في أول قضية من نوعها.. الحكومة الأميركية تقاضي متهمين في التلاعب بأسعار النفط

المتهمون اشتروا 4.6 مليون برميل وكسبوا 50 مليون دولار

TT

بعد تخطي أسعار النفط حاجز الـ100 دولار للبرميل في عام 2008، أدت الشكوك بتلاعب المضاربين بالسوق إلى عقد جلسات استماع للكونغرس وتحقيقات تنظيمية، لكنها لم تسفر عن أدلة مؤكدة بشأن ارتفاع أسعار البنزين.

بيد أن منظمي السلع الفيدرالية رفعوا دعوى مدنية ضد مضاربين غير معروفين في أستراليا وكاليفورنيا و3 شركات دولية وأميركية. وتؤكد الدعوى محاولة هذه الشركات والمضاربين في بداية عام 2008 جمع ما يقرب من ثلثي الإمداد المتوفر في السوق الأميركية الحرجة من النفط الخام، ثم طرحها بصورة مفاجئة وجني 50 مليون دولار بصورة غير مشروعة.

ولم يصرح المنظمون في لجنة تداول السلع الآجلة عما إذا كانت الوكالة ستقوم بأي تحقيقات أخرى حول تكهنات أسعار النفط. ومع ارتفاع أسعار النفط مجددا العام الحالي طلب الرئيس أوباما من المدعي العام، إريك هولدر، إنشاء مجموعة عمل للتحقيق في التحايل في سوق النفط والغاز ووضع ضمانات ضد الإضرار بالمستهلك بصورة غير قانونية. وقد أنكر المتهمون في القضية - جيمس داير من أستراليا، ونيكولاس وايلدجوز من شركة «رانكو سانتا» بولاية كاليفورنيا، و3 شركات هي: «بارنون إنرجي للطاقة» في كاليفورنيا، و«وأركاديا بتروليم» في بريطانيا، و«أركاديا إنرجي»، السويسرية - تهمة التلاعب بالسوق، التي وجهت إليهم.

وإذا ما أثبتت الولايات المتحدة هذه المزاعم فسيضطر المتهمون إلى دفع 50 مليون دولار قيمة الأرباح التي يعتقد أنهم حققوها نتيجة التلاعب بالسوق ودفع غرامات تصل 150 مليون دولار. وتشير وكالة السلع إلى أن القضية تتضمن خطة معقدة تعتمد على العلاقة الوثيقة بين الأسعار الفعلية للنفط وأسعار العقود الآجلة التي تتحرك بالتوازي. وبحسب القضية التي قدمت إلى المحكمة الفيدرالية في نيويورك، فقد تمكن المتهمون في غضون أسابيع قليلة في يناير (كانون الثاني) 2008 من الحصول على مواقع كبيرة في سوق النفط الآجلة في كل من نيويورك ولندن.

في الوقت ذاته، قام المتهمون بشراء الملايين من براميل النفط الخام في كوشنغ بولاية أوكلاهوما، أحد مواقع التسليم الرئيسية لنفط غرب تكساس الوسيط، معيار النفط الأميركي، وأنهم اشتروا النفط على الرغم من عدم وجود حاجة تجارية له، وهو ما أعطى السوق انطباعا بتضاؤل الإمدادات النفطية، بحسب الدعوى المرفوعة.

وفي إحدى المراحل كانوا في وضع مهيمن من حيث امتلاكهم 4.6 مليون برميل من النفط الخام، حيث تمثل ثلثي الـ7 ملايين برميل من النفط الفائض الذي كان متوافرا حينها في كوشنغ، بحسب أوراق القضية.

