42.6 مليون دولار أعلى راتب لرئيس تنفيذي في أميركا

الأسهم والمكافآت تزيد من أجور رؤساء الشركات الأميركية

ديفيد زاسلاف
TT

زادت أرباح الأسهم والمكافآت من إجمالي رواتب الرؤساء التنفيذيين في واشنطن بنسبة تزيد على 2 في المائة، في إشارة إلى تحول ذلك إلى اتجاه عام سائد بين شركات القطاع العام الكبرى. وتأتي تلك الأرباح في عام يحاول فيه الرؤساء التنفيذيون جاهدين إنقاذ شركاتهم في ظل أسوأ فترة تراجع اقتصادي شهدتها البلاد منذ الكساد الكبير. وقد يشهد العام الحالي آخر رواتب إجمالية، حيث من المقرر تطبيق القوانين الحكومية الجديدة العام الحالي، والتي سيسمح بمقتضاها لحاملي الأسهم بالتصويت على راتب الرؤساء التنفيذيين رغم كونه غير ملزم.

وتصدر ديفيد زاسلاف، الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات «ديسكفري كوينيكيشينز»، قائمة الرؤساء التنفيذيين الأعلى أجرا، حيث بلغ راتبه الإجمالي الذي تقاضاه 42.6 مليون دولار في عام 2010، بحسب بيانات لجنة الأوراق المالية والبورصة. وتمثل الزيادة منذ عام 2009 التي حصل عليها 264 في المائة. نحو 84 في المائة من المبلغ الذي يتقاضاه زاسلاف من خيارات الأسهم إضافة إلى زيادة أسعار أسهم شركة «ديسكفري». وبلغ سعر تداول سهم شركة برمجة الكيبل العملاقة التي يقع مقرها في سيلفر سبرينغ 14 دولارا عام 2009، لكنه ارتفع إلى نحو 42 دولارا نهاية العام الماضي. وازدادت الأرباح عام 2010 بنسبة 19 في المائة حتى وصلت إلى 653 مليون دولار. وأشارت شركة «ديسكفري»، التي رفضت التعليق على هذا الموضوع، إلى إنجازات زاسلاف، ومنها «نجاحه في رفع جودة المحتوى ومبيعات الإعلانات التي فاقت ما حققته شركات الكيبل الأخرى».

وحتى يحصل زاسلاف بالكامل على مكافآت تقدر بـ20.3 مليون دولار في صورة أسهم، عليه أن يحقق مجموعة من الأهداف قبل عام 2013. ليس هذا غريبا، حيث يرتبط الحصول على الأسهم والمكافآت في كثير من الشركات هذه الأيام بتحقيق أهداف محددة على حد قول تشارلي ثارب، نائب الرئيس التنفيذي لشؤون السياسات في مركز رواتب الرؤساء التنفيذيين. ويقول: «يوضح منح مكافآت طويلة الأجل نطاق صناعة القرار». وتريد الشركات ضمان «الارتباط بين الرؤساء التنفيذيين ومصالح حاملي الأسهم». أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي منح جزء كبير من الراتب في صورة أسهم.

وكثيرا ما يُضطرّ الرؤساء التنفيذيون إلى الانتظار سنوات كثيرة لتحويل الأسهم إلى أموال نقدية سواء ارتبط ذلك بالأداء أم لم يرتبط، لكن يمكن للقيمة الاسمية للمكافآت التي يحصلون عليها في صورة أسهم أن ترتفع أو تنخفض بمرور الوقت. ويقول براندون ريس، نائب مدير المكتب الاستثماري للاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية: «يستطيع الرؤساء التنفيذيون الاستفادة من تقلبات السوق. وقد مكّنت خيارات الأسهم التي حصلوا عليها عام 2008 الرؤساء التنفيذيين من تحقيق أرباح فقط من خلال عودة أسعار الأسهم إلى مستواها السابق، بينما لم يشهد مستثمرو الأجل الطويل زيادة كبيرة في سعر السهم». وبدأ عدد أكبر من الشركات يشترط حصول الرؤساء التنفيذيين على كمّ محدد من الأسهم. ويرى مؤيدو هذا الإجراء أنه من شأنه الحد من المخاطر من خلال الربط بين ما يحصل عليه الرؤساء التنفيذيون من مكافآت وحاملي الأسهم.

وطبقا لدراسة أجرتها شركة «إيكويلار» للأبحاث الخاصة بإجمالي رواتب الرؤساء التنفيذيين لصالح «كابيتال بزنس»، ازدادت المكافآت التي تمنح في صورة خيارات أسهم بنسبة 14 في المائة عام 2010، بينما ارتفعت المكافآت التي تمنح في صورة أسهم للشركة بنسبة 12.6 في المائة. وارتفعت الرواتب بنسبة 4.3 في المائة، رغم ارتفاع المكافآت بنسبة 19.2 في المائة. وقال أرون بويد، المحلل بشركة «إيكويلار»، إن زيادة كل مفردات الراتب تعكس عامين متعاقبين من التراجع. وأضاف: «زاد تحسن الوضع الاقتصادي منذ عام 2009 إلى 2010، وارتفاع أسعار الأسهم من قيمة تلك المفردات». وبلغ متوسط أجر الرؤساء التنفيذيين الذين يحصلون على أعلى أجر في واشنطن العام الماضي 2.5 مليون دولار بزيادة 13.2 في المائة عن عام 2009.

