واشنطن تطالب مجموعة الثماني بتحويل ديون مصر إلى استثمارات

كلينتون تدعو دول الشرق الأوسط والخليج إلى مبادرة لتعزيز التبادل التجاري

رئيس الوزراء المصري عصام شرف
TT

تقدمت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركية بطلب إلى مجموعة الثماني، التي تبدأ اجتماعاتها اليوم الخميس في مدينة دوفيل الفرنسية، لتحويل الديون المصرية إلى استثمارات في المستقبل، مع التزام الولايات المتحدة الأميركية مبادلة هذه الديون.

وأوضحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أن الرئيس أوباما أعلن مبادرة شاملة للشراكة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال التجارة والاستثمار، وطالبت مجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي والشركاء الراغبين في المنطقة من الشرق الأوسط ودول الخليج للانضمام للمبادرة، لتسهيل إجراءات التبادل التجاري داخل منطقة الشرق الأوسط من ناحية، ومنطقة الشرق الأوسط والأسواق العالمية من ناحية أخرى، وزيادة فرص النفاذ للأسواق، وخلق فرص اقتصادية جديدة، أبرزها مجال التكنولوجيا الحديثة.

وقالت كلينتون «إننا نطلب من شركائنا الأوروبيين الانضمام إلى هذه المبادرة، والاتفاق على مبادلة ديون مصر بما يمكنها من توفير الإغاثة المالية التي يتطلبها الاقتصاد، مع ضمان توافر استثمارات حيوية تساعد في خلق فرص عمل مستديمة وتحسين حياه الشعب المصري».

وطالبت كلينتون نادي باريس (صاحب النصيب الأكبر من الديون المصرية) بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في وضع حزمة من خطوط التمويل لمصر، وأضافت «علينا أن نلتزم بشكل جماعي في مساعدة الحكومات (الحديثة الديمقراطية) لاسترداد الأصول التي سرقت منها».

وأوضحت كلينتون أنه ينبغي لمجموعة الثماني قيادة جهود البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير ليلعب دورا في دعم التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط شمال أفريقيا، كما لعب على مدى العقدين الماضيين في أوروبا الوسطى والشرقية، وطالبت قمة الثماني بتوفير الآليات المختلفة التي تمكن البنك الأوروبي من دعم تنمية القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط، ومساعدة الإصلاحات التي تخلق الظروف اللازمة لإنشاء وإنجاح المشاريع. وأشارت إلى دور البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية في توفير الموارد لدعم السياسات المالية الداخلية التي يضعها المسؤولون في مصر وتونس.

ودعت وزيرة الخارجية الأميركية إلى القيام بخطوات فورية لدعم التحولات الديمقراطية، لتكون جزءا من الرؤية التي تربط منطقة الشرق الأوسط بالاقتصاد العالمي. وقالت إن الصادرات غير النفطية بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمثل أقل من 10% من إجمالي التجارة بين دول الإقليم، وقد أدى افتقاد هذا التكامل التجاري الإقليمي إلى مشاكل مزمنة مثل البطالة وعدم تنوع المنتجات. وأكدت كلينتون أن أكبر مورد غير مستغل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو المورد البشري، وقالت «إن من مصلحة ومسؤولية مجموعة الثماني دعم هؤلاء الشباب وبلدانهم، وهم يتقدمون نحو الديمقراطية الحقيقة والاقتصادات الأكثر حيوية وانفتاحا، ويجب ألا نضيع وقتا في اغتنام هذه الفرصة، وترجمة هذه المقترحات إلى نتائج».

وقالت كلينتون «علمتنا تجربة التحولات الديمقراطية الأخرى أننا ينبغي أن نركز على الاستثمار والتجارة وليس المساعدات، في جهودنا لمساندة تطلعات شعوب المنطقة خاصة في مصر وتونس، ووضع المصريون والتونسيون أولويات رئيسية هي تحسين الاستقرار المالي، وتعزيز القطاع الخاص، والحد من الفساد، وخلق فرص عمل، وزيادة إدماج السوقين المصري والتونسي في الاقتصاد العالمي». كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعلن في خطابه إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي تخصيص ملياري دولار من الحوافز الاقتصادية لكل من مصر وتونس، إضافة إلى مليار دولار من ضمانات القروض لمصر.