وتشير السلطات إلى أن هذا النوع من النفط يعتبر المحرك الرئيسي لأسعار العقود الآجلة، وقد تسبب هذا السلوك في رفع أسعار العقود الآجلة. وتقول الوكالة: «كانوا يرغبون في دفع المتعاملين في السوق إلى الاعتقاد بأن الإمداد سيظل شحيحا». وهم يعلمون أنه كثيرا ما اعتقد المضاربون في السوق أن الإمداد سيكون صعبا وسيزداد صعوبة فإن ذلك سيدفع بالأسعار إلى أعلى بالنسبة لعقود تسليم شهر فبراير (شباط) مقارنة بشهر مارس (آذار) الذي كان هدفهم. وفي منتصف يناير قام المضاربون ببيع ممتلكاتهم الآجلة، ثم بدأوا بعد ذلك بأيام قلائل في الرهان على تراجع عقود النفط الآجلة من خلال ملاحظة وايلدجوز التي بعث بها في رسالة بريد إلكتروني بشأن التخلي المحتوم عن مخزونهم في سوق مطمئنة، بحسب ما أوردته الدعوى القضائية. وفي الخامس والعشرين من يناير قام المضاربون ببيع غالبية مخزونهم من نفط غرب تكساس الوسيط، وجنوا أرباحا كبيرة من انخفاض العقود الآجلة.

وفي واقعة أخرى قام المضاربون بتكرار عمليات الشراء والبيع في مارس 2008 وكانوا يستعدون للقيام بالأمر ذاته في أبريل (نيسان) من العام نفسه، لكنهم توقفوا عندما اتصل بهم المحققون من أجل الحصول على المعلومات. وخلال الفترة من يناير وحتى أبريل ارتفعت أسعار البنزين من 3 دولارات إلى 3.50 دولار للغالون، ومع مرور بضعة أشهر من العام ذاته، ارتفعت أسعار النفط، بعد وقف المتهمين لعملياتهم، بشكل كبير لتصل إلى 145 دولارا للبرميل في يوليو (تموز) 2008. لكنها تراجعت في نهاية العام إلى نحو 44 دولارا للبرميل. ويقترب سعر برميل النفط في الوقت الراهن لما يقرب من 100 دولار للبرميل.

وقد أسهمت الكثير من العوامل في تسهيل مهمة المضاربين، منها ضعف الإمدادات من الشرق الأوسط، والمخاوف من استهلاك الاقتصاد العالمي المزيد من النفط. بيد أن إجراءات الإنفاذ التي اتخذتها منظمة السلع كانت الدليل الموثوق الأول لقيام مجموعة صغيرة من المضاربين بلعب دور في التلاعب بالأسعار. ويقول مايكل لينش، المتخصص في شركة استشارات أبحاث الاقتصاد والطاقة الاستراتيجية: «سيساعد ذلك في إرضاء الرغبة بالعثور على مذنبين وإلقائهم تحت عجلات العدالة».

ولم تجب شركة «أركاديا بتروليم» البريطانية على الاتصالات الهاتفية، بينما قال الشخص الذي أجاب على الهاتف في شركة «أركاديا إنرجي» السويسرية إنه لا يعلم بالدعاوى القضائية، وإن داير ووايلدجوز في إجازة وليس هناك من أحد موجود للتعليق. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية، تسوية المفوضية عددا من قضايا التلاعب في سوق الغاز الطبيعي. ففي عام 2007 ألزمت شركة «ماراثون بتروليم كومباني» بدفع مليون دولار لمحاولتها التلاعب بخام غرب تكساس الوسيط في عام 2003. وقد قامت الوكالة بعمل مماثل لقضيتها الأخيرة في عام 2008، مؤكدة أن «أوبتيفر هولدنغ»، صندوق مضاربة للملكية ومقره في هولندا وله فرع في شيكاغو، قد استخدم برنامج مضاربة في عام 2007 لإصدار أوامر للتلاعب في سوق النفط الخام. ولا تزال القضية منظورة وتتضمن مزاعم بالتلاعب في العقود الآجلة للنفط الخفيف، ونفط تدفئة نيويورك هاربور، وبنزين نيويورك هاربور.

* شارك كليف كراوس في إعداد للتقرير.

* خدمة «نيويورك تايمز»