تونس: جدل بين وزارة الفلاحة واتحاد الفلاحين حول تقديرات محصول الحبوب

الوزارة تقدره بأكثر من 23 مليون قنطار والاتحاد يرى أنه أقل بكثير

نتائج الاستقصاء الذي أجرته وزارة الفلاحة جاء من خلال سحب عينات من حقول الحبوب («الشرق الأوسط»)
TT

وسط خلاف حاد حول تقديرات محصول الموسم الفلاحي الحالي بين اتحاد الفلاحين (المنظمة المهنية الفلاحية) من ناحية ووزارة الفلاحة والبيئة من ناحية ثانية، كشفت وزارة الفلاحة والبيئة في تونس بشكل رسمي عن أحدث نتائج استقصاء صابة الموسم الحالي من الحبوب، وقالت إنها يمكن أن تتجاوز حدود 23 مليون قنطار، من بينها ستة ملايين قنطار بمناطق الوسط والجنوب التونسي، حيث يتراوح المناخ بين شبه الجاف والجاف، وهذه الكمية موجهة في معظمها للاستهلاك العائلي والاحتفاظ بمخزون من العلف الحيواني، بالإضافة لتأمين حاجيات الفلاحين من البذور خلال الموسم المقبل.

وأفرزت نتائج الاستقصاء الذي أجرته وزارة الفلاحة من خلال سحب عينات من حقول الحبوب ممثلة لمختلف مناطق الإنتاج بالاعتماد على مواصفات إحصائية منتهجة في المجال، وهي عملية تم تطبيقها وتطويرها منذ منتصف السبعينات، تحسنا في معدل مردودية الهكتار، التي ارتفعت إلى 18.6 في المائة، مع تطور نسبة المساحات المحصودة مقارنة بالمساحات المبذورة، حيث بلغت 92 في المائة مقابل 51 في المائة مقارنة بالموسم الماضي.

وعلى صعيد جمع الصابة، فإن المجموع قد تجاوز 9 ملايين قنطار من الحبوب، وتتواصل عمليات تسليم المحاصيل بمراكز ديوان الحبوب (نقاط تجميع الصابة التابعة للدولة) بشكل مرتفع حتى نهاية شهر أغسطس (آب) من السنة الحالية.

وقالت صوفية الهمامي (من وزارة الفلاحة) في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، إن الإنتاج من الحبوب بالنسبة للموسم الفلاحي (2010 – 2011)، ومن خلال القياس الموضوعي سيكون في حدود 23.1 مليون قنطار مقابل 10.8 مليون قنطار خلال الموسم الفلاحي (2009 – 2010). وسجلت المردودية في الهكتار الواحد ارتفاعا بمناطق الشمال التونسي ذات نسبة الأمطار العالية، ومرت من 9.5 مليون قنطار خلال الموسم الماضي إلى 17.8 مليون قنطار، أما بمناطق الوسط والجنوب، فقد ارتفعت من 1.3 مليون قنطار إلى 5.3 مليون قنطار مقابل. وتتوزع الصابة إلى 13.2 مليون قنطار من القمح الصلب، و2.8 مليون قنطار من القمح اللين، إلى جانب 7.1 مليون قنطار من الشعير و«التريتيكال» وقد ارتفعت نسبة المساحات المبذورة بنسبة 19 في المائة وقدرت بـ1.465 مليون هكتار.

وكان جدل قد انطلق منذ مدة بين وزارة الفلاحة والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (المنظمة الفلاحية) حول تقديرات المحصول خلال الموسم الحالي، ويبدو أن الاتحاد سعى إلى تقليص محصول الحبوب إلى درجاتها الدنيا ربما بسبب الديون المتراكمة على صغار الفلاحين، وهي في معظمها غير مستخلصة. في حين أن وزارة الفلاحة تسعى من وراء عرض أرقام جيدة للمحصول إلى الابتعاد عن شبح إعادة جدولة ديون الفلاحين مثلما تم أكثر من مرة في عهد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.

وفي هذا السياق قال كمال الزواغي (إطار فلاحي) إن ما تقدمه وزارة الفلاحة من أرقام لا يمت للواقع بصلة، فالقول إن مناطق الوسط شبه الجافة ومناطق الجنوب الصحراوية قد انتحت نحو ستة ملايين قنطار من الحبوب مناف للحقيقة. ويضيف الزواغي إن تلك المناطق لا تنتج سوى القليل من الشعير وذلك بمردودية في الهكتار لا تزيد على ثمانية قنطار في الهكتار الواحد، وإذا وزعنا ذلك الإنتاج على الأراضي القابلة للزراعة، فلا يمكن في كل الأحوال أن نحصل على تلك الكميات. أما بالنسبة للتجميع الذي لم يتجاوز حدود الـ9 ملايين قنطار إلى حد الآن، فهو يطرح أكثر من سؤال، وذلك يعني أن بقية الصابة لا تزال لدى الفلاحين، والمعروف أن طاقة الخزن في الهواء الطلق هي في حدود مليوني قنطار من الحبوب بالإضافة لطاقة خزن تم تجهيزها منذ انطلاق موسم الحصاد وهي في حدود 8 ملايين قنطار من الحبوب، وهذا يعني أن كمية كبيرة من الحبوب لا تزال غير معروفة المكان. ويؤكد الزواغي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» على أن وزارة الفلاحة قد ضخمت المحصول لهذا الموسم بشكل كبير، فالمردودية في الهكتار التي تم تقديمها خلال هذا الموسم لا تعكس المردودية الحقيقية التي تقدمها الهيئات الدولية على غرار صندوق النقد الدولي، وتونس تحتل مراتب متأخرة في هذا المجال. واعتبر الزواغي أن محصول هذا الموسم لا يمكن في كل الأحوال أن يكون في حدود 23.1 مليون قنطار، وهي أقل من ذلك بكثير في كل الأحوال.