اليونان تدخل المرحلة الحاسمة في مفاوضات الإنقاذ من الإفلاس

رجل الشارع يرفض خطط التقشف.. والدائنون يدقون الأبواب

المظاهرات في اليونان تعرقل خطط الإنقاذ (أ.ب)
TT

يتوقع أن تعرض اليونان خطة مالية مرحلية وبرنامج خصخصة إلى رئاسة مجموعة اليورو على أمل تأمين الإفراج عن مليارات اليوروات في شكل قروض مهمة في المقابل. ويأتي ذلك لإنقاذ اليونان التي تقف على شفا الإفلاس على الرغم من حصولها على حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات اليوروات (155 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي العام الماضي وتحتاج إلى القروض من أجل تجنب عجزها عن سداد ديونها.

ومن المقرر أن يختتم مفتشون من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد في أثينا مراجعتهم للمالية العامة لليونان لاحقا «اليوم» كما أن إصدار بيان بالموافقة على تمويل إضافي لليونان هو شرط أساسي للإفراج عن شريحة القروض الخامسة التي تبلغ قيمتها 12 مليار يورو وفقا لحزمة الإنقاذ الطارئة. وسيتم الإعلان عقب إغلاق الأسواق في عطلة نهاية الأسبوع. وفي اجتماعه مع جان كلود يانكر رئيس مجموعة اليورو، سيسعى رئيس الوزراء اليوناني باباندريو إلى تأمين الحصول ليس فقط على شريحة يونيو (حزيران) من حزمة قروض بلاده لكن للحصول أيضا على تمويل إضافي يغطي عجزا في المالية العامة بقيمة 85 مليار يورو خلال السنوات الثلاث القادمة. وقالت تقارير إن الخطة التي سيعرضها باباندريو ستشمل فرض ضرائب إضافية على أصحاب المهن الذين يحصلون على أجور شهرية وأصحاب المعاشات إضافة إلى تفاصيل عن الخطة المالية لحكومته التي تهدف إلى جمع مبلغ إضافي بقيمة 28 مليار يورو بحلول عام 2015، كما سيحدد خطة أثينا لبيع أصول الدولة. ووفقا لتقرير في صحيفة «كاثيميريني»، ستتم خصخصة شركة «أوباب» الحكومية للمقامرة وشركة «أثينا للمياه والصرف الصحي» ومطار أثينا الدولي هذا العام في محاولة لإقناع شركاء اليونان في منطقة اليورو بأنها تتعامل مع البرنامج بجدية. وقد تشمل الإجراءات رقابة وتدخلا خارجيا غير مسبوق لبرنامج الخصخصة. ويأمل مسؤولون أوروبيون بأن يأتي نصف المبلغ الإضافي من بيع أصول للدولة وتمديد مواعيد استحقاق سندات بحوزة مستثمرين من القطاع الخاص. وما لم تلزم أوروبا نفسها بالوفاء بالاحتياجات التمويلية لليونان في عام 2012، سيرفض صندوق النقد دفع حصته في شريحة يونيو من القرض وتبلغ 3.3 مليار يورو.

