مصر: الاجتماعات مع المستثمرين لحل النزاع على الأراضي تنتهي دون نتائج

تقرير قضائي يوصي برفض دعوى بطلان عقد أرض «مدينتي»

TT

تسعى الحكومة المصرية للوصول إلى حلول مع المستثمرين الذي ثبت تورطهم في قضايا فساد، فقامت خلال الفترة الماضية بعقد عدة اجتماعات مع مستثمرين لديهم نزاعات مع الدولة بشأن حصولهم على أراضٍ بأقل من قيمتها الحقيقية، دون أن تسفر تلك المحادثات عن نتائج ملموسة. ويأتي ذلك في الوقت الذي أصدرت فيه هيئة قضائية مصرية أمس تقريرا «غير ملزم» برفض الدعوى المقامة لإبطال عقد أرض مشروع مدينتي التابع لمجموعة طلعت مصطفى، مؤكدة صحة العقد الجديد الذي تم إبرامه أواخر العام الماضي.

وتوجد لجنتان لحل النزاعات مع المستثمرين، الأولى يرأسها رئيس الوزراء المصري عصام شرف لفض النزاعات الاقتصادية ومراجعة عقود تخصيص الأراضي للاستثمار، أما الثانية فتتولى إعداد مشروع قانون التصالح مع رجال الأعمال الذين يثبت تورطهم في قضايا فساد. وكشفت الدراسات المبدئية للجنة الرسمية التي شكلها رئيس الوزراء أن عقود الأراضي محل النزاع تم تخصيصها بقيمه أقل من سعر السوق، وهو ما يستدعي التفاوض على توقيع عقود جديدة.

وقال أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار وعضو اللجنة التي يرأسها رئيس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» إنه تم عقد عدة اجتماعات مع المستثمرين الذين لديهم نزاعات مع الدولة بشأن حصولهم على أراض بأقل من قيمتها الحقيقية، وناقشت هذه الاجتماعات مبدأ مراجعة جميع العقود وكيفية إجراء تسويات مناسبة للمستثمرين بحيث لا تهدر حق الدولة.

وأشار صالح إلى أن المفاوضات ما زالت مستمرة مع المستثمرين، ولم تحسم كافة الشركات موقفها من مراجعة العقود، وأضاف: «الحكومة حريصة على مصلحة المستثمر لأن وجوده يدعم اقتصاد الدولة ونسعى أن تكون البدائل المتاحة لإعادة تقييم العقود لا تؤثر على مصلحة وكفاءة الاستثمارات، فمراجعة العقود تراعي دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع الذي يقدمه المستثمر، فنحن لا نبحث عن توفير سيولة لخزانتها بمراجعة العقود ولكننا نسعى إلى إيجاد صيغة عادلة للطرفين».

وتدرس اللجنة الآن عقود أرض شركة «الفطيم» الإماراتية بالقاهرة الجديدة (شرق العاصمة) والبالغة مساحتها 700 فدان، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن لقاء رئيس الوزراء الذي جرى مؤخرا مع مسؤولين بالشركة لم ينته إلى نتائج إيجابية محددة سوى وعد بسرعة الانتهاء من فحص العقد.

أما عن التصالح مع رجال الأعمال قال رئيس الهيئة العامة للاستثمار إن اللجنة المشكلة في هذا الشأن يرأسها اللواء محمود نصر، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية والمحاسبية، وهي التي تتولى إعداد مشروع قانون التصالح، وتتضمن أهم بنوده وضع عقوبة مالية على المستثمر المخطئ بقدر الخطأ الذي ارتكبه بهدف اختصار طريق طويل من المحاكمات التي لن تؤدي سوى إلى إعاقة تدفق الاستثمارات، مشيرا إلى أن الدولة لن تستفيد شيئا من حبس رجال الأعمال، ولكن عمل هذه اللجنة بعيد عن لجنة مراجعة العقود لأن الأخيرة لا تدرس أخطاء المستثمرين ولكنها تعالج تجاوزات مسؤولين سابقين فيما يخص توقيع عقود الاستثمار.

وقالت الدكتورة يمن الحماقي خبيرة التشريعات الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إن عقوبة تجاوزات أو فساد رجال الأعمال في القانون المصري جنائية تقضي بالحبس فقط، وهو الأمر الذي يتم حاليا تداركه بعرض مشروع قانون يستبدل بعقوبة الحبس الغرامة المالية قياسا للضرر المتحقق نتيجة مخالفات المستثمر إذا تم إثبات فساده.

وأضافت أن ذلك يختلف عن مراجعة العقود التي قد يكون المستثمر فيها قد وقع ضحية فساد مسؤولين وهذه المراجعات لا بد أن يتم التعامل معها بحذر بحيث لا يتم تعطيل استثمارات رجال الأعمال الجادين.

وعن إمكانية لجوء المستثمرين للتحكيم الدولي في مسألة مراجعة العقود باعتبار أن المستثمر غير ملزم بإعادة صياغة بنود تعاقد نتيجة فساد مسؤولين سابقين، قالت الحماقي إن التعاقدات التي يتم إبرامها مع العديد من المستثمرين تتم وفقا لاتفاقية حماية الاستثمار، وهي التي تضمن أن تكون الدولة ملزمة بحماية الاستثمارات الأجنبية، وعلى هذا الأساس فمن حق المستثمر في حالة وجود تجاوزات من قبل الدولة تحمل مخالفات واضحة لبنود تلك الاتفاقية أن يلجأ للتحكيم الدولي، وهو الأمر الذي يجعل مهمة لجنة مراجعة هذه العقود وتسويتها صعبه وبالغة الدقة حتى لا تؤدي التسوية لخروج الاستثمارات من الدولة.

وطالب المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين وأحد المستثمرين بالقطاع العقاري، بأن لا يكون الحل الوحيد لدى الحكومة هو تحصيل فروق أسعار الأراضي التي حصل عليها رجال الأعمال بأقل من قيمتها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حلول بديلة منها تخصيص نسبة في المشروع للإسكان الاقتصادي».

وقررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في جلستها المنعقدة أمس تأجيل نظر الدعوى المطالبة بإبطال عقد البيع الجديد لأرض مشروع «مدينتي» التابع لمجموعة طلعت مصطفى العقارية وسحب أرض المشروع من الشركة وإعادتها للدولة مرة أخرى، لجلسة 4 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، للاطلاع على تقرير هيئة مفوضي الدولة والذي انتهى إلى تأييد صحة العقد الجديد لبيع الأرض، مشيرا إلى أن ظروف إبرام التعاقد والبنود القانونية التي تضمنها العقد تتفق وصحيح حكم القانون.

وكانت أرض «مدينتي» التي حصلت عليها مجموعة طلعت مصطفى القابضة هي بداية فتح ملف مخالفات تخصيص الأراضي، يليها أراضي شركة «بالم هيلز» التابعة لوزير الإسكان السابق المحبوس حاليا على ذمة قضايا استيلاء على أراضي الدولة.

وارتفع سهم مجموعة طلعت مصطفى في البورصة المصرية أمس بعد الإعلان عن تقرير هيئة مفوضي الدولة، وأغلق عند 5.15 جنيه مرتفعا بنسبة 2.18%، وذلك وسط تراجع مؤشر البورصة الرئيسي (EGX30) بنسبة 0.93%.