لجنة البورصة الأميركية بصدد منح الموظفين مكافآت للكشف عن مخالفات شركاتهم

الشركات تحتج ومؤسسات تدقيق الحسابات تتخوف على «حيلها المالية»

TT

تشعر الشركات الأميركية بحالة من القلق إزاء الخطة الفيدرالية الجديدة الرامية للكشف عن المخالفات المالية بمكافأة الموظفين داخل الشركات وغيرهم من بائعي المعلومات لقيامهم بكشف النقاب عن احتيال الشركات. ومن المقرر أن تقوم لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بالتصويت يوم الأربعاء المقبل على اقتراح هام لمكافحة مخالفات الشركات عن طريق منح الأموال للموظفين للانضمام إلى هذه المعركة.

وسوف تكون هذه المكافأة بمثابة حافز قوي للمرشدين الذين يدلون بمعلومات تقود إلى فضح الانتهاكات التي تكلف المستثمرين غاليا، بدءا من عمليات الاحتيال والتلاعب في حسابات شركة «إنرون أند وورلدكوم» منذ عقد من الزمن وحتى فضائح شركات «فاني ماي» و«فريدي ماك» التي حدثت بعد ذلك بسنوات وتشويه الحقائق في عمليات بيع وتسويق الرهون العقارية والأوراق المالية الفاسدة.

وتدفع الحكومة المكافآت للمخبرين لفضح الاحتيال، بدءا من التهرب الضريبي إلى التلاعب في برنامج التأمين الاجتماعي «ميديكار» وتجاوزات البنتاغون. وكجزء من إصلاح النظام المالي، طالب الكونغرس الرئيس أوباما في العام الماضي بتبني نظام رسمي للمكافآت في لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، التي تقوم بوضع السياسات لسوق «وول ستريت» ويعاقب الاحتيال ضد المستثمرين.

وتقول الشركات إنه قبل أن يقوم المخبرون بتبادل المعلومات مع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، ينبغي عليهم تنبيه الشركة التي يتهمونها، كما يجب عليهم إعطاء هذه الشركة فرصة لمعالجة سوء السلوك المزعوم، في حين أعربت بعض المجموعات التجارية عن قلقها من أن يؤدي ذلك إلى ارتباك لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية نتيجة المعلومات التي ستحصل عليها، ويقولون إنهم يريدون تخفيف العبء على المنظمين عن طريق فحص الشكاوى. وفي خطاب إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في شهر ديسمبر (كانون الأول)، قالت مجموعتي «راوندتيبول» للخدمات المالية وجمعية «المصرفيين» الأميركية اللتان تعدان من المجموعات الرئيسية في «وول ستريت»: «الشركات مجهزة إلى أبعد حد لتقييم الشكاوى في سياق أعمالها الخاصة ولتمييز الغث من الثمين». وتقول الجمعية الأميركية لمديري البنوك إنه يجب إلغاء برنامج المكافأة، حيث إن العاملين لديهم واجب تجاه شركاتهم «ولكن قد تم انتدابهم ووعدهم بثروات ضخمة لتجاوز شركاتهم وتقديم تقرير عنها إلى الحكومة».

أما المحامون المتخصصون في الدفاع عن المبلغين فيقولون إنه لا يمكن الوثوق في أن تقوم الشركات بالإبلاغ عن نفسها. وقال المحامون إنه ينبغي على الحكومة ألا تثبط من همة المخبرين المحتملين أو تضعهم في خطر الانتقام عن طريق الطلب منهم أن يبدأوا من خلال التعامل مع الشركات التي يعتقدون أنها تنتهك القانون.

وفي رسالة إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، قال السيناتور تشارلز غراسلي (جمهوري من ولاية أيوا)، والذي يدعو منذ فترة طويلة بأن تشجع الحكومة من يبلغ عن المخالفات: «إن الغرض الرئيسي من لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية هو حماية المستثمرين – وليس برامج الامتثال الداخلي».

وأضاف: «لا ينبغي على مجلس الأوراق المالية الأميركي رمي المبلغين للذئاب».

ويدور الخلاف حول البرنامج الذي طالب الكونغرس والرئيس أوباما لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بتنفيذه استجابة لانهيار سوق الرهن العقاري والأزمة المالية.

وفي إطار قانون الإصلاح التنظيمي لـ«وول ستريت» والنظام المالي المعروف باسم قانون «دود - فرانك»، يحق للمبلغين الحصول على مكافآت تتراوح بين 10 و30% من الأموال التي يساعدون لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على استعادتها من خلال التدابير التي توضع حيز التنفيذ. وفي الحالات الكبيرة، يمكن أن تصل هذه المكافآت إلى عشرات الملايين من الدولارات، فعلى سبيل المثال دفع بنك «غولدمان ساكس» العام الماضي 550 مليون دولار لتسوية شكوى مقدمة للجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قالت فيها إن البنك قد باع للمستثمرين منتج رهن عقاري مصمما ليفشل.

وتقوم لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بترجمة التوجيهات العامة للقانون إلى قواعد تفصيلية، حيث أصدر مشروع قانون للتعليق العام في أواخر العام الماضي، ومن المنتظر أن يقوم بالتصويت على الصيغة النهائية يوم الأربعاء المقبل. ويبرز الجدل ممارسة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غير المعروفة بشأن السماح للشركات بالتحقيق مع أنفسها وتسليم النتائج – ورغبة الشركات في الحفاظ على هذا الدور. وفي تصريحات للجنة، قالت الشركات وجماعات الضغط التجارية إنه يتعين على المنظمين الإذعان للآليات الخاصة بالشركات لمعالجة الشكاوى.