كما كان الوضع منذ عام مضى، حصل الرؤساء التنفيذيون، الذين أدرجت أسماؤهم على قامة أعلى عشرة رؤساء أجرا، على نصيب الأسد من إجمالي الرواتب في صورة أسهم. نحو 96 في المائة من إجمالي راتب بول سافيل، رئيس شركة «إن في آر» عبارة عن مكافآت في صورة أسهم وخيارات أسهم. واحتل رئيس الشركة التي مقرها مدينة ريستون المركز الثاني على القائمة، حيث تقاضى 30.9 مليون دولار، بينما حصل ريتشارد دي فيربانك، رئيس «كابيتال وان»، الذي احتل المركز السابع، على نحو 14.8 مليون دولار من إجمالي 14.9 مليون دولار في صورة أسهم في إطار تقليد متبع منذ سنوات طويلة في الشركة. لكن كان هناك بعض الوجوه الجديدة مثل توماس واتيكينز، رئيس «هيومان جينوم ساينس»، الذي احتل المركز العاشر بإجمالي راتب قدره 9.9 مليون دولار. ومنحت شركة «روكفيل» للأدوية لرئيسها مكافآت قدرها 8.4 مليون دولار في صورة أسهم في الوقت الذي بدأ فيه علاج مرض الذئبة يلفت الأنظار باعتباره أول علاج للمرض منذ خمسين عاما. وقد وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء في مارس (آذار).

ولمرة أخرى تحتل المؤسسات التي تقدم خدمات لوزارة الدفاع الأميركية المراكز المتقدمة، حيث احتل ويسلي بوش، رئيس «نورثروب غرومان» المركز الثالث براتب إجمالي قدره 22.1 مليون دولار، واحتل روبرت ستيفنز، رئيس «لوكهيد مارتن»، المركز الرابع براتب إجمالي قدره 19.1 مليون دولار وجاي جونسون، رئيس «جنرال ديناميك» براتب إجمالي قدره 13.8 مليون دولار. لكن لم يحصل هؤلاء الرؤساء التنفيذيون على زيادة تذكر في إجمالي رواتبهم، حيث اتجهت الحكومة إلى خفض معدل إنفاقها في هذا القطاع.

ويتوقع المعارضون للأجور المُبالغ فيها التي يتقاضاها الرؤساء التنفيذيون من الشركات أن تنظر نظرة جديدة لكيفية تحديد إجمالي الأجر بعد القوانين الجديدة التي صدرت في أعقاب التراجع الاقتصادي الأخير. يستند أحد القوانين إلى قانون «دود - فرانك» ويقتضي من شركات القطاع العام السماح للمستثمرين بتحديد إجمالي الراتب الذي يتقاضاه الرؤساء التنفيذيون في اجتماع سنوي يعقده حاملو الأسهم. ورغم أن هذا التصويت غير ملزم فإن لمجالس الإدارات الحق في تغيير إجمالي رواتب الرؤساء على حد قول رونالد مولر، المحامي المتخصص في قانون الشركات، في مؤسسة «جيبسون، دان آند كراتشر» في ديستريكت.

لم يكن هناك الكثير من المعارضين لإجمالي أجور الرؤساء التنفيذيين خلال العام الحالي، لكن تظل لجان الشركات راضية عن النشاط. 33 في المائة من 2061 عملية تصويت أجريت في السادس عشر من يونيو (حزيران) في كبرى شركات القطاع العام، كانت سلبية بحسب شركة «إنستيتيوشنال شيرهولدر سيرفيسيز أوف روكفيل»، التي نصحت المستثمرين بالتصويت ضد إجمالي الراتب الذي حصل عليه رئيس شركة «إن في آر».

تمت عمليتا تصويت من المشار إليها سابقا في شركتي «إن في آر» و«كوجنت كوميونيكيشينز»، بينما كانت الأصوات المعارضة في عمليات أخرى شهدتها عدة شركات بواشنطن، منها «تي إن إس» و«لاسال هوتيل بروبرتيز»، لا تمثل سوى أقلية. أما في شركة «إن في آر»، فقد صوّت 44 في المائة من حاملي الأسهم ضد إجمالي رواتب الرئيس التنفيذي لها. وارتفع إجمالي راتب سافيل بنسبة 2.408 بفضل المكافآت التي حصل عليها في صورة أسهم. على الجانب الآخر ظل سافيل يطلب من الشركة على مدى السنوات الأربع الماضية تثبيت راتبه الإجمالي عند 800 ألف دولار.

الجدير بالذكر أن أداء شركة «إن في آر» كان أفضل من كثير من شركات المقاولات التي تعمل في قطاع بناء الوحدات السكنية منذ أزمة الإسكان، حيث حققت أرباحا بنسبة 7.2 في المائة على 206 ملايين دولار العام الماضي، في الوقت الذي كانت تصارع فيه الشركات المنافسة فقط من أجل البقاء. لم يردّ أي من مسؤولي الشركة على الطلبات المتكررة بالتعليق على الأمر، وكذلك الحال بالنسبة إلى شركة «كوجنت» و«تي إن إس» و«لاسال». وقال بول هودغسون، كبير الباحثين في «غوفرنانس ميتريكس» أو «كوربوريت لايبراري» سابقا: «لا يمكن تجاهل اعتراضات حاملي الأسهم. ورغم قلة عدد الأصوات المعارضة فستعاني الشركة من ضرر بالغ إذا قرر كل هؤلاء المستثمرين بيع أسهمها في اليوم التالي». وأضاف أن الأرقام الفلكية للرواتب لا تثير حفيظة حاملي الأسهم، لذا لا تتوقع منهم أن يسعوا إلى خفض ما يحصل عليه الرؤساء التنفيذيون من مكافآت. لكن سيشكو المستثمرون إذا كانت المكافآت متزامنة مع النتائج.

* خدمة «واشنطن بوست».