تحذيرات من ضعف عملية التمويل في ظل غياب نظام الرهن العقاري في السعودية

معرض سيتي سكيب جدة يبرز فتور العلاقة بين الممولين والمطورين

وضح خلال انعقاد معرض سيتي سكيب جدة الفارق في العلاقة بين الممولين والمطورين (تصوير: غازي مهدي)
TT

حذرت خبيرة عقارية من جملة مخاوف أهمها ضعف عملية التمويل نتيجة عدم تطبيق نظام الرهن العقاري في السعودية حتى الآن، مشيرة إلى أن اعتماده رسميا من شأنه أن يحل أزمة السكن للمواطن مقابل مبلغ رمزي يدفعه سنويا عوضا عن المبالغ الكبيرة التي يدفعها في الإيجارات.

وأوضحت عزيزة منصور الخبيرة العقارية وإحدى سيدات الأعمال السعوديات أن الجهات الممولة تعد الأكثر استفادة من عدم تطبيق نظام الرهن العقاري، خصوصا أنها تبقي العقار باسمها لحين انتهاء العميل من السداد، عدا عن الفوائد والأرباح المجدية التي تجنيها من التمويل بحسب قولها.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد أي خطورة في التمويل بالنسبة للشركات الممولة، خصوصا أن صك العقار يظل باسمها، وفي حال عدم التزام العميل بالسداد فإنها تقوم ببيع العقار وأخذ أكثر من حقها»، مؤكدة على أن عملية التمويل مجدية بشكل كبير بالنسبة للجهات الممولة على خلفية الأرباح التي تحققها.

ولفتت إلى أن شركات التمويل لا تثق مطلقا بالشركات أو الأفراد إذا ما أبدوا رغبتهم في رهن عقار لديهم مقابل الحصول على التمويل، مضيفة: «أردت رهن مجموعة من العقارات لإعطائي تمويلا لا يتجاوز مليوني ريال، إلا أن أحد البنوك رفض رغم امتلاكي ما يضمن حقه كممول، وذلك نتيجة عدم تطبيق نظام الرهن العقاري».

وتابعت «مما لا شك فيه أن الفوائد التي تفرضها شركات التمويل على عملائها تحقق لها أرباحا مجدية في ظل الإقبال الشديد على عمليات التمويل نتيجة رغبة شريحة كبيرة من المجتمع في تملك العقارات، مما يجعلها تتجاهل أي مخاطر قد تترتب نتيجة عدم تطبيق نظام الرهن العقاري مقابل التمويل.

وبحسب مصدر مطلع فإن العلاقة بين الشركات الممولة والمطورة لا تزال بعيدة، في الوقت الذي تصعب فيه شركات التمويل من ضخ أموال في المشاريع العقارية، مشيرا إلى أن ذلك قد يعود لوجود مخاطرة في مثل هذه المشاريع.

وفي هذا الشأن، ذكر موظف في إحدى شركات التمويل الكبرى «رفض ذكر اسمه» أن التركيز الأساسي بالنسبة للشركة يتضمن سلامة السجل الائتماني للعميل المتقدم، إلى جانب التعريف براتبه، مبينا أنه من الممكن تضامن الزوجين وضم راتبيهما سويا للحصول على تمويل أكبر من الشركة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تتمثل ضمانات الشركة في دراسة وضع العميل من الناحية الائتمانية ومدى انتظامه في سداد القروض وسلوكه في ذلك، إلى جانب وظيفته، إضافة إلى أن العقار يسجل باسم الشركة لحين انتهاء العميل من السداد، وهو ما يجعله بمثابة مؤجر، غير أن العقد المبرم بين الطرفين يحوي بند الوعد بالتمليك فور الانتهاء من السداد».

وأفاد بأنه في حال وفاة العميل قبل سداد المبلغ فإنه يتم إفراغ العقار باسم ورثته وأخذ ما تبقى من التمويل عن طريق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولا سيما أن الشركة تؤمن على العقار والعميل في نفس الوقت ضمن إطار يتماشى مع الشريعة الإسلامية.

