ديون اليورو تغرق الأسواق.. واللون الأحمر يظلل شاشات التداول

المستثمرون يهربون من اليورو إلى الفرنك.. والذهب يحلق فوق 1550 دولارا

انخفضت السوق الصينية للأسهم متأثرة بالأنباء السلبية من أنحاء أوروبا (أ.ب)
TT

ظلل اللون الأحمر شاشات التداول في البورصات العالمية أمس وتراجعت جميع الأسهم دون استثناء في أوروبا وأميركا، فيما هرع المستثمرون بحثا عن غطاء لشراء الذهب والفرنك السويسري بعد أن تراجع اليورو، ولكن ارتفع الذهب إلى أعلى مستوياته ليصل إلى 1554 دولارا للأوقية (الأونصة) قبيل الإغلاق وسط توقعات بأن يكسر حاجز المقاومة 1560 دولارا للأوقية.

وفي لندن ارتفع الذهب المقوم باليورو أمس إلى مستويات قياسية لليوم الثاني على التوالي بعدما أخفقت تعهدات مسؤولي الاتحاد الأوروبي بشأن التعامل مع أزمة الديون في إخماد مخاوف المستثمرين بشأن امتداد الأزمة إلى دول أخرى في منطقة اليورو. وبسبب صعود الدولار تراجع سعر الذهب بالعملة الأميركية بينما ارتفع الذهب المقوم بالجنيه الإسترليني والدولار الإسترليني والراند الجنوب أفريقي وعملات أخرى ذات عائد مرتفع. وتعهد وزراء مالية منطقة اليورو أمس الاثنين بقروض أرخص وآجال استحقاق أطول ومزيد من المرونة في صندوق الإنقاذ الأوروبي لمساعدة اليونان وغيرها من الدول الأوروبية المثقلة بالديون في محاولة لمنع امتداد الأزمة إلى إيطاليا وإسبانيا.

