سوق العلف

علي المزيد

TT

كنت في زيارة للكويت أيام القمة الخليجية، وكانت قمة اقتصادية بامتياز، جرى الحديث فيها عن إنشاء سكك حديدية خليجية مشتركة وعملة خليجية موحدة.. إلى آخر ذلك من قرارات مهمة، كانت جميلة أمام كاميرات التلفزيون وعدسات الصحافة، ولكنها ميتة في أحضان اللجان الفنية والتنفيذية الخليجية.

ويبدو، والعلم عند الله، أن القرارات الخليجية بدأت تلحق بقرارات الجامعة العربية التي تتحدث عن سوق عربية مشتركة، منذ نشأتها من خمسة وستين عاما وحتى الآن لم ير الشارع العربي منها سوى الكلام الموزون والمقفى، أو قل الدبلوماسي والجميل، ولم نر فعلا أبدا، ويبدو أن الجامعة العربية ستموت ونحن لم نر منجزا جميلا لها، آه.. نسيت عبد الله القصيمي ينعت العرب بالظاهرة الصوتية! فهل هو صادق؟ أم سيكذبه العرب بمنجزاتهم الجماعية.

المهم، نعود للكويت.. ونحن في الفندق، وأثناء تبادل الحديث مع زملاء إعلاميين كويتيين ومسؤولين تحدثوا عن سوق العلف، استرعتني التسمية، وبدأت أسأل عن أهم الأنشطة في هذه السوق، فقالوا لي أهم أنشطة هذه السوق بيع الأسهم، قررت أن أزور هذه السوق، لا سيما أن العلف لدى العرب معروف بأنه غذاء الماشية؛ فما دخل الأسهم بسوق العلف؟! المهم كان أستاذي يوسف الكويليت، الإعلامي السعودي المعروف، بحاجة لاستبدال دنانير كويتية بريالاته السعودية، آه.. يا الله، العملة الموحدة لست دول فقط تغنينا عن الصرف.

المهم، استبدلنا بالريالات دنانير، وعرجنا على سوق العلف لأكتشف أن الأسهم يتم تبادلها بهذه السوق، على الرغم من وجود بورصة في الكويت وهيئة سوق مال، لأعرف أن ما يباع في سوق العلف غير ما يباع في البورصة، بمعنى أنها أسهم الشركات غير المدرجة في السوق الكويتية. عادت القصة لذاكرتي مع نسيان شيء من التفاصيل حينما أعلنت هيئة سوق المال السعودية إيقاف سهم شركة «عذيب» عن التداولات لمدة ستة أشهر، لتجاوز الخسائر 75 في المائة، ووفق الأنظمة السعودية يعلق السهم، وتعطى الشركة فرصة لتوفيق أوضاعها.

وقبل ذلك، أوقف سهم شركة «بيشة» وهي شركة مساهمة سعودية نشاطها زراعي، وأيضا سهم شركة «أنعام»، ومع توسع السوق السعودية سيعلق سهم ويعاد آخر، ومن ضمن حملة الأسهم سيكون هناك محتاجون على استعداد لـ«بيع الكحيلة بعشاء ليلة»، كما يقول المثل العربي؛ فهل ننشئ لهم سوق علف كما هي موجودة في الكويت، وللعلم، فمثل ذلك موجود في الأسواق العالمية ويتداول عبر الإنترنت، بمعنى أنها متاحة عالميا، ودمتم.

* كاتب اقتصادي