مجلس النواب الأميركي يصوت ضد رفع سقف الدين العام فوق 14.3 تريليون دولار

أوباما يرغب في الموافقة دون شروط.. والجمهوريون يساومون على خفض الإنفاق

نواب الحزب الجمهوري لدى مغادرتهم البيت الأبيض عقب اجتماعهم مع الرئيس أوباما (رويترز)
TT

اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، بجميع أعضاء مجلس النواب الأميركي من الحزب الجمهوري، في خطوة جديدة من البيت الأبيض تهدف إلى إقناع الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب للتصويت لصالح رفع سقف الدين الأميركي. وصوت مجلس النواب الأميركي، مساء أول من أمس، ضد مشروع قرار للسماح برفع سقف الدين الأميركي الاتحادي 14.3 تريليون دولار، بعد أن وصل هذا السقف في 16 مايو (أيار) الماضي. وبموجب تقليص في الإنفاق الحكومي، استطاع البيت الأبيض أن يمنع إفلاس الحكومة حتى 2 أغسطس (آب) المقبل. إلا أن هذا الموعد بات يقترب من دون أية مؤشرات لسد الفجوة بين أوباما والجمهوريين والتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إصدار قرار من الكونغرس يرفع سقف الدين.

ولم يخرج الاجتماع بنتائج ملموسة أو تقدم في المفاوضات الجارية منذ أسابيع حول رفع سقف الدين. واستمر الاجتماع 75 دقيقة في القاعة الشرقية من البيت الأبيض الذي عقد بدعوة من أوباما وحضره وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر. وأوضح الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني أن «الرئيس أوباما قيم الاجتماع بأنه بناء ويمثل يوما جيدا» للتفاوض بين الديمقراطيين والجمهوريين. وأضاف: «نحن متفائلون بإمكانية التوصل إلى حل بين الحزبين». ويقود نائب الرئيس الأميركي جو بايدن المشاورات الجارية بين الديمقراطيين والجمهوريين بهدف التوصل إلى اتفاق، ومن المتوقع أن تكون الجولة المقبلة للمفاوضات يوم 9 يونيو (حزيران) الحالي. وقال كارني: «بالطبع هناك خلافات بعيدة الأمد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الإنفاق العام والعجز العام.. ولكن هناك الكثير من الأسس المشتركة التي تسمح بالتوصل إلى مساومة بين الطرفين».

وتتمحور الخلافات بين الطرفين حول خفض الإنفاق العام، فبينما يريد أوباما أن يتم رفع سقف الدين من دون شروط مسبقة، يصر الجمهوريون على ربط هذه الخطوة بخطوات ملموسة من الإدارة الأميركية للحد من الإنفاق العام كي لا يزداد العجز العام الأميركي من دون حدود واضحة.

وبعد أن انتهى الاجتماع بين أوباما وأعضاء الكونغرس الجمهوريين، قال رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر إنه قال لأوباما «هذه هي اللحظة، هذه هي الفرصة للتعامل مع هذه القضية بموجب المقاييس التي نريدها». وأضاف بينر في تصريحات للصحافيين بعد الاجتماع صباح أمس أنه «لو رفعنا الحد المسموح للدين، يجب أن تفوق قيمة خفض الإنفاق (العام) قيمة رفع سقف الدين، وإلا سيؤدي ذلك إلى تراجع فرص العمل في البلاد».

وتدور معركة سياسية شرسة حول قضية سقف الدين والاقتصاد بشكل أوسع. وقال رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب اريك كانتور أمس إن «رسالتنا هي ضرورة التركيز على النمو في القطاع الخاص»، متهما أوباما بأنه يحد من نمو القطاع الخاص بمواصلة دعمه للإنفاق العام والقطاع العام. وهذه قضية حساسة بالنسبة للناخبين الأميركيين، الذين يرفض غالبيتهم رفع سقف الدين من دون مؤشرات واضحة بالحد من الإنفاق العام. وأظهر عدد من النواب من الحزب الديمقراطي ترددهم في دعم رفع سقف الدين خوفا من تبعات ذلك على شعبيتهم وفرص إعادة انتخابهم، فعندما صوت مجلس النواب الأميركي أول من أمس على رفع سقف الدين من 14.3 تريليون دولار إلى 16.7 تريليون دولار، صوت نحو نصف أعضاء الكونغرس الديمقراطيين ضد هذا المشروع. وبذلك، حصل الجمهوريون على 318 صوتا معارضا، مقابل 97 مؤيدا لرفع سقف الدين، وهي أرقام أظهرت مدى الصعوبات التي يواجهها أوباما. وعلى الرغم من أن فشل مشروع قرار رفع سقف الدين كان شبه مؤكد، أول من أمس، مضى المجلس قدما في التصويت على مشروع القرار ليكون رسالة واضحة لأوباما قبل اجتماعه أمس مع أعضاء مجلس النواب. وقبل توجهه إلى البيت الأبيض، نشر بينر صباح أمس رسالة وقعها 150 خبيرا اقتصاديا أميركيا يطالبون بتقديم خفض في الإنفاق العام يوازي قيمة المبلغ المعروض لرفع سقف الدين.

وبات من الواضح أن البيت الأبيض سيتنازل عن رفضه لربط خفض الإنفاق العام مع رفع سقف الدين العام، ولكن هناك مرحلة الآن من المشاورات والمفاوضات حول النسب المتعلقة بالقضيتين. ويذكر أن هناك مخاوف من قدوم موعد 2 أغسطس من دون التوصل إلى حل نهائي مما قد يؤدي إلى تعطيل العمل الحكومي الاتحادي. وشدد كارني على «المخاطر الكبيرة من حتى الافتراض بإمكانية عدم رفع سقف الدين العام وإفلاس الإنفاق الحكومي»، لافتا إلى التبعات على «الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي الذي ما زال يتعافى من أسوأ ركود شهدناه».