وأقبل المستثمرون على بيع أسهم وسندات دول منطقة اليورو الأعلى مديونية مثل اليونان والبرتغال إلى جانب إيطاليا وإسبانيا مما جعل عوائد هذه السندات تقفز مقارنة بنظيراتها الألمانية القياسية وأثر سلبا على أسواق الأسهم. وتراجع سعر الذهب في التعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 1554.71 دولار للأوقية «الأونصة» بحلول الساعة 0950 بتوقيت غرينتش بعدما ارتفع في كل من الجلسات الست السابقة. وارتفع الذهب المسعر باليورو 0.3 في المائة الى1110.30 يورو للأوقية بعدما سجل مستوى قياسيا عند 1118.58 يورو في وقت سابق وهو في طريقه لتسجيل ثالث زيادة يومية على التوالي. وتراجعت عقود الذهب الأميركية 0.2 في المائة إلى 1546.8 دولار للأوقية. وانخفض سعر الفضة أكثر من 1.5 في المائة ليصل إلى 35.08 دولار للأوقية. وتراجع البلاتين 0.2 في المائة إلى 1713.85 دولار للأوقية كما هبط البلاديوم 1.4 في المائة إلى 753.23 دولار. وفي سوق السلع بلندن تراجع النفط بشدة أمس بسبب مخاوف من فشل الساسة في الحيلولة دون امتداد أزمة الديون الأوروبية إلى إيطاليا وإسبانيا وهو ما عزز المخاوف بشأن توقعات الاقتصاد العالمي. وكان وزراء من الدول السبع عشرة التي تشترك في العملة الأوروبية تعهدوا يوم الاثنين بحماية استقرار منطقة اليورو ووعدوا باتخاذ إجراءات جديدة «قريبا» لكنهم لم يحددوا مهلة لذلك بعد يوم آخر من الفوضى في أسواق المال. وتراجع مزيج برنت 1.95 دولار إلى 115.29 دولار للبرميل بحلول الساعة 11.5 بتوقيت غرينتش بينما انخفض الخام الأميركي الخفيف في العقود الآجلة تسليم أغسطس (آب) 1.10 دولار إلى 94.19 دولار للبرميل. وهبط العقدان أكثر من دولار يوم الاثنين. والخام الأميركي في طريقه لتسجيل أدنى إغلاق خلال أسبوعين. وقال هاري تشيلينجوريان رئيس استراتيجية أسواق السلع في «بي إن بي باريبا»: «نزل اليورو أمام الدولار، ويبدو أن مشكلات الديون الأوروبية تدفع جميع الأصول التي تنطوي على مخاطر للانخفاض، وقد تأثرت أسعار النفط بذلك». وتأثرت المعنويات في سوق النفط خلال الجلستين الماضيتين أيضا ببيانات مخيبة للآمال للوظائف في أميركا وهبوط واردات النفط الخام الصينية. وفي سوق الصرف، هبط اليورو لأقل مستوى على الإطلاق مقابل الفرنك السويسري أمس إثر صعود حاد لعائدات سندات حكومات منطقة اليورو بسبب تنامي المخاوف بشأن أزمة الدين في المنطقة، مما دفع المستثمرين لبيع العملة الموحدة وشراء عملات أكثر أمانا. وهبط اليورو واحدا في المائة خلال اليوم إلى 1.1550 فرنك سويسري في المعاملات الإلكترونية. ومقابل الدولار، سجلت العملة الموحدة أقل مستوى في أربعة أشهر عند 1.3837 دولار. ودعم الإقبال الكبير على بيع اليورو كلا من الدولار والفرنك والين، وهي تعتبر ملاذات آمنة، بينما تضررت العملات مرتفعة العائد ومن بينها الدولار الأسترالي والنيوزيلندي. وتراجعت الثقة في قدرة الاتحاد الأوروبي على الحيلولة دون امتداد مشكلة الدين في اليونان وآيرلندا والبرتغال إلى إسبانيا وإيطاليا، حيث ارتفعت عائدات السندات في الجلسات الأخيرة. ويقول كثيرون في السوق إن الاتجاه النزولي لليورو هذا الأسبوع يمثل نقطة تحول في سوق العملة حيث أقر المستثمرون بأن العملات الأقوى لا تتمتع بحصانة ضد المشكلات المالية للمنطقة. وتوقع محللون أن يستمر تراجع اليورو مع ارتفاع العائدات. وبحلول الساعة 09.17 بتوقيت غرينتش بلغ اليورو 1.3930 دولار.

وساعد بيع العملات التي تنطوي على مخاطرة على صعود الدولار نحو واحد في المائة مقابل سلة من العملات إلى 76.719 وهو أعلى مستوى في أربعة أشهر. وارتفع الفرنك السويسري والين، وتحوم العملة السويسرية حول أعلى مستوياتها مقابل الجنيه الإسترليني بينما دفعت قوة الين بصفة عامة الدولار للنزول واحدا في المائة إلى 79.17 ين، وهو أقل مستوى منذ منتصف مارس (آذار) الماضي.

وفي إطار الاستعداد ليوم من التعاملات المضطربة، تعرضت الأسهم الأوروبية أيضا لضربة من عملية بيع حادة في بورصات آسيوية وكذلك في أسواق السندات للدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو المؤلفة من 17 دولة. وقادت الأسهم في بورصة ميلانو مرة أخرى اتجاه الهبوط في الأسهم في أنحاء أوروبا مع تراجع البورصة الرئيسية في إيطاليا بنسبة 3.73% في بداية التعاملات. وانخفضت الأسهم في بورصة مدريد بنسبة 2.47%. وكانت أسهم البنوك الأكثر تضررا لتتسبب بالتالي في هبوط مؤشر «يوروستوكس50» بنسبة 2.66%، ليصل إلى 2637.20 نقطة. وينصب تركيز المستثمرين الآن على الخطوات التي ستتخذها إيطاليا واليونان لعرض جولات جديدة من سندات الحكومة في الأسواق. ومما عزز مشاعر الغموض في الأسواق صراع البيت الأبيض من أجل التوصل لاتفاق مع الكونغرس الأميركي بشأن رفع الحد الأقصى للاستدانة وكفاح الصين للحد من ارتفاع التضخم.