المحامي الأميركي فايس: أحتال على الناس وأنتهي ضحية على أقدام مادوف

يسعى لمزاولة مهنة الوساطة المالية بعد أن فقد رخصة المحاماة

TT

التقى عشرات من كبار محاميي الشركات في الدولة في مؤتمر عقد هنا الأسبوع الماضي لمناقشة مستقبل الدعاوى القضائية الخاصة بالأوراق المالية. وفي الأعوام الماضية، كان من الممكن أن يلعب المحامي ميلفين فايس دورا محوريا في الجدال الدائر. غير أنه في الوقت الذي كان يناقش فيه المحامون الإصلاحات التي يمكن إدخالها على بورصة «وول ستريت» وآخر حكم أصدرته المحكمة العليا، جلس فايس مع مجموعة من الأعضاء بالجزء الخلفي من القاعة وأخذ يتحدث عن الفترة التي قضاها في السجن. وحينما دعته رئيسة الجلسة قائلة «المحامي فايس»، عاجلها بالتصحيح، حيث قال، محاولا رسم ابتسامة مثيرة للعاطفة على وجهه: «المحامي السابق فايس». لقد فقد فايس تصريح مزاولة مهنة المحاماة، حينما تمت إدانته في عام 2008 بتهمة دفع رشى غير قانونية لعملائه. وأمضى عاما في السجن وأربعة أشهر أخرى في منزل انتقالي مؤقت، وهو الآن تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات. وعلى الرغم من شطبه من جدول المحامين، فإنه يرغب في العودة مجددا إلى العمل في المجال القانوني. فقد أرسل خطابات في الأسابيع الأخيرة إلى نحو 200 من زملائه السابقين سعيا للبحث عن عمل كوسيط. وكتب فايس، (75 عاما)، في رأسية خطاب مرسل من شركته الجديدة، وهي شركة «إم آي دبليو» للوساطة والاستشارات: «مع كل الظروف الصعبة التي مررت بها في حياتي، إلا أنني سعيد بأن أعلن أن صحتي الجسدية والنفسية في أفضل حال وبأنني متحمس للعمل بكفاءة كعهدي دائما». ومشيرا إلى خبرته كوسيط معين من قبل المحكمة وكممارس للمحاماة منذ عقود، كتب فايس: «المحصلة النهائية هي أنني مستعد للقيام بأعمال الوساطة أو الفصل في النزاعات المهمة». لقد أمضى فايس مسيرة حياته المهنية وسط نزاعات مهمة. فقد أحدث هو وزملاؤه بمكتب «ميلبرغ فايس بيرشاد هاينز آند ليراتش» للمحاماة، ثورة في مجال الدعاوى القضائية الجماعية المقدمة من مساهمين، إذ أعدوا ملفات دعاوى ضد شركات يتهمونها فيها بارتكاب جرائم احتيال وغيرها من الجرائم الأخرى. وقامت غالبية تلك الشركات بالتسوية بدلا من تحمل تكاليف التقاضي الباهظة، الأمر الذي حقق لمكتب المحاماة أرباحا طائلة تقدر بمئات الملايين من الدولارات ممثلة في صورة رسوم قانونية. وكانت الأساليب العنيفة التي ينتهجها المكتب سببا في جعله بعبعا بالنسبة للشركات في أميركا. فقد أشارت الشركات إلى الدعاوى القضائية لمكتب «ميلبرغ فايس»، بوصفها شكلا قانونيا من أشكال الابتزاز. وقام الكونغرس بتمرير قانون في عام 1995 يستهدف ممارسات هذا المكتب بالأساس. وفي عام 2006، أدين مكتب المحاماة «ميلبرغ فايس» بتهم من بينها دفع ملايين الدولارات بشكل سري للعملاء في صورة رشى غير قانونية للعمل كمدعين في نحو 180 قضية على مدار 25 عاما. وتم حبس فايس وثلاثة من شركائه. وقام مكتبه السابق، المعروف الآن باسم «ميلبرغ»، بدفع 75 مليون دولار لتسوية الدعاوى. ولم تقم أي جهة بالتعاقد مع فايس كوسيط حتى الآن، وأوضح أنه يدرك حقيقة أن ممارساته السيئة في الماضي تشكل صعوبة تعرقل عمله في الوقت الحاضر. غير أنه جاد بشأن خوض غمار المخاطرة – ففي الصيف الماضي، أخذ دورة تدريبية في التحكيم لمدة أسبوع بكلية الحقوق بجامعة بيبردين. والسؤال هو: هل يمكن أن يعمل محام تم شطب اسمه من جدول المحامين وسيطا؟ يشير معظم الخبراء القانونيين إلى أنه لا توجد مشكلة في قيام فايس بمثل هذا الدور؛ ففي المقام الأول، يمكن لغير المحامين العمل كوسطاء. فقد عمل سول وتشتلر، القاضي السابق بولاية نيويورك الذي تم سحب ترخيص مزاولة مهنة المحاماة منه في عام 1993 بعد إدانته بجريمة تحرش جنسي، كوسيط قبل أن يعاد إدراج اسمه ضمن هيئة المحامين منذ بضعة أعوام. إلا أن بروس غرين، أستاذ الأخلاقيات القانونية بجامعة فوردهام، يشير إلى اعتقاده بأن فايس يمكن في هذه الحالة أن يعتبر مخالفا لأمر شطب اسمه من جدول المحامين. وقال غرين: «لست على ثقة كبيرة بما إذا كان مسموحا لمحام تم شطب اسمه من جدول المحامين بالعمل كوسيط والاعتماد بشكل معلن على خبرته القانونية السابقة أم لا، مثلما يفعل فايس».

