شركة الإنترنت التي قد ترفع «أبقارها الافتراضية» قيمتها إلى 20 مليار دولار

«زينغا» تأمل جمع مليار دولار عبر طرح 10% من أسهمها

مارك بينكوس، مؤسس والرئيس التنفيذي لـ«زينغا» (نيويورك تايمز)
TT

بتحقيقها أرباحا حقيقية وبمخزونها الذي لا ينفد من الأبقار الافتراضية، تقدمت شركة «زينغا» بمستنداتها أول من أمس الجمعة لطرح أسهمها للاكتتاب العام في البورصة فيما يتوقع أن يكون أحد أكبر الاكتتابات العامة في الأسهم على شبكة الإنترنت، وهي الشركة التي يرتبط مصيرها بدرجة كبيرة بمصير موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

وذكرت شركة «زينغا»، شركة الألعاب الإلكترونية التي تزود موقع «فيس بوك» بلعبتي «فارم فيل» و«سيتي فيل» الشهيرتين يوم الجمعة أنها تتوقع جمع مبلغ قيمته نحو مليار دولار في اكتتاب عام أولي على أسهمها، وهو رقم كثيرا ما استخدم في حساب رسوم التسجيل. لكن طموحات «زينغا» ربما تكون أعلى من ذلك بكثير. فمن المتوقع أن تطرح الشركة نسبة 10% من أسهمها بقيمة تقترب من 20 مليار دولار أو تزيد عنه، مثلما أشارت مصادر مطلعة على الموضوع.

وبالنسبة لبعض شركات الإنترنت الناشئة الكبرى، هناك شعور متنام بضرورة استغلال زيادة الاهتمام من جانب المستثمرين بأسهم الإنترنت الجديدة – مثلما تجسد في طرح شركة «لينكد إن»، شبكة التواصل الاجتماعي المهني، أسهمها للاكتتاب العام في مايو (أيار).

كما قدمت شركة «غروبون»، موقع الصفقات اليومية العملاق، الشهر الماضي مستنداتها لطرح أسهمهما للاكتتاب العام. ويقال إن منافستها «ليفينغ سوشيال» تتحدث مع مصرفيين عن رغبتها في طرح أسهمها للاكتتاب العام. ويتوقع أن يطرح موقع «فيس بوك»، أشهر المواقع على الإنترنت، اكتتابا عاما في أسهمه هذا العام بقيمة تزيد عن 100 مليار دولار، وفقا لمصدرين مطلعين على الموضوع.

وربما نجد بعض الإشارات إلى نموذج عمل «فيس بوك» في أداء «زينغا». فبوصفها أكبر مزود للألعاب على شبكة الإنترنت، تستحوذ «زينغا» على العدد الأكبر من الزيارات لصفحة «فيس بوك» والأهم من ذلك، عمليات بيع العناصر الافتراضية.

وتبرز مستندات «زينغا» كيف أن شركة تعتمد على السلع الافتراضية، مثل الماشية المتحركة والفيللات الافتراضية، يمكن أن تحقق أرباحا ضخمة. إن الشركة تقدم ألعابها مجانا، ولكنها تجني الكم الأكبر من دخلها من خلال نسبة ضئيلة من المستخدمين الذين ينفقون أموالهم على شراء السلع الافتراضية لتعزيز مركزهم في الألعاب. وتحقق لها الإعلانات على الإنترنت عائدات ضخمة.

وتجذب ألعابها التي تظهر بألوان زاهية ورسوم متحركة خلابة، والتي يتم تشغيل معظمها من خلال موقع «فيس بوك»، 148 زائرا كل شهر من 166 دولة.

ورغم أن «زينغا» بدأت بلعبة بوكر في عام 2007، فإنها باتت مشهورة بتنظيم ألعاب افتراضية تجذب قاعدة ضخمة من المستخدمين. ويشجع كثير من أبرز عروضها اللاعبين على بناء عوالمهم الافتراضية ومشاركتها مع أصدقائهم. واعتمادها على «فيس بوك» ليس بمصادفة.

