مخاوف من تمدد «سرطان الديون» إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى

بعد خفض تصنيف كل من إيطاليا وبلجيكا وتحذير اليونان

أزمة الديون تهدد تماسك الاتحاد الأوروبي
TT

أثيرت مخاوف من تمدد سرطان الديون السيادية إلى دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي في أعقاب خفض وكالات التصنيف الدولية لكل من بلجيكا وإيطاليا وتحذير من تخلف اليونان من السداد. وعبر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي عن شكوكه أمس الثلاثاء تجاه الحديث عن السماح لليونان بإعادة هيكلة ديونها أو تأجيل موعد سدادها واصفا ذلك بأنه استراتيجية تتسم بالمخاطرة. ورغم حصولها على حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو (155 مليار دولار)، ينظر إلى اليونان من جديد بأنها على شفا التخلف عن سداد ديونها ما لم تتخذ خطوات لخفض عبء ديونها الضخم. وقال فان رومبوي في كلمة في باريس وفقا لنص وزع في بروكسل إن «هناك خطرا حقيقيا من أن تفاقم إعادة هيكلة الديون أو إعادة جدولتها الوضع بشكل أو بآخر نظرا لأن مخاطر فشل مثل تلك العمليات ضخمة بالمقارنة بالفوائد المحتملة».

تتعارض تصريحاته مع حديث لرئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يانكر الذي يرأس أيضا لجنة وزراء مالية مجموعة اليورو بشأن «إعادة هيكلة ناعمة» لديون اليونان الأسبوع الماضي. وقال فان رومبوي إنه «يجب مواصلة التركيز في الضغط على السلطات اليونانية من أجل تنفيذ «إصلاحات صارمة لكنها ضرورية». وأثارت المخاوف بشأن قدرة اليونان على السداد القلق مجددا من أن أزمة ديون منطقة اليورو التي دفعت بالفعل آيرلندا والبرتغال أيضا إلى طلب مساعدات إنقاذ قد تنتشر بشكل أكبر.

كانت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني قد عدلت يوم الاثنين توقعاتها لبلجيكا من «مستقر» إلى «سالب» معربة عن قلقها من أن الجمود السياسي الذي يعترض تشكيل حكومة جديدة سيؤثر على «قدرة البلاد في تسريع (عملية) الترشيد المالي».

وذكرت وكالة أنباء «بلجا» البلجيكية أن رئيس وزراء بلجيكا إيف ليتيرم حذر أمس الثلاثاء من حدوث حالة من الهلع، مشيرا إلى أن وكالة (فيتش) لم تغير التصنيف الائتماني الفعلي للبلاد، لكنها أصدرت «تحذيرا». وتأتي الخطوة بعد تخفيض مشابه أجرته وكالة «ستاندرد أند بورز» لنظرتها المستقبلية لإيطاليا من «مستقر» إلى «سالب» على أساس الخطر الذي يفرضه عدم الاستقرار السياسي على جهود خفض الديون.

ونجحت إيطاليا وبلجيكا بشكل نسبي في خفض العجز في الموازنة، لكن الديون العامة الإجمالية لهما من بين أعلى المستويات في منطقة اليورو وبلغت 119% 96.8% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الثاني على التوالي.

إلى ذلك قالت وكالة «موديز» للتصنيف أمس الثلاثاء إن عجز اليونان عن تسديد ديونها سيؤثر على دول أخرى بمنطقة اليورو، مضيفة أن التأثير الكلي على أسواق المال الأوروبية سيكون من الصعب التنبؤ به، ولا يزال من الصعب السيطرة عليه.

وأضافت في بيان: «ترى (موديز) أنه من المرجح أن يكون للعجز آثار عكسية محتملة للتصنيف الائتماني لليونان وربما تضغط بعض الآثار الأخرى على الديون السيادية الأوروبية والبنوك اليونانية، بغض النظر عن الجهود التي جرت لتحقيق نتائج بشكل منظم». وأوضحت أن «التأثير الكلي على أسواق المال الأوروبية سيكون من الصعب التنبؤ به ومن الصعب السيطرة عليه.. سيكون للآثار الجانبية تداعيات محتملة على الاستحقاق الائتماني لجهات الإصدار في أنحاء أوروبا».

وكان رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أعلن يوم الاثنين عن جولة جديدة من إجراءات التقشف بمبلغ إجمالي قدره 6 مليارات يورو، تشمل تسريع عملية خصخصة ممتلكات الحكومة في محاولة لجمع الأموال وخفض عجز الموازنة الضخم في البلاد. ولدى اليونان في الوقت الحالي سيولة نقدية تحول دون عجزها عن السداد حتى منتصف يوليو (تموز)، ما يجعل من الحتمي عليها أن تقنع دائنيها الأجانب بالموافقة على الإفراج المقرر الشهر المقبل عن الشريحة الخامسة من حزمة الإنقاذ الطارئة لأثينا.

وقالت موديز إن القطاع المصرفي اليوناني سيكون في حاجة إلى إعادة رسملة في حال التخلف عن سداد دين سيادي، فضلا عن استمرار دعم السيولة النقدية من البنك المركزي الأوروبي. كما حذرت من أن العجز عن سداد دين سيادي من المرجح أن يلازمه بعض أشكال التعثر عن سداد دين مصرفي.

وقالت «موديز» إنه «طالما استمرت الحالة الراهنة من الغموض في التأثير على اليونان، يتعاظم الاتجاه على جانب كل من اليونان وسلطات منطقة اليورو بمحاولة البدء في بعض أشكال إعادة هيكلة للديون».

وكان مفتشون من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية طالبوا اليونان بتسريع وتيرة الإصلاحات التي ستفسح الطريق أمام تقديم دفعة القروض التالية بقيمة 12 مليار يورو (16.8 مليار) إلى البلد الذي يعاني من أزمة سيولة نقدية.

وكان مسؤولو صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية الذين ظلوا في أثينا خلال الأسبوعين الماضيين علقوا مراجعاتهم يوم 20 مايو (أيار) ووعدوا بالعودة عندما تتبنى اليونان إجراءات أكثر صرامة وفقا لخطة مالية وخصخصة. ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات مع مفتشي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد في وقت لاحق من الأسبوع بعد أن يتم عرض مشروع القانون على البرلمان.

ورغم حصول اليونان على قرض إنقاذ مالي بقيمة 110 مليارات يورو (155 مليار دولار) العام الماضي من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، فإن أثينا تقف مجددا على شفا الإفلاس، حيث حالت حالة الركود الحاد الذي تعاني منه، بالإضافة إلى ضعف الإيرادات، دون الوفاء بالأهداف الكبيرة.