إلى الدعم الحكومي لهذا النشاط، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، والأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والأمير فيصل بن سلمان رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية، والجهات الداعمة والراعية لهذا المعرض.

يشار إلى أن المعرض الأول للمسؤولية الاجتماعية تتواصل فعالياته على مدى يومين، وينظمه مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض والغرفة التجارية الصناعية بالرياض بالتعاون مع شركة «بتولا»، وبدعم من عدد من الشركات الراعية في مقدمتها الشركة السعودية للاتصالات.

و أكد عبد الله المقيرن نائب رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض، على هامش الافتتاح، أن هذا المعرض يأتي ضمن البرامج التعريفية والتدريبية التي تبناها مجلس المسؤولية الاجتماعية في إطار خططه لتعزيز تلك الثقافة وتوسيع دائرة المهتمين بها والمستفيدين منها، مشيرا إلى أن المجلس يعد جهدا مؤسسيا يضمن بلورة مبادرات القطاع الخاص في عمل منهجي يتسم بالاستمرارية وله آلياته وقنواته ومقوماته. وقد استطاع المجلس أن يحقق نقلة نوعية في هذا المجال تقنينا وتحفيزا وتكاملا بين القطاعات المعنية، في حين أشار عسكر الحارثي الأمين العام لمجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض أنه برزت في الآونة الأخيرة بعض التجارب المتميزة للمسؤولية الاجتماعية ورغم قلتها فإنها تعد نماذج يمكن الاستعانة بها في تعميم ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية بين مختلف المنشآت، مشيرا إلى أن معرض المسؤولية الاجتماعية يعكس ذلك بصورة واقعية حيث سيكون بمثابة نافذة للتعريف ببرامج الشركات الوطنية في مجال المسؤولية الاجتماعية.

وأوضح الحارثي أن هذا المعرض يأتي ضمن البرامج التعريفية والتدريبية التي تبناها مجلس المسؤولية الاجتماعية في إطار خططه لتعزيز تلك الثقافة وتوسيع دائرة المهتمين بها والمستفيدين منها.

وينتظر أن يناقش المعرض عددا من أوراق عمل ومحاضرات إذ تنطلق صباح اليوم فعاليات حلقات النقاش وورش العمل المقامة على هامش معرض المسؤولية الاجتماعية وتتواصل يوم الثلاثاء المقبل بحضور عدد من رجال الأعمال وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمهتمين ببرامج خدمة المجتمع.

فيما يقدم عسكر الحارثي أمين عام مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض ورقة بعنوان «مجلس المسؤولية الاجتماعية بالرياض.. بدايات بحجم التحديات»، تلقي الضوء على تجربة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض في تبني برنامج «مسؤولية» الذي توج بتأسيس مجلس المسؤولية. يعقب ذلك ورشة عمل وحلقة نقاش. فيما تتواصل الجلسات برئاسة الدكتور عبد الله الشدادي رئيس مجموعة «نما» المعرفية، حيث يقدم نواف الشعلاني تجربة المسؤولية الاجتماعية في الاتصالات السعودية يليه المهندس محمود التركستاني يتحدث عن تجربة البنك الأهلي في المسؤولية الاجتماعية، وبعده محمد بن عبد العزيز عن دور المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص في دعم رواد الأعمال «انطلاقة».

يلي ذلك ورقة عمل للدكتور أحمد بن عوضه الزهراني بعنوان «المسؤولية الاجتماعية والإعلام الجديد.. رؤية مستقبلية.. خبراء التربية أنموذجا»، ثم يترأس مطشر المرشد الرئيس التنفيذي لشركة «ميريل لنش» الجلسة الثالثة، يقدم فيها السيد ماغ مارتن المعايير الدولية في الآيزو 2600، ثم الدكتور مايكل فون في محاضرة عن «كيف تفعل آيزو 2600 داخل أنظمتك الإدارية».

ويستمر الخبراء في المسؤولية الاجتماعية في بحث مستجدات هذا المجال إذ يترأس محمد العنقري الكاتب الاقتصادي، ومحمد الرديني، جلسة بعنوان «عن دور الإعلام في تعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية»، كما يقدم الدكتور عادل بن عبد الرحمن القعيد: «الموهوبون والمسؤولية الاجتماعية.. مؤسسة الملك عبد العزيز ورجالة للموهبة والإبداع».

يشار إلى أن المشاركة الاجتماعية لسنوات ظلت تعتمد على المبادرات الفردية الداخلية، ولكن مع تعاظم دور منشآت القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية وبشكل عكسي مع دور القطاع العام الذي بات تشريعيا بالدرجة الأولى، تضاعفت الحاجة لتحقيق تعاون متوازن بين الأطراف الثلاثة (الدولة والقطاع الخاص والمجتمع)، لتجاوز المشاركة الاجتماعية بشكل عشوائي لكي تأخذ شكلا منظما بأهداف واضحة واستراتيجيات معلنة تحت مظلة «المسؤولية الاجتماعية».

وخلال العقود الأخيرة من القرن العشرين أصبح لمنشآت القطاع الخاص في الدول الصناعية دور تنموي أساسي، وأصبح العطاء للتنمية جزءا لا يتجزأ من نشاطاتها، وباتت المسؤولية الاجتماعية جزءا من خطط التسويق لمنتجات الشركات، وتصاعد التنافس إلى الحد الذي كان وراء مبادرات بعض الشركات الكبرى بإنشاء مؤسسات تنموية أو تخصيص موازنات ضخمة للعمل الاجتماعي والخيري، وقد تجاوز الأمر المشاركة في مساعدة الفئات الأقل حظا إلى آفاق أرحب وأنماط متعددة من المسؤولية الاجتماعية.

كما أن المسؤولية الاجتماعية تعد التزام منشآت القطاع الخاص بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيها والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آنٍ واحد.

فيما تحظى ثقافة المسؤولية الاجتماعية في السعودية برصيد ثري من المنطلقات الدينية والإنسانية والوطنية، والتي ولّدت مبادرات المسؤولية الاجتماعية في المجتمع السعودي، إلا أن تلك المبادرات افتقدت إلى وقت قريب سمات الرؤية الاستراتيجية والاستمرارية.