مسؤول حكومي لـ «الشرق الأوسط»: «الريال» اليمني معرض إلى مزيد من الانهيار

في ظل استمرار الأزمة السياسية والأمنية في البلاد

أحد مكاتب الصرافة في اليمن («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مصدر يمني مسؤول أن العملة النقدية لبلاده تسير في الاتجاه الهابط، وذلك إثر تعرضها للكثير من الانهيارات، مرجحا تعرض الـريال اليمني إلى المزيد من الانحدار، في ظل الأزمة السياسية الراهنة.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور طه الفسيل، مستشار وزارة الصناعة والتجارة اليمنية ومسؤول قطاع الأعمال في الوزارة، بأن المعطيات الراهنة تشير إلى أن العملة المتداولة في صنعاء لن تحافظ على ثبات سعرها المتدني أساسا، وذك نتيجة اعتبارات، منها من العوامل السياسية والاقتصادية والأزمات المتتالية التي مرت على تاريخ اليمن.

وذهب الفسيل، الذي يعمل أيضا محاضرا في قسم الاقتصاد لدى جامعة صنعاء، إلى أنه لن يتم تعزيز قيمة العملة اليمنية إلا بتقوية الاقتصاد اليمني، والاستقرار السياسي والتنمية المستدامة، إضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأفاد بأن اليمن في عهد الإمامة لم يكن له أي عملة وطنية، بينما اتخذ من العملة النمساوية (ماريا تريسا)، العملة الرسمية للدولة، التي أطلق عليها اسم الريال اليمني، وهذه العملة كانت تزن 28 غراما من الفضة الخالصة، وتم إصدارها عام 1870م، وكانت تحمل صورة الإمبراطورة ماريا تريزا، والثلاثة ريالات منها كانت تعادل جنيها إسترلينيا ذهبيا واحدا.

وبين أنه في عام 1926 أصدر الإمام يحيى بن حميد الدين ريالا فضيا سماه العملة «الامادية»، تعادل (الماري تريسا)، وكان الريال الامادي يقسم إلى 40 بقشة، إضافة إلى قطع نقدية كعملة مساعدة، من فئة البقشة الواحدة والنصف البقشة، مصنوعة من الفضة والنحاس الخالصة، مبينا أن اليمن تداول الريالات الفضية السعودية، وتم افتتاح فروع للبنك الأهلي التجاري السعودي في عام 1956، في الحديدة وتعز وصنعاء، الذي كان يعتبر البنك الوحيد الذي استمر بعد أن أغلق البنك الفرنسي.

وعاد الفسيل بالذاكرة إلى عام 1963، الذي تم فيه إصدار الريال الفضي الجمهوري، والذي كان يعادل الريال الفضي الفرنسي (الماري تريسا)، وأول إصدار للريال الورقي اليمني كان في مطلع 1964، عزا ذلك إلى تهريب كميات كبيرة من الفضة، إضافة إلى أن نظام النقد الحديث، يقوم على الريال الورقي، وليس على الريال الفضي، وأصدرت تعليمات وقرارات جمهورية بسحب الريال الفرنسي الفضي من التداول بحيث يحل محله الريالات الورقية والمعدنية في التعامل.

وأكد استمرار انخفاض قيمة الريال اليمني أمام الجنيه الإسترليني إلى أن وصل في نهاية عام 1968 إلى عشرة ريالات مقابل الجنية الإسترليني الواحد، مرجعا الانخفاض في القيمة لعدة أسباب سياسية واقتصادية منها انغلاق اليمن، والإنفاق الكبير الذي أنفق على القوات المصرية، إضافة إلى طبع الريال اليمني من دون غطاء ذهبي.

وأنشئ البنك المركزي اليمني في عام 1971، وتم ربط الريال اليمني بالدولار، على أساس أن يعادل الريال اليمني 20 سنتا، بمعنى أن الدولار الواحد يعادل خمسة ريالات يمنية، وفي فبراير (شباط) 1975، أصبح الدولار الأميركي يعادل 4.5 ريال يمني، واستمر محافظا على سعره من عام 1973، وحتى عام 1985، ونتيجة للمشكلات السياسية استمر انخفاض قيمة الريال اليمني إلى أن وصل في عام 1990 إلى 14 ريالا يمنيا مقابل الدولار.

وبين مستشار وزارة الصناعة والتجارة اليمنية ومسؤول قطاع الأعمال في الوزارة أن قيمة الريال اليمني أخذت في الانهيار أمام الدولار، حتى وصلت في الوقت الحالي إلى 240 ريالا يمنيا مقابل الدولار الواحد.

والمعروف أن الفئة الغالبة المتداولة حاليا في اليمن هي فئة 100 ريال يمني مرجعا ذلك للتضخم، وفئة ال500 ريال، لافتا إلى أنه تم إصدار فئة الـ250 ريالا يمنيا من نحو سنتين، إضافة إلى الـ100 والـ50.

وهنا عاد مستشار وزارة الصناعة والتجارة اليمنية ليوضح أنه جاء برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 1995، الذي أسهم في تخفيض قيمة العملة، حيث كانت وجهة نظر صندوق النقد الدولي أنه كلما انخفضت العملة زادت الصادرات، وقد أثبت هذا القرار خطأه فيما بعد، وكان الانخفاض بسيطا في عام 2002 إلى عام 2008، مشيرا إلى أن معدلات الانخفاض بسيطة بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للنفط.

وبين الدكتور طه الفسيل أنه على الرغم من الانخفاض البسيط التي تعرضت له قيمة العملة اليمنية، فإن المشكلة بدأت في عام 2008 نتيجة الأزمة العالمية المالية، في الوقت الذي كانت فيه الواردات مرتفعة، وبناء على هذه التغيرات المفاجئة، بدأت الاختلالات تظهر مرة أخرى في ميزان المدفوعات، الذي انعكس على سعر الصرف.