البنوك المصرية لم تجمد أرصدة القذافي وتتحوط بشأن مراقبة أمواله

مسؤول مصرفي لـ«الشرق الأوسط»: الأموال الليبية في مصر تخص الدولة وليست لأفراد

TT

نفت مصادر مصرفية مصرية صدور تعليمات رسمية لها من قبل البنك المركزي المصري، بخصوص تجميد أرصدة العقيد معمر القذافي وأسرته وعدد من المقربين منه، على خلفية قرار مجلس الأمن رقم 1970، الذي يتضمن تجميد أصول للقذافي والدائرة المحيطة به، وذلك في سياق ضغوط لحمل النظام الليبي على وقف القمع الدموي لشعبه، المستمر لأكثر من 3 أشهر.

وقال محمد عبد الجواد، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف العربي الدولي، أحد أكبر الاستثمارات الليبية في مصر لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد تعليمات بهذا الخصوص، ولكن هناك امتثالا من قبل جميع الدول لقرار مجلس الأمن الذي صدر بالإجماع نهاية فبراير (شباط) الماضي حول ذلك الأمر.

وأضاف عبد الجواد، الذي يمثل الحكومة الليبية في المصرف العربي الدولي الذي تأسس بقانون خاص بمساهمة من دول «مصر وليبيا وقطر والإمارات وسلطنة عمان»، ولا يخضع لرقابة البنك المركزي المصري، إن الأموال الليبية الموجودة في مصر لا تخص عائلة القذافي أو من صدر بحقهم قرار بتجميد أرصدتهم، وإنما تخص الدولة الليبية.

وأعلنت بريطانيا وكندا وسويسرا وأميركا تجميد أصول وودائع بمليارات الدولارات للعقيد الليبي معمر القذافي وأسرته ومقربين منه، حتى قبل صدور قرار مجلس الأمن الذي يمتد إلى ثلاث سنوات، منذ الموافقة عليه نهاية شهر فبراير الماضي.

وتابع عبد الجواد: «الأرصدة الليبية في البنك تخص مؤسسات حكومية ليبية، ولا يوجد لدينا أموال للقذافي وعائلته، كما أن أرباح البنك موجودة باسم الحكومة، وليس باسم القذافي».

وقال إن المصرف ليس مكانا آمنا للأعمال غير المشروعة، ويطبق القوانين الخاصة بغسل الأموال.

وقال بعض مسؤولي الدول التي اتخذت قرار التجميد إن القرار يعني أن القذافي وأعوانه لن يستطيعوا استخدام أموالهم ضد مصالح الشعب الليبي، وسط تقديرات كبرى لتلك المبالغ، منها ما ذكره رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، من أن مجموع أصول القذافي وأسرته في بريطانيا يصل إلى 20 مليار جنيه إسترليني (32.2 مليار دولار)، وأن معظمها سيولة في لندن، وفق ما قالته صحيفة «ديلي تلغراف» في وقت سابق.

وتقدم عدد من النشطاء والقانونيين في مصر ببلاغات للنائب العام المصري تطالبه بتجميد أرصدة القذافي وأولاده التسعة بمصر، وعدد من أفراد عائلته، منهم قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية - الليبية، الذي طلب اللجوء السياسي إلى مصر قبل نحو ما يزيد على شهرين، ومصادرة الأصول الثابتة لهم، التي تنتشر في جميع أنحاء مصر، وأن توجه هذه الأرصدة لصالح الشعب الليبي والمضارين، وقد كان آخر تلك البلاغات ما تم تقديمه منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

في السياق ذاته، قال مصدر يرأس أحد البنوك الخاصة الكبرى في مصر، إن البنوك لم تتلق أي طلبات تتعلق بالأنظمة العربية التي تتعرض لموجة تغيير كبرى، سوى أموال الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن البنوك تأخذ إجراءات احترازية على الحسابات التي تدور حولها شبهات. وأشار المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن البنوك تتحوط كثيرا في معظم التعاملات التي تتم على الحسابات الخاصة التابعة لجهات سيادية، ومنها حسابات الزعماء العرب، التي لا تكون في الأغلب مودعة بأسمائهم.

وأضاف أن أغلب الأموال العربية توجد في بنوك أجنبية، وتوظيفها داخل البنوك العربية متدنٍّ لأقصى درجة.

وكانت تقارير أميركية نشرها موقع «ويكيليكس» كشفت أن القذافي يتصدر قائمة أثرياء الزعماء العرب، بثروة تقدر بـ131 مليار دولار، وهي ثروة تقارب ستة أضعاف ميزانية ليبيا لعام 2011، البالغة 22 مليار دولار.

وتقول التقارير إن أغلب استثمارات القذافي في إيطاليا، بسبب العلاقة الوثيقة التي تربطه برئيس الوزراء، سيلفيو برلسكوني، وهو يمتلك نحو 5 في المائة من كبرى الشركات الإيطالية، كما يمتلك أسهما في نادي يوفنتوس، وشركة نفط «تام أويل»، وشركات تأمين واتصالات وشركات ملابس شهيرة.

إلى ذلك، ألغى الاتحاد الأوروبي، أمس، الجمعة، تجميد حسابات النائب السابق لرئيس المؤسسة الليبية للاستثمار، مصطفى زرتي، الذي كان قد فرض في إطار تعقب الثروات الخارجية للدائرة المقربة من العقيد الليبي معمر القذافي.

وقال زرتي في بيان تلاه متحدث باسمه في فيينا التي سافر إليها في فبراير (شباط): «هذا انتصار لسيادة القانون. كانت العقوبات غير مبررة من البداية». وجدد زرتي اتهامه لوزارة الخارجية النمساوية بأنها قررت فرض العقوبات عليه استنادا فقط إلى تقارير إعلامية صورته على أنه يدير ثروات القذافي. وقال بيان في الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي، أمس، الجمعة: «نظرا للتطورات في ليبيا» أزيل اسم زرتي من قائمة الأشخاص والمؤسسات الذين تم تجميد أرصدتهم بسبب الاشتباه في صلتهم بالقذافي. وقال متحدث باسم البنك المركزي النمساوي الذي جاء قراره تجميد أموال زرتي في مارس (آذار) قبل أيام من قرار الاتحاد الأوروبي «يمكنه أن يفعل ما يحلو له بأمواله من الآن فصاعدا». وكانت النمسا قد وصفت زرتي بأنه «مقرب من النظام في ليبيا»، حيث يقاتل القذافي انتفاضة ضد حكمه المطلق المستمر منذ أكثر من 4 عقود. وقال زرتي إنه استقال في 24 فبراير من المؤسسة الليبية للاستثمار - صندوق الثروة السيادي - بعد 3 أيام من مجيئه إلى النمسا لقضاء عطلة مع عائلته.

ونفى زرتي - الذي يحمل الجنسية النمساوية وعاش سنوات من شبابه في فيينا - أن تكون له أي صلات بعائلة العقيد الليبي، باستثناء نجله سيف الإسلام، وهو صديقه منذ فترة طويلة. وبعد ذلك أدرج الاتحاد الأوروبي المؤسسة الليبية للاستثمار – وهي صندوق بقيمة 65 مليار دولار أنشئ لاستثمار إيرادات ليبيا الضخمة من النفط والغاز - وبضع مؤسسات مالية أخرى في قائمة العقوبات. وجمدت النمسا أموالا تبلغ نحو 1.2 مليار دولار.