رئيس الغرفة التجارة الكندية في مصر: أمام مصر عامان حتى تستقر.. والمستثمر الأجنبي ينتظر

الدكتور فايز عز الدين لـ«الشرق الأوسط»: لا بد من توفير الاستقرار القانوني والتشريعي لجذب الاستثمار الخارجي

د. فايز عز الدين
TT

أعرب الدكتور فايز عز الدين، رئيس الغرفة التجارية الكندية بمصر، عن تفاؤله تجاه الأوضاع السياسية الحالية، التي أصبحت تميل إلى الاستقرار، وهو ما اعتبره عاملا سيشجع المستثمر الأجنبي على ضخ الأموال في السوق المصرية. وكشف عز الدين عن أن الاستثمارات الكندية بدأت تتجه إلى الاستثمار في مصر، كبوابة رئيسية لعبورها لأفريقيا. وأوضح أن التبادل التجاري بين مصر وكندا زاد عن في الفترة الحالية مقارنة بالفترة نفسها من العام السباق، لكنه حذر بشدة من إهمال تطوير الجانب الإداري في مصر، موضحا أن الغرف الكندية ستوفر دورات تدريبية للنهوض بالكادر الإداري المصري.

* مصر تمر بمرحلة انتقالية، مخاضها لم يتضح بعد، برأيك هل ستؤثر حالة عدم الاستقرار السياسي على حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر في الفترة القادمة؟

- لا أذيع سر إذا قلت إن أمام مصر ما يقرب من سنتين حتى تستقر سياسيا، من انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة، وهو ما قد يجعل المستثمر الأجنبي ينتظر، لكننا في غرفة التجارة الكندية لن ننتظر حتى تستقر الأوضاع السياسية، فنحن نريد أن نكون موجودين في مصر من الآن حتى نكون مستعدين لمواصلة العمل متى تستقر أحوال مصر سياسيا، حينها ستبدأ معظم المشاريع في جني ثمارها الاقتصادية مع البداية الجديدة للبلاد.

* هناك بعض التقارير التي تشير إلى إحجام المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في مصر في الوقت الراهن، إذن ما حجم اتجاه رجال الأعمال والمستثمرين الكنديين للاستثمار في مصر خلال الفترة القادمة؟

- دعني أقل لك إن هناك اتجاها قويا من رجال الأعمال الكنديين للاستثمار في مصر خلال الفترة القادمة، فهناك الكثير من المستثمرين الذين ينهون استعدادهم لبدء استثمارات جديدة في مصر خلال الفترة الوجيزة القادمة، أبرزهم شركة «هاتش» التي تعتزم فتح مكتب جديد لها في مصر خلال الأسبوعين القادمين، ومن المعروف أن شركة «هاتش» الكندية ثاني أكبر شركة تعمل في مجال المقاولات والاستشارات في العالم.

* وماذا عن نشاطاتها المتوقعة في مصر؟

شركة «هاتش» تعتزم توسعة نشاطاتها داخل القارة الأفريقية عامة، وإدارتها قررت أن تتخذ من مصر نقطة انطلاق لها في القارة كلها، وبالنسبة لمصر فإن الشركة تسعى لإنشاء استثمارات في مجال المقاولات والاستشارات المعمارية فيها، ووفقا لمعلوماتي فإن هناك تركيزا من جانب الشركة على فتح استثمارات جديدة أيضا في مجال بناء السدود ومحطات توليد الكهرباء والاعتماد على الرياح في توليد الطاقة النظيفة.

* الغرف التجارية الأجنبية غالبا ما تقدم منحا مادية أو فنية لرجال الأعمال وشباب المستثمرين في مصر، ماذا عن المنح المقدمة من الغرفة التجارية الكندية لمصر، وإلى أين تتوجه مثل هذه المنح؟

- قررت الحكومة الكندية من خلال هيئة المعونة الكندية وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة القوى العاملة تخصيص مبلغ 10.5 مليون دولار أميركي للتدريب على بناء القدرات المؤسسية والكوادر المؤهلة داخل مصر، ورفع مهاراتهم لإيجاد وظائف لائقة للشباب في أعمال غير تقليدية، فكما تعلم تشتهر كندا بأنها من الدول المتقدمة جدا في مجال التكنولوجيا والتدريب والتعليم، لذلك أصبح من أهم أولوياتنا حاليا توجيه هذه المنح التدريبية لرفع كفاءة الجهاز الإداري في مصر.

* ولماذا التركيز على الجانب الإداري بالأساس؟

- لأن العاملين هم النواة الأولى للإنتاج، فأولى خطوات تدعيم الاقتصاد يجب أن تبدأ بأهم العوامل الأساسية في بنائه وهي العمالة المدربة جيدا، وفي رأيي فغن أهم ما تفتقده مصر حاليا هو العمالة المدربة، لأنك تجد دائما آلاف الخريجين، والكثير من فرص العمل التي لا يمكنهم شغلها بسبب قلة الكفاءة أو عدم توافر المهارات المناسبة. ببساطة سنعمل على تهيئة الخريجين للفرص المتاحة في سوق العمل.

