هل ستفسد أزمة الديون احتفال أوباما بعيد ميلاده الـ50؟

شركة «أبل» تتوفر على سيولة نقدية أكثر من الحكومة الأميركية

أثارت المقارنة بين الوضعين الماليين لـ«آبل» والحكومة الأميركية تعليقات مثيرة حيث دعا بعضهم إلى أن يسلم أوباما قيادة البلاد ولو «مؤقتا» إلى رئيس «آبل» ستيف جوبز
TT

«شركة «أبل» الأميركية أغنى من حكومة بلادها!.. قد يبدو الأمر غريبا ومبالغا فيه، بل وأقرب حتى إلى «النكتة»، لكن إذا كانت المقارنة بالسيولة النقدية المتوافرة حاليا فإن «أبل» تتوفر، في الوقت الحالي فعلا، على سيولة نقدية أكبر من السيولة النقدية التي في حوزة الحكومة الأميركية المثقلة بالديون. ففيما أعلنت شركة صناعة الحواسيب والهواتف الذكية العملاقة أن السيولة النقدية التي تتوفر عليها ارتفعت إلى 76 مليار دولار أميركي وهي في تزايد يومي مستمر خاصة مع زيادة أرباحها من مبيعاتها من حاسوب «آي باد 2» والهاتف النقال «آي فون» الناجحين، فإن الحكومة الأميركية تتوفر على أقل من 72 مليار دولار من السيولة النقدية، وهذه السيولة في تناقص مستمر، وقد تصل إلى الصفر بحلول الثاني من أغسطس (آب) المقبل، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن رفع سقف الدين الأميركي.

ويبدو أن السيولة النقدية مرشحة إلى مزيد من «التكدس» في خزائن «أبل» إذا ما واصلت مبيعاتها من حاسوب «آي باد» مع حديث عن نسخة جديدة ثالثة «آي باد 3» أكثر تطويرا منه، ونسخة جديدة خامسة من الهاتف النقال «آي فون 5». وللإشارة هنا فقد باعت «أبل» 20.3 مليون جهاز «آي فون» بين شهري أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2011 فقط. وإلى جانب «آي باد» و«آي فون»، وبدرجة أقل «آي بود»، فإن مداخيل «أبل» مرشحة إلى ارتفاعات قياسية مع الأبعاد «الخارقة» التي من المتوقع أن تأخذها خدمتها «آي كلاود».

حتى وإن اتجهت «أبل» إلى استثمار هذه السيولة الضخمة المتوافرة لديها، أو على الأقل جزء منها، فإن خزائن الشركة مرشحة لأن تكون في أفضل حال من خزائن الحكومة الأميركية.

وتثار تساؤلات وتوقعات حول ماذا ستفعل «أبل» بهذه السيولة الضخمة المتوافرة لديها وإذا ما كانت ستستثمرها.. وفي غياب أي إعلانات أو حتى تسريبات حول خطط «أبل» في هذا الصدد، هناك من الخبراء المتابعين من يرى أن «أبل» حريصة جدا على أموالها، ولا تريد المغامرة بها في استثمارات غير محسوبة العواقب، خاصة في وضع «الرمال المتحركة» الذي يعيشه الاقتصاد العالمي عامة، وحتى قطاع التقنيات، ولعل نموذج شركة «نوكيا» الفنلندية للهواتف النقالة أفضل مثال في هذا الصدد، فبعد أن كانت لاعبا مسيطرا في القطاع وتحقق معدلات مبيعات وأرباحا قياسية، تراجع تأثيرها في السوق، بل أصبحت تسجل حتى خسائر.

