مسؤول أوروبي: «كل الخيارات مفتوحة» في مفاوضات إنقاذ اليونان

وكالات التصنيف الدولية راهنت مسبقا على تخلف أثينا عن السداد

TT

قال رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يانكر إن اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل الذي بدأ اجتماعه مساء أمس سيبحث «كل الخيارات» من أجل إنقاذ اليونان من العجز عن سداد الديون.

وعلاوة على قرض لمدة ثلاث سنوات بقيمة 110 مليارات يورو (159 مليار دولار) توصلت إليه اليونان العام الماضي مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، هناك اعتقاد بأن اليونان في حاجة إلى قرض إضافي بقيمة تتراوح بين 80 إلى 120 مليار يورو كي تستطيع الوفاء بديونها بعد عام 2012.

وقال يانكر قبيل المفاوضات متحدثا باعتباره رئيس مجموعة اليورو وهي لجنة مؤلفة من وزراء مالية المنطقة إن الوزراء «سيدرسون كل الخيارات اليوم». وقال يانكر الذي أشار إلى عدم توقع صدور قرار أمس إن الهدف هو الاقتراب «قدر الإمكان للتوصل لاتفاق» قبيل اجتماع مجموعة اليورو القادم في لوكسمبورغ يوم العشرين من يونيو (حزيران) الجاري حيث من المقرر أن تتم بلورة حزمة إنقاذ ثانية لليونان.

من جانبها أكدت وزيرة المالية النمساوية ماريا فيكتر أن الاتحاد الأوروبي يدرس ما يطلق عليه «مبادرة فيينا» كنموذج لجعل البنوك تدفع جزءا من تكاليف الإنقاذ.

وكانت خطة في عام 2009 شهدت موافقة بنوك غرب أوروبا على الاستمرار في تمويل شركاتها التابعة في شرق أوروبا. وفي الحالة اليونانية، سيعني ذلك أنها ستحجم عن جني أرباح من استحقاق السندات وتقبل بدلا من ذلك بإصدار سندات دين سيادية جديدة. وفي اقتراح بديل، دعا وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله إلى أن تقبل البنوك تمديدا لموعد استحقاق السداد على السندات اليونانية التي بحوزتها بما يسمح لأثينا أن تلتقط أنفاسها بشكل أفضل. لكن الخدعة هي أن يتم الإبقاء على العملية بكاملها «طوعية» من أجل تجنب تصنيفها من جانب وكالات التصنيف العالمية بأنها حالة عجز عن السداد. ويشدد البنك المركزي الأوروبي على ذلك.

إلى ذلك تسعى دول منطقة اليورو في هذه المحادثات إلى الحد من خلافاتها حول وسائل إشراك الدائنين في القطاع الخاص في مساعدة اليونان مع هامش مناورة ضيق جدا وتحت نظر وكالات التصنيف المالي التي تراهن على تخلف البلاد عن سداد ديونها. ويتمثل رهان المحادثات التي سيجريها وزراء مالية منطقة اليورو الذين اجتمعوا أمس في بروكسل في التخفيف من عبء الدين اليوناني الضخم البالغ نحو 350 مليار يورو على البلاد من دون اعتبارها في حالة إفلاس. وسيوسع اللقاء في المساء ليشمل دول الاتحاد الأوروبي جميعها من أجل مناقشة بصورة عامة أكثر وسائل تجنب أزمات ديون جديدة. وقال حاكم بنك فرنسا المركزي كريستيان نواييه «يناسبنا التوصل إلى حل يجنب خطر التخلف عن الدفع». وتابع محذرا «إن تعذر العثور على حل وإذا ما تعرضتم للدين على الرغم من كل شيء وتسببتم بتخلف عن السداد. فعليكم الاستعداد لتمويل دين اليونان كاملا». واعتبر أن أي تعديل في التسليفات اليونانية سيكون عملا يشبه التخلف عن الدفع ويؤدي إلى تدهور تقييم وكالات التصنيف وردود فعل كارثية متتالية سواء في البلاد نفسها أو لدى جيرانها في منطقة اليورو. لكن القرض البالغة قيمته 110 مليارات يورو على مدى ثلاث سنوات والذي وعد به الأوروبيون وصندوق النقد الدولي في العام الفائت لم يكن كافيا لأثينا. وفي نهاية الأسبوع الفائت حدد وزير المالية البلجيكي ديدييه رايندرز المبلغ الإضافي المطلوب «بأكثر من 80 مليار يورو».

