اختبار أوروبي جديد لاستخدام الطاقة النووية

الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع بعد اختيار برلين تفضيل الطاقة المتجددة

TT

يصوت الإيطاليون يومي 12 و13 يونيو (حزيران) الحالي بنعم أو لا في الاستفتاء بشأن استخدام الطاقة النووية في البلاد، لتحول بذلك دون نجاح محاولة أخيرة قامت بها حكومة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني لإلغاء الاستفتاء. وأعطت المحكمة الدستورية الإيطالية الضوء الأخضر لإجراء الاستفتاء بإجماع أعضاء هيئتها وهو القرار الذي رحبت به الجماعات المعنية بحماية البيئة. وقال جوزيبي أونوفريو، مدير جماعة السلام الأخضر للدفاع عن البيئة في إيطاليا: «ليس لدينا أي سبب لإعادة استخدام الطاقة النووية وأعتقد أن الأمثلة الألمانية والسويسرية تبرهن على أن أهم كبريات الدول الأوروبية قد غيروا رأيهم، وإيطاليا يجب أن تتبع نفس النهج». ويدعو الاستفتاء الإيطاليين أيضا إلى التصويت على مسألتين أخريين، وهما خصخصة مصالح المياه وقانون «المانع الشرعي» الذي يسمح لكبار مسؤولي الحكومة بتجنب المثول أمام المحاكم بحكم مهام مناصبهم. ويقول المحلل السياسي البروفسور جيمس والستون: «على الرغم من أن كلا الجانبين يقولان إنها ليست انتخابات سياسية، فإنه يشبه إلى حد كبير التصويت لصالح أو ضد سياسات حكومة برلسكوني».

وحسب العديد من المراقبين الأوروبيين، فإن أكثر من 50 مليون إيطالي سيدلون بأصواتهم الأحد والاثنين في استفتاء حول استخدام الطاقة النووية الذي يلقى معارضة شديدة منذ حدوث كارثة فوكوشيما في اليابان، والاستفتاء يعد امتحانا عسيرا جديدا لشعبية رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلسكوني الذي تلقى ضربة قاسية خلال الانتخابات المحلية السابقة. وحاول برلسكوني الذي يخطط لبناء أربع محطات نووية جديدة ابتداء من عام 2014م، على الرغم من معارضة الإيطاليين، حاول دون جدوى منع الاستفتاء حول الطاقة النووية. وكانت إيطاليا تخلت عن استخدام الطاقة النووية في استفتاء عام 1987 بعد كارثة تشرنوبيل في أوكرانيا. الاستفتاء المقرر الأحد والاثنين لن يكون فعالا إذا لم تبلغ نسبة المشاركة فيه 50 في المائة من الناخبين على الأقل، وهذا هو الرهان الذي تناضل من أجله المعارضة في إيطاليا. وأقرت الحكومة الإلمانية رسميا الأسبوع الماضي خطة لإغلاق كافة محطات الطاقة النووية على أراضيها بحلول عام 2022م، وذلك بعد أن يوافق البرلمان الألماني على الخطة. وجاء الإعلان على لسان وزير البيئة الألماني، نوربرت رويتجن، من حزب الاتحاد الديمقراطي النصراني، وذلك إثر محادثات مع شريكه في الائتلاف الحاكم، الحزب الليبرالي، المعارض لتحديد موعد لتفكيك المرافق النووية في ألمانيا. وقال رويتجن: «لن يعاد تشغيل سبع محطات قديمة للطاقة النووية، وكذلك محطة للطاقة في كرومل، وثمة مجموعة أخرى مؤلفة من ستة مفاعلات نووية ستتوقف عن العمل بحلول نهاية عام 2021م على أبعد تقدير. أما المفاعلات النووية الثلاثة الجديدة، والأحدث فإنها ستغلق بحلول نهاية عام 2022م». وأوضحت الحكومة الألمانية أنها ستبدأ بالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وزيادة الاستثمار في أبحاث الطاقة، مشيرة إلى أنه لن يتك الاستغناء عن محطات الطاقة التقليدية العاملة بالغاز. وكانت الحكومة قد أعلنت عن هذه الخطة في بداية الشهر الماضي، بعد أن أعادت دراسة تقييم استراتيجيتها النووية في ضوء الأحداث التي ترافقت مع الزلزال القوي وموجات مد تسونامي التي ضربت اليابان وأدت إلى تدمير في محطة الطاقة النووية «داييتشي فوكوشيما». وذكرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مارس (آذار) الماضي أنها ستدرس خطة لزيادة أجل محطات الطاقة النووية في البلاد. وقالت ميركل: «إن الأحداث التي وقعت في اليابان تبين لنا أنه حتى الأشياء التي تبدو مستحيلة من الناحية العلمية قد تحدث». يشار إلى أن محطة الطاقة النووية «فوكوشيما دايتشي» دمرت إثر زلزال مدمر ضرب اليابان في الحادي عشر من مارس الماضي، وأدى إلى تسرب إشعاعات نووية.

ويأتي ذلك بعد أن اتفقت الوكالات النووية الأوروبية على تفاصيل اختبارات جديدة للسلامة لما يصل إلى 143 مفاعلا نوويا، لمنع حدوث أزمات مثل التي تشهدها محطة فوكوشيما اليابانية المعطوبة. وجاء ذلك تنفيذا لاتفاق جرى التوصل إليه بين قادة التكتل الأوروبي الموحد في مارس الماضي، على إخضاع محطات الطاقة النووية الأوروبية إلى «اختبارات ضغط» لكن الخبراء النوويين في كل دولة عضو كانوا يناقشون التفاصيل. وجاءت الموافقة الأوروبية على اختبارات السلامة للمفاعلات النووية بعد أن انتهت آخر العقبات التي تقف أمام تنفيذ الأمر، وكانت تتمثل في المعارضة النمساوية للطاقة النووية، وقالت مصادر المؤسسات الاتحادية في بروكسل إنه بعد الحصول على موافقة النمسا سيتم نشر تفاصيل الاتفاق في وقت لاحق. ويريد جونتر أوتينحر، مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبين أن تكون الاختبارات واسعة بأكبر قدر ممكن بما في ذلك خطر التعرض لهجمات إرهابية، لكن آخرين ومنهم فرنسا يرون أن أجهزة الأمن الوطنية الخاصة بكل دولة هي التي تحدد مثل هذه السيناريوهات. وسبق أن اتفق وزراء الطاقة بدول الاتحاد الأوروبي الـ27 على القيام بفحوص شاملة لكافة المحطات النووية للتأكد من سلامة منشآتها وقدرتها على الصمود أمام أي كارثة طبيعية، وتشمل تصميمات المباني وأنظمة الأمن والتبريد بالمفاعلات والخطط المتبعة أثناء الطوارئ وعمليات الإجلاء. وأشار جونتر أوتينجر، مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي، إلى وجود انقسامات بين الدول الأعضاء حول مستقبل الطاقة النووية في أوروبا، إلا أن الجميع اتفق على ضرورة تشديد إجراءات الأمن إلى أقصى درجة داخل المنشآت النووية. وتضم القارة الأوروبية 14 محطة نووية تشمل 143 مفاعلا، وفقا للأرقام الرسمية للمفوضية الأوروبية، وتملك فرنسا أكبر عدد من المفاعلات (58) وتليها بريطانيا (19)، وألمانيا (17).