يذكر أن مجموعة الثماني تضم الولايات المتحدة وروسيا وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، ويفتتح أعمال القمة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وتناقش قمة دوفيل الفرنسية اليوم عدة قضايا دولية، أبرزها الإرهاب، والوضع في ليبيا وسوريا، والأمن النووي، والأمن العالمي بعد مقتل أسامة بن لادن، والمرشحون المحتملون لمنصب مدير البنك الدولي. ومن المقرر أن يناقش أعضاء دول مجموعة الثماني خلال ثاني أيام القمة مع رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف ونظيره التونسي الباجي قائد السبسي، وبحضور سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس البنك الدولي روبيرت زوليك، ونائب مدير صندوق النقد الدولي جون ليبسكى، سبل دعم البلدين في المرحلة الانتقالية الحالية، وإمكانية عقد شراكة استراتيجية معهما. وتأمل كل من مصر وتونس في الحصول على مساعدات من تلك الدول لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة الناجمة عن الثورات، خاصة أن كلا البلدين مقبل على مرحلة تنظيم الانتخابات. وقال رئيس الوزراء التونسي في تصريحات سابقة إن بلاده تحتاج إلى 25 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، وإنها تعول على المساعدات في سد العجز بالميزانية، في حين قال وزير المالية المصري سمير رضوان إن بلاده تحتاج إلى 12 مليار دولار حتى نهاية العام المالي المقبل الذي ينتهي في يونيو (حزيران) 2012، وأعلنت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عن تقديمهما دعما ماليا لمصر يقدر بنحو 6 مليارات دولار (مليارا دولار من الأولى و4 مليارات دولار من الثانية) فيما تتفاوض مصر حاليا مع البنك الدولي للحصول على قروض ميسرة بقيمة 2.2 مليار دولار. وأشار تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن معدل النمو الاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتوقع أن ينخفض إلى 3.6% هذا العام مقابل التقديرات السابقة البالغة 5%، وأرجع التقرير ذلك إلى الهبوط الحاد في النشاط الاقتصادي في كل من تونس ومصر، فضلا عن ضعف النمو بالبلدان النامية المصدرة للنفط، كما أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية يمكنه أن يزيد من تنامي معدلات الميول التضخمية بالمنطقة. وقال عبد الحميد التريكي وزير التخطيط والتعاون الدولي التونسي إن مشاركة بلاده في تلك الاجتماعات تعد الأولى، وإن تونس تهدف منها في الأساس إلى مزيد من التعريف بتونس بعد الثورة، في الأوساط العالمية ولدى صناع القرار الاقتصادي، مشيرا إلى أن أغلب الدول، خاصة الشريكة لتونس، بصدد إعادة النظر حاليا في طرق الدعم لتونس وطرق المساندة لتوفيرها.

وأوضح جلول عياد، وزير المالية التونسي في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية أمس أن أولويات المرحلة التي تعيشها تونس حاليا هي اتخاذ الإجراءات الضرورية والعاجلة لإعادة دفع الحركة الاقتصادية وتنشيط الاستثمار وخلق فرص العمل وتأمين الاستقرار الاجتماعي مع المحافظة على التوازنات المالية الكبرى.

وأضاف أن بلده يعول في هذه المرحلة على مساهمة أصدقائها لمساندة جهودها من أجل إنجاح المرحلة الانتقالية، معربا عن الرغبة في خلق نمط جديد من الشراكة يعتمد على إحداث المشاريع المشتركة وخلق الثروات وتطوير المبادلات.

ويبحث رئيس الوزراء المصري عصام شرف خلال القمة تقديم الدعم للاقتصاد المصري حتى يتجاوز مرحلة عنق الزجاجة الباجي قائد السبسي،التي يمر بها حاليا، ويتمكن من التعافي والانطلاق إلى آفاق جديدة يحقق خلالها زيادة معدلات النمو والاستثمار والإنتاج والتصدير والتشغيل. وسيؤكد شرف في مداخلته أمام القمة حرص مصر على مواصلة سياسة الاقتصاد الحر وتشجيع القطاع الخاص على إقامة المشروعات في مختلف المجالات الإنتاجية والخدمية، وتسهيل إجراءات الاستثمار بهدف زيادة الإنتاج وتوليد فرص جديدة للعمل، كما سيؤكد حرص الحكومة في الوقت ذاته على تحقيق العدالة الاجتماعية ومراعاة احتياجات الشرائح محدودة الدخل في المجتمع مع كفالة حقوق العمالة والحفاظ على الوظائف إلى جانب توفير نظام الأمن الاجتماعي، خاصة الجوانب المرتبطة بالصحة والمعاشات والتعليم.