مسؤول سعودي لـ «الشرق الأوسط»: لا صحة لإستهلاك 1.2 مليون برميل يوميا لتوليد الكهرباء

خبير نفطي: معلومات وكالة الطاقة الدولية مبالغ فيها وتسعى للضغط على دول «أوبك» لرفع إنتاجها

TT

خالف مسؤول سعودي رفيع ما ذهب إليه تقرير دولي بأن زيادة استهلاك بلاده من الكهرباء خلال فصل الصيف يمكن أن تقود لزيادة استهلاك 1.2 مليون برميل نفط في أكثر الأيام سخونة لتوليد الكهرباء، واصفا ما أورده تقرير وكالة الطاقة الدولية أمس من معلومات بغير الدقيق، بعد أن قالت الوكالة إن السعودية في سبيلها لاستهلاك 600 ألف برميل من خامها في المتوسط خلال صيف هذا العام لإنتاج الكهرباء. وأكد عبد الله الشهري، محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية، لـ«الشرق الأوسط» أن 50 في المائة من الطاقة الكهربائية في السعودية يتم إنتاجها من الغاز، مبينا أن إنتاج وتوليد الكهرباء يدخل فيه الغاز والزيت الثقيل والديزل ومشتقات بترولية أخرى، معتبرا الرقم 1.2 مليون برميل نفط لإنتاج الكهرباء رقما كبيرا، مستبعدا في الوقت ذاته الوصول إلى هذا الرقم مهما كانت حاجة الكهرباء ملحة خلال العام الحالي.

من جهته، اعتبر الدكتور راشد أبانمي، الخبير النفطي السعودي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، المعلومات التي تضمنها تقرير وكالة الطاقة الدولية بالمغلوطة والمبالغ فيها للضغط على الدول المنتجة ومنظمة أوبك لرفع سقف إنتاجها من النفط الخام، مستبعدا بأي حال من الأحوال أن تصل السعودية إلى استهلاك 1.2 مليون برميل لإنتاج الكهرباء، حيث تدخل في صناعة الكهرباء في السعودية مواد ومشتقات أخرى، من أهمها الغاز الذي يشكل نسبة عالية لتوليد الطاقة الكهربائية.

وأوضح أبانمي أن صانعي القرار في السعودية يحرصون على استخدام الغاز المصاحب الذي يحرق عند إنتاج البترول في حقول السفانية والخفجي وغيرها، بدلا من الزيت الخام الذي تعد تكلفته عالية، مشيرا إلى إمكانية أن تكون معلومات وكالة الطاقة الدولية مبنية على تخمينات مبالغ فيها للضغط على الدولة المنتجة لرفع إنتاجها، لا سيما أن التقرير توقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط إلى 91 مليون برميل يوميا، وهو ما يعد مبالغا فيه أيضا بحسب أبانمي.

وبحسب وكالة «رويترز»، فقد قالت وكالة الطاقة الدولية أمس إن زيادة الاعتماد في السعودية على استخدام النفط الخام في توليد الكهرباء ربما يحد من صادراتها من الخام، إذ ينتظر أن يرتفع استهلاك السعودية المباشر من النفط لمستويات قياسية هذا العام.

وتوقعت الوكالة أن يرتفع الطلب العالمي على النفط إلى 91 مليون برميل يوميا، متجاوزة توقعات «أوبك» التي جاءت أكثر تحفظا. وذكرت الوكالة التي تقدم النصح لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، أن أكبر دولة مصدرة للخام في العالم «السعودية» في سبيلها لاستهلاك 600 ألف برميل من خامها في المتوسط في عام 2011، مما يقلص صادرات السعودية رغم وعود في يونيو (حزيران) بزيادة الإنتاج.

وذكر تقرير الوكالة الذي نشرته «رويترز» أمس، أن ذلك منفذ ملائم لمنتجي النفط الكبار الحريصين على الحفاظ على الإنتاج في فترات ضعف الطلب العالمي كما حدث إبان الكساد الكبير الأخير في 2009. وأضاف التقرير «رغم الانتعاش الاقتصادي فإن الاستهلاك المباشر للخام في السعودية سيرتفع باطراد وفي سبيله لبلوغ مستويات تاريخية جديدة في 2011، ويحتمل أن يكبح صادرات السعودية في المستقبل رغم زيادة الإنتاج».

وكان وزير البترول السعودي على النعيمي قد أعلن أن السعودية ستلبي احتياجات السوق من الخام عقب انهيار محادثات «أوبك» بشأن الإنتاج في أوائل يونيو، ويعتقد أن الإنتاج ارتفع من 9.8 مليون برميل يوميا إلى نحو 10 ملايين برميل يوميا في يوليو (تموز).

وأورد تقرير وكالة الطاقة الدولية أن محللين يقولون إن معظم زيادة الإنتاج سيستهلكها تنامي الطلب على أجهزة التكييف في الصيف، ويمكن أن يقود ذلك لزيادة استهلاك محطات الكهرباء السعودية إلى 1.2 مليون برميل في أكثر الأيام سخونة ليقل كثيرا الخام الإضافي المتاح لبقية دول العالم.

وذكرت الوكالة أمس «سيكون للتوجه الجديد إلى استهلاك النفط الخام مباشرة تأثير على موسمية الطلب العالمي». وزادت الفجوة بين ذروة الطلب المباشر على الخام في السعودية وأدنى مستوياته من نحو 180 ألف برميل يوميا في الفترة من عام 2002 – 2008، إلى نحو 660 ألف برميل منذ عام 2009.

وقال التقرير إنه بناء على الأرقام القليلة المتاحة عن الإنتاج والتصدير والتكرير في السعودية عن طريق مبادرة بيانات النفط المشتركة، تقدر الوكالة أن السعودية استهلكت أقل من 200 ألف برميل يوميا في المتوسط في معظم فترات العقد الأول من الألفية الثالثة، لكنها استهلكت أكثر من 450 ألف برميل يوميا حين تراجع الطلب على النفط في عام 2009. وبالعودة لعبد الله الشهري، محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية، فقد أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن إنتاج الكهرباء يزيد في الصيف كثيرا لاستهلاك التكييف بكثرة والذي يمثل 72 في المائة من استهلاك المباني السكنية والتجارية والحكومية للكهرباء في البلاد خلال فترة الصيف. وقال الشهري إنه وتطبيقا للقرار السامي بإلزامية العزل الحراري في المباني، فقد تم خفض الاستهلاك إلى نحو 30 في المائة، مشيرا إلى أن رفع كفاءة أجهزة التكييف سيوفر نحو 25 في المائة من الاستهلاك، ونتيجة لذلك ستنخفض كمية الوقود المستخدمة لإنتاج الكهرباء.