مصر: تخوفات من تراجع إنتاج السلع الاستراتيجية بعد تضاعف أسعار الأسمدة

خبراء يحذرون من تخلي المزارعين عن المحاصيل الرئيسية

TT

على الرغم من أن إنتاج مصر من الأسمدة يتجاوز 16.8 مليون سنويا، فإن هذه الكمية لم تكن كافية للحد من ارتفاع أسعار الأسمدة، التي دائما ما يقترن ارتفاع أسعارها ببدء موسم الزراعة الذي بدأ مطلع الشهر الماضي، وأدى إلى مضاعفة أسعار الأسمدة إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ وقت طويل، الأمر الذي أثار تخوفات من أن يؤثر ذلك على إنتاجية الأراضي الزراعية وتخلي الفلاح عن زراعة السلع الاستراتيجية.

وشهدت المحافظات المصرية عدة احتجاجات واسعة من قبل المزارعين ضد سياسة وزارة الزراعة وبنك التنمية والائتمان الزراعي (يقدم الخدمات المصرفية والتمويلية للمزارعين) التي قالوا إنها السبب الرئيسي وراء أزمة ارتفاع الأسمدة. ولم يواجه ارتفاع الأسعار الأسمدة تحرك أو رد فعل حكومي، سوى تصريحات لرئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية عادل الموزي، الذي أكد أن هناك مخزونا استراتيجيا من الأسمدة في البلاد يقدر بنحو 859 ألف طن.

وقال محمد الخشن، رئيس شعبة الأسمدة باتحاد الغرف المصرية، إن السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسمدة يرجع إلى أن المعروض من الأسمدة في السوق أقل من الاحتياجات الفعلية، وهذا العجز يصل إلى 500 ألف طن تقريبا، كما أن الجهات التي تتولى توزيع الأسمدة لا تغطي كل أنحاء البلاد، الأمر الذي يخلق طرقا غير مشروعة للحصول على تلك الأسمدة وبأسعار كبيرة. وأشار إلى أن إنتاج مصر من الأسمدة يبلغ سنويا نحو 16.8 مليون طن، يتم تصدير نحو 9 ملايين طن منها، و7.8 يتم استهلاكه في السوق المحلية التي تحتاج إلى ما يقرب من 8.5 مليون طن سنويا. لكن الخشن تخوف من أن تؤثر تلك الأزمة في عدم تمكن الفلاح من شراء الكميات المطلوبة، مما سيؤثر على إنتاجية الأراضي الزراعية.

ومشكلة الأسمدة تقترن غالبا بموسم بدء الزراعة، لكن اشتد تأثيرها هذا العام، خاصة بعد ارتفاع أسعار الأسمدة بشكل غير مسبوق جاوز في بعض المحافظات نسبة 100%، وهو الأمر الذي أثر كثيرا على المزارعين المصريين وزاد من معاناتهم، وتلك المعاناة يرصدها محمد قطب أحد المزارعين، الذي أرجع هذا الارتفاع الرهيب في أسعار الأسمدة إلى إقبال الفلاحين على شراء الأسمدة لاستخدامها في زراعة محصول الأرز والقطن وبعض الخضراوات مثل الطماطم والباذنجان، والتي تتم زراعتها في هذا الوقت من كل عام، مؤكدا أن السبب الرئيسي وراء ارتفاعها هو بيعها في السوق السوداء من قبل تجار الأسمدة، بعد رفع الدولة يدها عن دعم الفلاح وحمايته من جشع التجار.

وأضاف قطب لـ«الشرق الأوسط» أن سعر جوال الأسمدة (يبلغ وزنه 50 كيلو غراما) من صنف «اليوريا» وصل إلى 160 جنيها من 75 جنيها، و«النترات» إلى 145 جنيها من 70، و«السوبر» إلى 50 جنيها من 37، وهو ما يعد عبئا على الفلاحين.

وأكد قطب أن الفلاح هو الذي سيتحمل في النهاية ارتفاع أسعار الأسمدة، لأنه عند بيع المحصول لا يستطيع أن يرفع السعر، فالتجار هم أيضا من يتحكمون في الأسعار ولا يراعون مصلحة الفلاح، كما أن أسعار السلع في الغالب ترجع إلى سياسة العرض والطلب، مؤكدا في الوقت نفسه أن الفلاح لا يستطيع أن يترك أرضه من دون زراعة حتى لو وصلت أسعار الأسمدة إلى أكثر من ذلك. وأشار إلى أن الجمعيات الزراعية لم تصلها حتى الآن الكميات المخصصة لها، مما أعطى الفرصة للسوق السوداء والتجار إلى احتكار كميات كبيرة كانت مخصصة للمزارعين.