قامت غرفة التجارة الكندية بتوقيع اتفاقية تعاون مع معهد الإدارة العامة الكندي (IPAC) الذي أنشئ منذ عام 1947 وأسهم في عمل الإصلاح الإداري ورفع كفاءة العاملين في القطاع الحكومي بدولة كندا، والمعهد يعتمد على نخبة من أكفأ المدربين المعروفين في العالم، والغرفة تعمل على إدخال هذا المعهد للسوق المصرية حتى نستطيع بناء كوادر إدارية على أعلى مستوى تقوم بخدمة الاستثمار، وهو ما سينعكس على تحسن الخدمات المقدمة للمواطن المصري، مما ينعكس على نوعية الحياة في البلاد.

* في رأيك، ما هي أهم المميزات التي تجذب المستثمرين الأجانب لمصر؟

- دعني أوضح أولا أن كل مستثمر سواء كان كنديا أو من أي جنسية أخرى يفكر أولا وأخيرا في ما سيعود عليه من منفعة أو فائدة من استثماراته، ومصر تمثل بوابة عبور لكل القارة الأفريقية خصوصا للدول التسع عشرة المشتركة في اتفاقية «الكوميسا» (اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا)، فحتى يمكن للمستثمر التمتع بما تمنحه هذه الاتفاقية من إعفاءات جمركية وامتيازات أخرى، لا يمكن أن يستفيد منها إلا إذا كانت تجارته تمر عبر إحدى الدول الأعضاء في الاتفاقية، ومصر تعتبر أفضل خيار من بين الدول الأعضاء، بالإضافة لتوافر الأيدي العاملة المتوافرة والرخيصة، مما يقلل من التكلفة ويجعل نشاطها في مصر دائما في وضع منافس للدول الأخرى.

* من خلال تجربتك في مجال الاستثمار في مصر، ما هي أكثر العقبات التي تواجه المستثمر الأجنبي بها؟

- أكثر ما يعوق الاستثمار الأجنبي في مصر هو الفوضى القانونية والتشريعية، فيجب أن تتم دراسة أي قرار أو قانون قبل إصداره، كذا يجب عدم الاستعجال بإلغاء القوانين المرتبطة بالاستثمار وهو ما يؤثر بشكل مباشر على المستثمر، فلا يمكن فرض أي نوع من الضرائب بشكل مفاجئ أو إلغاء المنح، مثل القرار الذي صدر منذ أيام قليلة بفرض ضرائب على البورصة، أو أن يتم إلغاء الإعفاءات الضريبية بشكل مفاجئ، وفي رأيي أن الحل السحري لجذب الاستثمار الأجنبي هو وجود استقرار في اتخاذ القرارات.

* هل يمكن توقيع اتفاقية تجارة حرة بين مصر وكندا؟

- من يستفيد من هذه الاتفاقية هو كندا وليست مصر، لسبب جد مهم وهو أن المستثمر الكندي يقوم بدفع جمارك كبيرة حال تصديره منتجاته لمصر، أما عندما يقوم المستثمر المصري بالتصدير لكندا فإنه يدفع ضريبة مخفضة جدا تسمى «دولة أولى بالرعاية»، أي أن مصر تعتبر متمتعة ضمنا لاتفاقيتها مع كندا بتخفيضات جمركية كبيرة على منتجاتها، مما يغنيها عن توقيع مثل هذه الاتفاقيات.

* ما هو حجم التبادل التجاري بين مصر وكندا.. وهل هناك تراجع عن الفترات السابقة؟

- بالعكس، هناك زيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر وكندا، فقد وصل حجم هذا التبادل التجاري إلى 212 مليون دولار أميركي تقريبا خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) 2011 إلى مارس (آذار) الماضي، مقابل 145 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة نسبتها 46%، كما بلغت قيمة الصادرات المصرية لكندا 86 مليون دولار، بزيادة نسبتها 48% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وأظهرت الصادرات الكندية زيادة قدرها 45% عن الفترة نفسها من العام الماضي لتصل إلى 126 مليون دولار.

* في غمار هذا التبادل التجاري النشط بين البلدين، ما هي أبرز الصادرات المصرية لكندا، وما الذي يحرص المستورد المصري على جلبه من الأسواق الكندية؟

- تركزت معظم الصادرات المصرية إلى كندا خلال تلك الفترة على عدد من المنتجات، أهمها الذهب الخام، وهو بند يظهر للعام الثاني على التوالي في الصادرات المصرية لكندا، والذي يمثل 73% من إجمالي الصادرات، ثم الملابس الجاهزة والمنسوجات والسجاد والتي تمثل 13%، ثم اليوريا، وتليها المنتجات الغذائية وبعض مواد البناء ومنتجات الكريستال بنسب أقل.

أما بالنسبة للواردات المصرية من كندا فهي بالترتيب ترتكز على استيراد الحديد الخردة، والذي يمثل 39% من إجمالي الواردات، يليه القمح الذي يمثل 17%، ثم العدس الذي يمثل 8%، تليه الأمصال والمطبوعات وورق الشكائر والأخشاب والمنتجات الغذائية والحبوب وبعض المعدات وآلات وخطوط الإنتاج.