وقد أخبر المجلس الشركات بأن مخاوفها قد يكون مبالغا فيها لأنه سيتم السماح لها بالتحقيق في المعلومات بالنيابة عن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، على الأقل كخطوة أولى. وفي مشروع القواعد التي سيتم العمل بها، قالت اللجنة: «في الحالات المناسبة، بما يتفق مع المصلحة العامة وواجبنا للحفاظ على سرية المبلغين، نتوقع أن يقوم موظفونا، عند تلقيهم شكوى من المبلغين، بالاتصال بالشركة ووصف طبيعة هذه الادعاءات وإعطاء الشركة فرصة للتحقيق في الموضوع ورفع تقرير بما حدث». وأضافت اللجنة: «لقد كان هذا هو نهج موظفي إنفاذ القانون في الماضي، ويتوقع المجلس أن يستمر هذا النهج في المستقبل».

وقالت مجموعة من الشركات إنه ينبغي على القواعد التنظيمية توضيح أنه (الظروف الخاصة الغائبة) سيكون لهم الحق في إجراء التحقيقات الأولية في المعلومات المقدمة من المبلغين. وضمت هذه الشركات كلا من «سيتي غروب» و«الكوا» و«إنتل» و«كرافت فودز» و«جونسون أند جونسون» و«جي بي مورغان تشيس» و«فايزر» و«سيلانيز» و«برودنشال للتأمين» و«إنجرسول راند» و«تايكو انترناشيونال».

وقد سعت الشركات وممثلوها إلى عمل تغييرات في التفاصيل الدقيقة لقواعد المبلغين، ويوجد من بين هذه القواعد ما يمنع الأزواج أو الزوجات المكروهين من استغلال الأسرار للحصول على مكاسب مادية. وتقول جمعية أمناء الشركات والمهنيين الحكوميين، والتي لعب أعضاؤها أدوارا مساندة للمديرين التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، إنه لا ينبغي السماح للمبلغين بالاستفادة من المعلومات «المكتسبة من خلال انتهاك أي علاقة متميزة، مثل الأزواج.» ومن بين التغييرات المقترحة ما يترك المبلغين عرضة للانتقام في حين يتم التأكد من أن أصحاب العمل لا يزالون قادرين على فرض الانضباط.

ورغم أن القانون يحظر على الشركات الانتقام من الموظفين بسبب كشفهم النقاب عن المخالفات، فإن الفريق المكون من أمناء الشركات قد طالب لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بتوضيح أنه يحق للشركات فصل المبلغين لأسباب أخرى. وهناك اقتراح بتغيير ثالث من شأنه أن يمنع المحامين من تمثيل المخبرين مقابل رسوم تدفع فقط في حالة الحصول على نتيجة إيجابية – وبعبارة أخرى، مقابل نسبة مئوية من أي مكافأة بدلا من الرسوم التي يتم دفعها مقدما.

وكتب جيفري كريستوفر راب، وهو أستاذ في جامعة توليدو للقانون، يقول: «هذا الاقتراح من شأنه أن يضمن تقريبا أن المبلغين لن يتم تمثيلهم بمحامين موهوبين فيما يتعلق بطلب الحصول على مكافأة»، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى عدم قدرة معظم المبلغين على دفع الرسوم للمحامين في كل ساعة.

وفي إطار مشروع القواعد الجديدة، لن يكون للموظفين المختصين بمسؤوليات إدارة الشركات – أولئك الذين تنطوي وظائفهم على إيفاد الشكاوى الداخلية – الحق في جمع المكافآت ما لم تتصرف الشركة بـ«سوء نية» أو تفشل في إبلاغ لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بالمخالفات المزعومة في غضون فترة زمنية «معقولة».

وثمة قائمة طويلة من الشركات تطالب بمنع هؤلاء الموظفين من دون استثناء من جمع المكافآت. وبالمثل، تقول شركات «برايسووترهاوس كوبرز» و«إرنست أند يونغ» و«ديلويت» و«كي بي إم جي» التي تقوم بمراجعة حسابات الشركات، إنه لا يجب السماح للعاملين في مكاتب المراجعة بالحصول على مكافآت بسبب اتهامهم بسوء الحسابات. ويقول محامو المبلغين إن القواعد التي أعدتها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية تضع عقبات بيروقراطية أمام المرشدين والتي من الممكن أن تمحو الغرض من هذه المكافآت. وقال المحامي والمدعي العام السابق ستيوارت ميسنر إن بعض المخبرين المحتملين لا يرغبون بالفعل في تقاسم المعلومات مع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لأن الكثير من موظفي المجلس يمكنهم إنهاء العمل من أجل الشركات السالفة الذكر. وكتب ميسنر في رسالة إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية يقول: «في أفضل الأحوال، تظهر القواعد المقترحة وجهة نظر ساذجة للعالم، أما في أسوأ الأحوال، فإنها توضح الضغط الفاحش الذي تمارسه الشركات».

* خدمة «واشنطن بوست»