ويبدو أن ألمانيا تمكنت من إقناع أغلبية شركائها بفكرة العمل على إشراك ممولي الديون اليونانية في القطاع الخاص! سواء كانوا مصارف أو شركات تأمين أو صناديق استثمار. لكن يبقى تحديد كيفية عمل ذلك.

وكرر رئيس منطقة يوروغروب جان كلود يونكر السبت أنه لن «تجري إعادة جدولة كاملة» تفرض على الدائنين في القطاع الخاص التخلي عن جزء من الدفعات! بل «إعادة جدولة مرنة وطوعية». وتكمن الفكرة في منح أثينا المزيد من الوقت للتسديد! سواء عبر استبدال الديون الموجودة بأخرى ذات أمد أطول على ما تريد برلين، أم عبر الحصول من الدائنين في القطاع الخاص على ضمانات أنهم عندما يحل أجل سداد أموالهم سيقدمون غيرها بالقيمة نفسها. وقال رايندرز «نتمنى بالفعل جمع 25 مليار يورو لليونانيين من المصارف وشركات التأمين وصناديق التقاعد التي نطلب منها وديا تمديد أمد القروض السارية». وتابع «إذا دعت الحاجة فسنمارس ضغطا خجولا على هؤلاء المستثمرين في القطاع الخاص».

وتتركز المحادثات حول المشاركة الطوعية للدائنين في القطاع الخاص أو تحت الضغط. وقال جان كلود تريشيه «ينبغي أن تكون إعادة جدولة الدين طوعية» تحت طائلة إثارة حركة عصيان خطيرة جدا. وتؤيد المفوضية الأوروبية هذه الفكرة. لكن وإن أتت المشاركة طوعا، فإنه من غير المؤكد أن تكون كافية لتجنب الخطورة. فوكالة ستاندارد أند بورز للتصنيف المالي أكدت الاثنين أنه مهما كان الخيار النهائي (تبادل الأسهم أو تمديد استحقاقات السداد) فإنها ستعتبره «تخلفا في الواقع» وستخفض تصنيف اليونان مجددا. وقد أعطتها للتو درجة «سي سي سي»، معتبرة أن خطر التخلف عن التسديد في الأشهر الـ12 المقبلة تضاعف.

ومن جانبه قال هيرمان فان رومبوي رئيس المجلس الأوروبي إنه يثق في الموافقة على برنامج مساعدات جديد لليونان بنهاية الشهر الحالي، وقال: «نعمل على البرنامج على مستويات مختلفة. أولا في اليونان على حزمة إجراءات لتصحيح التدهور المالي في 2011 وهذا جهد مهم آخر». وأضاف «كما نعمل على شكل ما من مشاركة القطاع الخاص... وعلى وسائل مالية أوروبية إضافية من أجل اليونان. كما حدث في الماضي سنحصل على نتيجة إيجابية وسنصل إلى اتفاق بنهاية الشهر أنا على ثقة». ويأتي ذلك بعد أن نظم آلاف العمال في اليونان إضرابا عن العمل احتجاجا على موجة جديدة من إجراءات التقشف الاقتصادية التي تعتزم الحكومة اليونانية تطبيقها، الإضراب شمل عمال شركة «الاتصالات العامة» والسكك الحديدية والبنوك. وقوبلت الخطة المالية الأولية للحكومة التي تقضي بخفض إضافي في النفقات العامة بقيمة 4.6 مليار يورو بانتقادات شديدة من الكثير من أعضاء البرلمان داخل الحزب الاشتراكي الحاكم الذي يتزعمه جورج باباندريو. ويعاني الاقتصاد اليوناني من الكساد للعام الثالث على التوالي، رغم خطة المساعدات الضخمة المقدمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتأتي الاحتجاجات بعد تأكيد صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي على التزام الحكومة اليونانية بشروط حزمة الإنقاذ المتمثلة في خفض عجز الميزانية على المدى المتوسط. وتأتي أيضا بعد أن دعا الاتحاد الأوروبي اليونان إلى تكثيف برنامج الخصخصة والإصلاحات الهيكلية للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها. وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين في بيان إن «التزام الحكومة اليونانية بتسريع خطة الخصخصة بصورة كبيرة وهو حجر زاوية في برنامج التعافي يكتسب أهمية بشكل خاص».