وهناك من يرى أنه إذا قررت «أبل» استثمار السيولة النقدية الضخمة المتوافرة لديها، أو على الأقل جزء منها، فإن ذلك سيكون في المجال نفسه الذي تتخصص فيه، وفي هذا الصدد يرى دانيال أشتون، المحلل في مركز «جونيبير» للأبحاث أن «الشركة تحرص على إبقاء أوراقها الاستثمارية قريبة منها». ويشير أشتون إلى أنه «من التوقعات المطروحة عن استثمارات (أبل) هناك حديث عن إمكانية توجه الشركة العملاقة إلى الاستثمار أو حتى الاستحواذ على شركات صغيرة من القطاع نفسه، وبالتحديد المتخصصة في تطبيقات قد تضيفها (أبل) إلى خدماتها، ومن بينها خدمة (التعرف على الصوت)». وهناك حديث آخر بحسب أشتون عن توجه «أبل» إلى الاستثمار حتى في قطاعات أخرى، من بينها ما يتردد عن اهتمامها بالاستحواذ على موقع الأفلام «نت فيكس»، وحتى سلسلة محلات بيع الكتب الشهيرة «بارنس آند نوبل».

وفي المقابل فإن الحكومة الأميركية، حتى وإن تم الاتفاق على رفع سقف ديونها، ستظل تعاني، حيث إن ما تحصله من الضرائب لا يكفي لإنفاقها الحكومي، حيث تحتاج إلى نحو 200 مليار دولار أخرى شهريا للوفاء بالتزاماتها المالية.

وقد أثارت المقارنة بين الوضعين الماليين لـ«أبل» والحكومة الأميركية تعليقات مثيرة وحتى ساخرة خاصة في المواقع الأميركية، حيث دعا بعضهم إلى أن يسلم الرئيس الأميركي باراك أوباما دفة قيادة البلاد ولو «مؤقتا» إلى الرئيس التنفيذي لـ«أبل» ستيف جوبز، أو على الأقل أن يطلب مساعدته في معالجة مشكلة الديون.

وسيكون أوباما، المعروف بأنه من المعجبين ومن مستعملي حاسوب «أبل» الشهير «آي باد» (عددهم 28 مليونا في العالم)، في وضع لا يحسد عليه، وقد يفسد عليه عدم الاتفاق على رفع سقف الدين الأميركي بحلول الثاني من أغسطس المقبل، وكل ما سيترتب على ذلك من «كوارث» للاقتصاد الأميركي والعالمي، احتفاله بعيد ميلاده الخمسين، الذي سيكون بعد ذلك بيومين فقط، أي يوم 4 أغسطس المقبل.

وليست «أبل» الشركة الأميركية الوحيدة التي في وضع أكثر راحة من ناحية السيولة النقدية من الحكومة الأميركية، حيث إن «مايكروسوفت» في حوزتها أكثر من 41 مليار دولار سيولة نقدية، بينما في حوزة «سيسكو سيستمز» نحو 40 مليار دولار من السيولة النقدية.

وهناك تقديرات ترى أن مجموع السيولة النقدية التي تتوفر عليها الشركات الأميركية يصل إلى 1.2 تريليون دولار، أي ما يعادل الدين السنوي الأميركي.

* أرقام

* 76 مليار دولار أميركي السيولة النقدية التي تتوافر عليها شركة «أبل»، وهي في تزايد يومي مستمر، خاصة مع زيادة مبيعاتها من حاسوب «آي باد 2» والهاتف النقال «آي فون» الناجحين.

* أقل من 72 مليار دولار سيولة نقدية لدى الحكومة الأميركية، وهي في تناقص مستمر، وقد تصل إلى الصفر بحلول 2 أغسطس (آب) المقبل، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن رفع سقف الدين الأميركي.

* 200 مليار دولار شهريا أخرى، فوق ما تحصله الحكومة الأميركية من ضرائب، تحتاجها للوفاء بالتزاماتها المالية.

* 20.3 مليون هاتف «آي فون» النقال باعتها «أبل» بين شهري أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2011 فقط.

* 28 مليون مستخدم لحاسوب «آي باد» الناجح جدا لشركة «أبل» من بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، والعدد مرشح إلى مزيد من الارتفاعات.

* 1.2 تريليون دولار أميركي مجموع السيولة النقدية التي تتوافر عليها الشركات الأميركية، أي ما يعادل الدين السنوي الأميركي.

* أكثر من 41 مليار دولار سيولة نقدية تتوافر عليها شركة «مايكروسوفت» الأميركية.

* نحو 40 مليار دولار من السيولة النقدية في حوزة شركة «سيسكو سيستمز».