ومن المتوقع أن يتخذ وزراء مالية دول منطقة اليورو قرارا نهائيا بشأن ما إذا كانت ستحصل أثينا على الشريحة الخامسة من المساعدات خلال مفاوضاتهم الدورية القادمة المقررة في العشرين من يونيو الجاري في لوكسمبورغ. وتعرضت جهود الوفاء بمستهدفات خفض عجز الموازنة لعراقيل بفعل الركود الشديد وارتفاع البطالة وضعف الإيرادات مما أدى إلى تساؤلات بشأن ما إذا كانت اليونان ستكون قادرة على العودة إلى سوق السندات كما هو مخطط لها في العام القادم. ويئن اليونانيون بالفعل تحت وطأة موجة إجراءات تقشفية تم فرضها فور أن تلقت البلاد أول حزمة إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد قبل عام. وتجمع آلاف المتظاهرين مجددا أمام مبنى البرلمان مساء أول من أمس (الخميس) في أحدث جولة من الاحتجاجات التي يتم تنظيمها منذ أكثر من أسبوع. وقذفت مجموعة من المتظاهرين المتحدث باسم الحكومة جيورج بيتالوتيس بعلب الزبادي في مناسبة للحزب الاشتراكي الحاكم في ضاحية بجنوب أثينا يوم الخميس. في الوقت الذي توجه فيه رئيس وزراء اليونان جورج باباندريو إلى لوكسمبورغ الجمعة، للتباحث مع جان كلود يانكر رئيس الوزراء اللوكسمبورغي ورئيس مجموعة اليورو التي تضم الدول الـ17 الأعضاء في المنطقة الأوروبية التي تتعامل بالعملة الموحدة، حاول أعداد من اليونانيين توصيل رسالة واضحة إلى الحكومة بالاعتصام ومحاولة إغلاق مداخل وزارة الاقتصاد في أثينا، للتعبير عن رفضهم لخطط التقشف، وتزامن ذلك مع تقارير إعلامية أشارت إلى توصل اليونان مع شركائها الأوروبيين إلى اتفاق بشأن حزمة المساعدات المقررة لإنقاذ أثينا من تعثرها، وذهب باباندريو إلى رئيس منطقة اليورو لإطلاعه على التطورات في بلاده وعن الخطوات القادمة، وذلك في ظل غضب شعبي رافض لسياسات التقشف التي أقرتها الحكومة اليونانية استجابة لشروط صندوق النقد الدولي وآلية الإنقاذ الأوروبية لمساعدة اليونان على الخروج من أزمة عجز الموازنة، وجاء ذلك بعد أن وافقت الحكومة اليونانية على اتخاذ إجراءات تقشفية جديدة بقيمة 6 مليارات وأربعمائة مليون يورو لتخفيض العجز في الموازنة خلال السنة الجارية، ستقوم بعرضها على بعثة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي حتى تتمكن من الحصول على الحزمة الخامسة من المساعدة المالية. وقال الخبير الاقتصادي بيتر ديكسون: «هذا سيمنح اليونان وقتا كافيا للحصول على تمويل خلال السنتين القادمتين على الأرجح. لكن، على المدى الطويل لن يكون هناك خيار أمام اليونانيين سوى إعادة هيكلة الديون». في السياق ذاته نظم الموظفون لدى شركة الاتصالات الحكومية (أو تي إي) التي تعتزم حكومة جورج باباندريو بيعها للقطاع الخاص ضمن خطتها التقشفية، مظاهرة في إطار إضرابهم عن العمل لمدة أربع وعشرين ساعة. وفي الدولة الأخرى التي تعاني من نفس الملف، وهي البرتغال، أصبح واضحا أن صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البرتغال تلقي بظلالها على الحياة اليومية، للطلبة. الجامعات والمعاهد، والأحياء السكنية الخاصة بالطلبة، أصبحت بؤرة لليأس والتذمر. وحسب ما ذكرت «يورو نيوز» الأوروبية، فإن «الطلبة في البرتغال عبروا عن غضبهم من الوضع ونددوا بالبطالة وتدهور القدرة الشرائية في المظاهرات التي شهدتها عشرات المدن البرتغالية في مارس (آذار) الماضي. ورغم قلة المظاهرات، فالغضب لا يزال قائما». وتقول محطة الأخبار الأوروبية إن الأوضاع في البرتغال جعلت الشباب يفقدون ثقتهم في رجال السياسة وفي إيجاد عمل مستقبلا في بلد وصلت نسبة البطالة فيه إلى 30 في المائة في صفوف الشباب. وبحسب العديد من المراقبين، فإن الوضع الاقتصادي في البرتغال يتطلب تقديم تضحيات كبيرة من جانب البرتغاليين لسد حجم الدين العام. أسعار الماء والكهرباء ستشهد ارتفاعا ابتداء من السنة القادمة وهذا في إطار سياسة التقشف التي تواصل الحكومة اعتمادها. وفي الأسبوع الأخير من الشهر الماضي أصدرت المفوضية الأوروبية سندات مالية بقيمة 4.75 مليار يورو لمساعدة البرتغال، وتكون مستحقة السداد بعد خمسة أعوام، وجاء تحرك المفوضية في بروكسل بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي. وسبق للتكتل الأوروبي الموحد أن أعلن عن إصداره سندات بقيمة 4.75 مليار يورو تستحق بعد عشرة أعوام كحزمة مساعدات لكل من آيرلندا والبرتغال. وقالت المفوضية في بيان إن الاستثمارات القوية مصدرها أوروبا، وبخاصة من المملكة المتحدة (17 في المائة) وألمانيا والنمسا (14 في المائة) والدول الإسكندنافية (12 في المائة) وفرنسا (11 في المائة) ومن آسيا (16 في المائة) والشرق الأوسط (7 في المائة) والأميركيتين (5 في المائة). ومن المقرر أن تستلم البرتغال اعتبارا من الأول من يونيو 78 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي خلال ثلاثة أعوام في محاولة لمساعدتها على الخروج من أزمتها الاقتصادية. وفي نفس الصدد، عادت هيئة التفتيش التابعة لصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي إلى العاصمة اليونانية أثينا الأسبوع الماضي، للنظر في ما إذا كان يحق لليونان الحصول على الحزمة الخامسة من المساعدة المالية والمقدرة قيمتها إجمالا بـ110 مليارات يورو في يونيو.