ففي وقت مبكر من تاريخ «زينغا»، ركز مارك بينكوس، مؤسس الشركة البالغ من العمر 45 عاما ورئيسها التنفيذي، على «فيس بوك» وسرعان ما أدرك كيفية الاستفادة من هذا المنبر ووظائفه في رفع مستوى الطبيعة الانتشارية للألعاب التي تقدمها «زينغا».

قال لو كيرنر، محلل في شركة «ويدباش» للاستثمارات والأسهم الخاصة: «رأى مارك أن هذا كان من الممكن أن يصبح نوعا من الاستحواذ. أما الآن، فيمكنك تسويق ألعابك الجديدة على هذه القاعدة العملاقة، الأمر الذي يمنحها ميزة تسويقية ضخمة».

وقد بات النموذج آلية نقدية قوية. ففي الوقت الذي لا يدفع فيه كثير من اللاعبين أي أموال، تقوم «زينغا» بترويج نحو 38000 عنصر افتراضي كل ثانية. وقد حققت الشركة أرباحا بلغت 90.6 مليون دولار العام الماضي. في الوقت نفسه، زاد دخلها 4 أضعاف ليصل إلى 597.5 مليون دولار. وفي نهاية مارس (آذار)، كان لدى «زينغا» سيولة نقدية قدرها 995.6 مليون دولار.

وفي الوقت الذي يوجد فيه منافسون لشركة «زينغا» في مجال الألعاب الإلكترونية على شبكة الإنترنت، بما فيهم شركات قوية مثل «إلكترونيك آرتس»، إلا أنه حتى الآن، لم يتمكن أي منافس من زعزعة سيطرتها على موقع «فيس بوك». فمن بيع أشهر 5 ألعاب على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، تعتبر 4 منها ملكا لشركة «زينغا». وتعتبر لعبة «سيتي فيل» اللعبة الأكثر شهرة، بإجمالي عدد مستخدمين نشطين يبلغ 88 مليون مستخدم. أما اللعبة التي تأتي في المرتبة الثانية، فهي لعبة «إمبايرز أند ألايز»، والتي يزيد عدد مستخدميها عن 45 مليون مستخدم نشط شهريا ولم تظهر إلا منذ شهر مضى فقط. إلا أن نجاحها على موقع «فيس بوك» يؤكد على حقيقة كونها معرضة لتهديدات.

ففي الوقت الذي حققت فيه شركة «زينغا» ازدهارا كبيرا، إلا أن اعتمادها على موقع «فيس بوك» يشكل أحد أكبر التهديدات بالنسبة للشركة المصنعة للألعاب. إن الجزء الأكبر من دخل «زينغا» يأتي من «فيس بوك». وفي قسم عوامل الخطر في مستنداتها المقدمة لطرح اكتتاب عام في أسهمها، تحذر «زينغا» المستثمرين من أنه «إذا لم نكن قادرين على الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع (فيس بوك)، فسيتأثر عملنا بشكل واضح».

في بعض الأحيان، تأثرت هذه العلاقة بالجدل الدائر حول نظام عملة الـ«فيس بوك» الافتراضية والتغييرات في نظام الإخطار الخاص بالموقع. وقد احتدمت الخلافات العام الماضي حول نظام عملة الـ«فيس بوك» الافتراضية، التي تقتطع فعليا «ضريبة» نسبتها 30% من قيمة مشتريات السلع الافتراضية، غير أن الشركتين توصلتا إلى اتفاق مدته 5 سنوات في مايو يقوم على عدم الإخلال بالعلاقة القائمة بينهما. (تجدر الإشارة إلى أن دخل الشركة يكون صافيا بعد خصم ضريبة «فيس بوك») قال كيرنر من شركة «ويدباش» للاستثمارات والأسهم الخاصة: «أعتقد أن ذلك هو الخطر الرئيسي في الأمر». وأضاف: «إن هذه الشركة تعتمد على هوى (فيس بوك)، لكن الأمر يكمن بالطبع في اهتمام (فيس بوك) بامتلاك نظام ألعاب حيوي». خلال العام الماضي، أظهرت شركة «زينغا» للأسواق أنها تحاول أن تصبح أكثر استقلالية. فقد وقعت الشركة علاقات شراكة مع بوابات إلكترونية أخرى مثل «ياهوو» وكرست المزيد من مواردها للألعاب على الهواتف الجوالة.