والعقد يؤكد على الوعد بالتمليك في حال الانتهاء من السداد، في حال وفاة العميل يتم إفراغ الصك باسم الورثة وأخذ ما تبقى من المبلغ عن طريق التأمينات الاجتماعية، خصوصا أن الشركة تؤمن على العقار والعميل في نفس الوقت ضمن إطار يتماشى مع الشريعة الإسلامية، لافتا إلى أن الشركة قد توقع أكثر من 50 عقدا للتمويل يوميا.

وفيما يتعلق بأنظمة الشركة المتعلقة بتمويل العميل، أوضح أنها تتمثل في ورقة تعريف من جهة العمل وكشف حساب لآخر 6 أشهر للسعودي والمقيم على حد سواء، إلى جانب صورة من الإقامة وجواز السفر للأجنبي شريطة أن لا تقل مدة إقامته في السعودية عن 5 سنوات، عدا عن أوراق العقار الذي يرغب في شرائه، ومن ثم يتم الانتهاء من كافة الإجراءات في غضون 10 أيام كحد أقصى، مضيفا: «من الممكن أن تعمل الشركة على إيجاد العقار المناسب للعميل إذا رغب في ذلك».

وزاد: «ما يميز شركات التمويل عن البنوك هو سرعتها في إنهاء الإجراءات والمرونة في التعامل مع العملاء وسنوات السداد التي قد تمتد إلى 30 عاما، فضلا عن عدم اشتراطها نزول الراتب في حساب بنك محدد».

في حين أكد أحمد الفقيه مدير تمويل المساكن في شركة «دويتشه» الخليج للتمويل على وجود الكثير من القوانين والأنظمة التي يحتاجها نظام التمويل في السعودية، إلا أن اعتمادها يعود إلى المختصين في هذا الأمر والمخولين بالبت فيها، مشيرا إلى أن سوق العقار السعودية بحاجة للتطوير. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «جميع الممولين يهتمون بالعقارات الجاهزة، بينما يبتعدون عن تمويل العقارات الاستثمارية والمشاريع وتمويل البناء رغم وجود كثير من الناس الذين يملكون أراضي لا يستطيعون بناءها».

وأبان بأن شركات التمويل عادة ما تحسب مخاطرها على العميل بنسبة 100%، غير أن بعض الشركات تسعى بقدر المستطاع إلى تخفيضها حتى 70% حفاظا على عدم تأثرها بارتفاع أو انخفاض أسعار العقار، وذلك من خلال دفع العميل مبدئيا ما نسبته 10 إلى 15% من قيمة التمويل، وهو ما يساهم في إزالة ما بين 15 و20% من المخاطر.

وبالنسبة للضمانات التي تحققها الشركة خلال تمويلها للعملاء، ذكر أحمد الفقيه أن راتب العميل ورهن الشركة للعقار حتى الانتهاء من سداد قيمة التمويل يعد كافيا للشركة، حيث إنه بذلك تكون قد حفظت حق استقطاعها كتقسيط ومبلغ تمويل كامل، موضحا أنه في حال عدم التزام العميل بالسداد فإن هناك إجراءات معينة لا يمكن الإفصاح عنها –بحسب قوله. واستطرد في القول: «ثمة آلية للتأمين على حياة العميل في حالة وفاته أو عجزه عن السداد، حيث إنه يتم أخذ ما تبقى من المبلغ عن طريق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إضافة إلى تأمين الشركة على العقار من خلال شركة تأمين التي تتحمل الأضرار إذا ما حدثت أي مشكلات.

وزاد: «لا يتم تمويل السعودي إلا إذا كان راتبه لا يقل عن 5 آلاف ريال، في حين ينبغي أن يبلغ مرتب المقيم 10 آلاف كحد أدنى، فضلا عن مرور ما لا يقل عن عامين كخدمة للعميل في عمله، الأمر الذي يضمن للشركة وجود دخل يمكن عملائها من سداد مبلغ التمويل».