إن فايس، المولود في حي برونكس وابن لمحاسب، لن يزاول مهنة الوساطة سعيا وراء المال. ففي خلال الفترة من 1983 إلى 2005، بلغ إجمالي نصيب فايس من أرباح شركته نحو 210 ملايين دولار، وفقا لسجلات المحكمة (كجزء من العقوبة المفروضة عليه، دفع غرامة قيمتها 10 ملايين دولار)، وهو يمضي بعض الوقت في بيت كبير فخم مطل على واجهة مائية في أويستر باي في ولاية نيويورك، والبعض الآخر في شقة فخمة في مدينة بوكا راتون بولاية فلوريدا. غير أن شبح أزمات مالية ضخمة يبدو أنه يلوح في الأفق. فأثناء فترة سجنه، تنامى إلى علم فايس أنه خسر جزءا كبيرا من مدخراته في عملية النصب الضخمة التي قام بها برنارد مادوف والتي عرفت باسم «نظام بونزي». وفي ذلك الحين، قام وكيل تفليسة مادوف بمقاضاة فايس وأسرته وشريك سابق له في مكتب المحاماة، موجها لهم اتهامات بكسب مبلغ 20.4 مليون دولار في صورة أرباح زائفة من عملية الاحتيال، التي يجب إعادتها إلى ضحايا عملية الاحتيال. ورفض فايس التعليق على الدعوى.

إلى جانب ذلك، فهو متضرر أيضا من حكم صدر ضد مكتب المحاماة السابق الذي كان يعمل به، والذي يرغب في أن يدفع له فايس تعويضا عن عشرات الملايين من الدولارات التي أهدرت في صورة رسوم قانونية أنفقها المكتب في الدفاع عن نفسه. وفي أثناء حديثه، لم يخاطب فايس تلك المشكلات الشخصية. لكنه ركز على المشكلات التي يواجهها رفاقه في السجن. وقال فايس، مخاطبا الحضور الذين امتلأت بهم غرفة اجتماع جمعية الدستور الأميركية: «النصيحة التي أتلقاها من معظم أصدقائي تتمثل في تساؤلهم عن سبب استمراري في التفكير في الجانب الجنائي من حياتي».

* خدمة «نيويورك تايمز»