ووفقا للمستندات المقدمة من الشركة، ستخصص عائدات عرض الاكتتاب بالأساس لنفقات عامة، من بينها تطوير الألعاب والتسويق. وفي خطاب لأحد المستثمرين، أوضح بينكوس أنه خطط للاستمرار في القيام باستثمارات ضخمة «في الخوادم ومراكز البيانات وغيرها من أشكال البنية التحتية التكنولوجية الأخرى». وفي إشارة إلى أن «زينغا» ستستمر في عمليات الاستحواذ – أجرت الشركة أكثر من 12 صفقة استحواذ في العام الماضي – قال بينكوس إنه خطط «لتمويل أفضل الفرق حول العالم لتصميم مجموعة ألعاب اجتماعية ومرحة تكون متاحة على الإنترنت».

وسيزداد التمويل مع زيادة النفقات. ومع توسع «زينغا» على نحو يتجاوز «فيس بوك» وسعيها لمواكبة التطور الطبيعي للألعاب الاجتماعية – التي تزداد درجة تعقيدها، مع تغير أذواق المستخدمين – ستكون الشركة مجبرة على إنفاق المزيد من الأموال على عمليات التطوير، بحسب محللين.

خلال العام الماضي، استعانت الشركة، الكائنة في سان فرانسيسكو، بآلاف المطورين، ولديها الآن فريق عمل يزيد عدد أفراده عن 2000 شخص. ووفقا لمستندات الشركة، زادت نفقاتها على البحث والتطوير 3 أضعاف لتصل إلى 149.5 مليون دولار العام الماضي.

وبطرح «زينغا» أسهمها للاكتتاب العام، يتوقع أن تتضخم ثروات كبار مسؤوليها التنفيذيين ومستثمري رأسمالها المغامر. وسيحتفظ بينكوس، الذي تقدر قيمة أسهمه بمليارات الدولارات وتمثل أكبر حصة تصويت، بسيطرة قوية على الشركة التي أسسها.

وفي مستنداتها، أبرزت «زينغا» هيكل أسهم من 3 فئات يحابي حقوق تصويت بينكوس. وسيتلقى المساهمون المشاركون في الاكتتاب أسهما من الفئة A، بصوت واحد لكل سهم. في الوقت نفسه، سيحمل مالكو «زينغا» الحاليون، حاملو الأسهم من فئتي «B» و«C»، أسهما تتمتع بعدة حقوق تصويت للسهم الواحد. وسيشهد بينكوس، الذي يمتلك كل الأسهم من فئة «C»، زيادة في حق تصويته بمرور الوقت، مع بيع مالكي الأسهم من فئة «B» أسهمهم، وذلك وفقا لما أدلى به شخصان مقربان من الشركة ومطلعان على الموضوع.

وكشفت مستندات الشركة أيضا عن أن بينكوس، الذي باع أسهما بلغت قيمتها نحو 110 ملايين دولار بداية هذا العام، ما زال يملك 91 مليون سهم من أسهم «زينغا» فئة «B» أو 16% من الأسهم من تلك الفئة. ويعتبر كلينر بيركنز ثاني أكبر مساهم، حيث يمتلك 11% من الأسهم فئة C، وتمتلك 5 شركات رأسمال مغامر أخرى أسهما نسبتها 5% على الأقل. وأظهرت المستندات أن موظفي ومديري «زينغا» يملكون 33.6% من أسهم الشركة من فئة «B». وليس من المعروف عدد أسهم تلك الفئة التي ستباع في عرض الاكتتاب.

وكشفت المستندات أيضا عن التعويض الذي سيحصل عليه المسؤولون التنفيذيون، بالإضافة إلى مبلغ إضافي. تلقى ريغينالد ديفيز، نائب رئيس الشركة وأحد كبار مستشاريها، 615000 دولار في صورة مكافآت ورحلة مدفوعة الأجر إلى حفل خارج المدينة، وهي الامتيازات التي بررت الشركة منحها لديفيز بأنه «تقدير لإخلاصه وللساعات الطويلة التي قضاها في العمل في عامي 2009 و2010».

* خدمة «نيويورك تايمز»

* ساهم في إعداد التقرير كيفين روس ومايكل دي لا ميرسيد