الأنظار تتركز في واشنطن على خطة بوينر لخفض تريليون دولار رغم معارضة الديمقراطيين

الخلافات داخل الكونغرس وصلت إلى حد الشتائم

TT

أعلن أمس جون بوينر (جمهوري من ولاية أوهايو) رئيس مجلس النواب، أنه طلب من جهاز المجلس الإعداد لتصويت، ليلة أمس (الخميس) على خطة كان وضعها لمواجهة مشكلة سقف دين الحكومة الأميركية. وقال بوينر إنه غير متأكد من أن الخطة سوف تصبح قانونا، وذلك لأن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ربما لن يوافق عليها.

وفي نفس الوقت، شن السيناتور جون ماكين، من قادة الحزب الجمهوري المعتدلين، وكان قد ترشح ضد الرئيس باراك أوباما في انتخابات الرئاسة سنة 2008، هجوما عنيفا هو الأول من نوعه على قادة الجناح اليميني (حزب الشاي). وانتقد ماكين هؤلاء لأنهم عارضوا خطة بوينر. وعلى الرغم من أن بوينر ليس من قادة الجناح اليميني، ولكنه يميل نحوه. وكان بوينر قدم خطة أول من أمس بتخفيض النفقات الحكومية بتريليون دولار، من دون رفع أي ضرائب.

وأمس، في المؤتمر الصحافي اليومي للبيت الأبيض، قال المتحدث الرسمي إن الرئيس باراك أوباما «عقله مفتوح» لمناقشة أي خطة، مع أي شخص. وانتقد الجمهوريين، وقال إنهم «يلعبون بمصير البلاد». وفي نفس الوقت، شنت صحيفة «وول ستريت جورنال» اليمينية، التي يملكها روبرت مردوخ، إمبراطور الإعلام الأميركي الأسترالي، هجوما على قادة حزب الشاي. وقالت إنهم قادة «حزب الهواة». وأضافت إن الجمهوريين الذين رفضوا خطة بوينر «يخدمون مصالح الرئيس أوباما».

وذلك لأن أوباما «سوف يسجل كل هذه المطالب المتطرفة، وسوف يستعملها في الحملة الانتخابية ليقول للشعب الأميركي إن الجمهوريين غير مسؤولين».

ومع بقاء أربعة أيام على عدم قدرة وزارة الخزانة الأميركية الاستدانة من البنوك للصرف على البرامج الحكومية، ولأول مرة منذ أن سيطر الحزب الجمهوري على مجلس النواب، بقيادة الجناح اليميني (حزب الشاي)، حدث شرخ وسط الجمهوريين.

وقاد الانقسام جون بوينر، زعيم مجلس النواب، وهو لا يعتبر من المعتدلين داخل الحزب، مثل السيناتور جون ماكين والسيناتور ريتشارد لوغار. وهو قريب إلى الجناح اليميني منه إلى المعتدلين. ولهذا، كما قال مراقبون في واشنطن، يعتبر بوينر أهم شخصية في الحزب في الوقت الحاضر، للوصول إلى اتفاق مع الرئيس باراك أوباما وقادة الحزب الديمقراطي. وأمس، خاطب بوينر أعضاء الحزب في مجلس النواب، وعلى الرغم من أنه تحدث كثيرا عن «وحدة الحزب» وعن «مناورات أوباما»، كان واضحا أنه يريد إقناع الجناح اليميني بقبول الخطة التي وضعها للخروج من مشكلة دين الحكومة. وأمس، تركزت الأنظار في واشنطن على «خطة بوينر»، وهي تخفيض قرابة تريليون دولار من الصرف الحكومي، مقابل زيادة سقف دين الحكومة لسنة واحدة فقط. لكن، يواصل قادة الحزب الديمقراطي معارضة ما صارت تسمى «خطة الخطوتين»: تخفيض واتفاق حتى السنة المقبلة، ثم تخفيض واتفاق بعد ذلك، أي بعد الانتخابات. ويقول الديمقراطيون إن الجمهوريين يريدون استغلال الانتخابات للهجوم على الرئيس أوباما بنفس الطريقة التي يفعلونها الآن. وقال السيناتور هاري ريد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي: «سوف يتم تغيير برنامج بوينر، إذا وصل إلى هنا»، إشارة إلى أن «خطة بوينر»، حتى إذا أجازها مجلس النواب، لا بد أن يجيزها مجلس الشيوخ. وقال مراقبون في واشنطن إن المناورات بين الحزبين حول دين الحكومة وصلت إلى حدود الشتائم.

وهدد البيت الأبيض بأن الرئيس أوباما سوف يستعمل الفيتو ضد أي مشروع قرار من الكونغرس لا يرفع سقف الدين إلى سنوات، وليس إلى سنة واحدة، كما اقترح قادة في الحزب الجمهوري. وقال وزير الخزانة تيموثي غايتنر إن في الإمكان جمع خطة الإدارة والخطة التي قدمها قادة الحزب الجمهوري.

وأشار إلى الخطة باسمها «غراند بارغين» (المساومة الكبرى)، التي قدم فيها الجمهوريون، لأول مرة، تنازلات وافقوا فيها على زيادة العائد من الضرائب، ليس بزيادة الضرائب، ولكن بإلغاء ثغرات في قانون الضرائب، وقال غايتنر: «كل الخطط، هذه وتلك، على الطاولة. الآن، يمكن دمجهما بأكثر من صورة»، لكنه لم يفصل كيف يجمع بين الخطط المتعارضة.

لكن قال بوينر إن أوباما يريد «استغلال الوضع لمصلحته السياسية»، وأضاف: «أعرف أن الرئيس قلق إزاء انتخابه مرة أخرى في الانتخابات المقبلة. ولكن، بحق الله، ألا ينبغي أن نكون قلقين على مصلحة الوطن؟» وقال: «لدينا دين وطني يزيد على 14 تريليونا ونصف التريليون دولار. لقد حان الوقت لنتصرف تصرفات جادة لوقف هذا النزيف الذي يبدو أنه لا نهاية له».

وقال تيم بولنتي، من قادة الحزب الجمهوري، الذي ترشح لرئاسة الجمهورية، إن أوباما «جبان». وأضاف: «حان الوقت للرئيس باراك أوباما ليخرج من المخبأ الذي هو فيه»، بسبب موقفه من حل المشكلة الاقتصادية. وتساءل: «أين هو رئيس الولايات المتحدة في وقت التحديات المالية في وطننا؟ أين إصلاحاته في البرنامج الصحي؟ أين اقتراحاته لإصلاح نظام الضمان الاجتماعي؟».

وأجاب عن أسئلته قائلا: «الإجابة هي أنه ليس لديه أي اقتراح أو برنامج. إنه يتهرب. إنه يناور. إنه يهتز يمينا وشمالا».