«التضخم».. أبرز مخاوف السعوديين من مشكلة الدين الأميركي

TT

في الوقت الذي ينتظر أن يعلن فيه قرار الحكومة الأميركية بشأن رفع سقف الديون وخفض العجز، يترقب السعوديون، كما يترقب العالم، صدور قرار رفع سقف الديون ومنع تداعيات تخلف أميركا عن سداد الديون أو قيام وكالات التصنيف بخفض تصنيفها السيادي. وتتركز المخاوف على ازدياد في معدل التضخم والمزيد من الضعف للدولار وتأثيرات ذلك على السعودية ودول الخليج التي ترتبط عملاتها بالدولار وتبيع نفطها بالدولار.

وكنتيجة لضعف الدولار فإن التضخم المستورد سيكون عاملا رئيسيا لرفع أسعار السلع الأساسية في السعودية، وحتى إن تم التوصل إلى اتفاق فإن ضعف الدولار سيتواصل، مما يجعل سيناريو تكرار ارتفاع التضخم بشكل كبير يعود مرة أخرى إلى السعودية ودول الخليج بحسب ما ذكره خبراء اقتصاديون.

وأضاف الخبراء الذين كانوا يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحدث في أميركا بشأن الديون سيصل تأثيره دون شك إلى السعودية، تحت أي شكل، حيث إن الريال السعودي مرتبط بالدولار، وهو ما قد يتسبب في استيراد التضخم من جديد، في الوقت الذي لم يؤثر فيه تغير الفائدة بشكل كبير على تهدئة التضخم خلال الفترة الماضية.

وبحسب الإحصاءات الرسمية في البلاد فإن التضخم في السعودية - أكبر اقتصادي عربي - في شهر يونيو (حزيران) 201، سجل ارتفاعا إلى 4.7 في المائة، مقارنة بـ4.6 في المائة في شهر مايو (أيار) من نفس العام.

وأشار أبو داهش إلى أن جميع الحلول الاقتصادية الممكنة التي يمكن أن تسهم في إيجاد حلول للتضخم لم تجد نفعا خلال السنوات الماضية، كتغير سعر الفائدة، وقد يكون الحل الوحيد المتبقي هو رفع قيمة الريال السعودي أمام الدولار الأميركي، وهو ما قد يساعد على مواجهة ذلك التضخم المستورد وارتفاع الأسعار، داعيا إلى إيجاد مؤشر حقيقي للواردات السعودية لمعرفة مدى تأثر تلك الواردات على السلع وتغير أسعارها.

وتشهد أسعار السلع المستورد تغيرا في السعودية، يعزوه التجار إلى الارتفاعات الخارجية، خاصة في السلع الأساسية كالغذاء وعدد من مواد البناء كالحديد، في الوقت الذي أكد فيه محافظ مؤسسة النقد السعودي الدكتور محمد الجاسر، أن الارتفاع المستمر في أسعار الغذاء والسلع الأساسية تشكل تحديا للتعافي الاقتصادي. وتوقع الجاسر أن تبلغ مستويات التضخم 2.2 في المائة في الدول المتقدمة و6.9 في المائة في الدول النامية في عام 2011، مع توقع تراجعها في عام 2012 إلى 1.7 في المائة و5.3 في المائة على التوالي.

من جهته، قال فضل البوعنين، الخبير الاقتصادي، إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق أو تأجيله سيحدث خللا كبيرا في عملة المدفوعات العالمية، والتي يقوم بها النفط والسلع العالمية، وبالتالي فإن نتيجة الوصول إلى تضخم مستورد حتمية مع ما يحدث للدولار من تغيرات وانخفاضات بسبب الكيفية التي يدار فيها الاقتصاد الأميركي.

وأضاف البوعنين «الاقتصاد الأميركي هو المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي، وأن أي تغير في تقييم الائتمان الأميركي، قد يتسبب في مشكلات كبيرة، كما هو الحال لمشكلات الأرجنتين وروسيا عندما واجهت نفس المشكلة»، مشيرا إلى أن الاستثمارات في الأصول الدولارية قد يفقد المزيد من الثقة في العملة الأميركية، وهو ما يجعل التوجه إلى الاستثمارات الأخرى ورادا بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.

وزاد «الوصول إلى اتفاق في رفع سقف الدين لن يحل المشكلة، وإنما سيؤجلها، وطبع المزيد من الدولارات سيعمل على انخفاض قيمة الإصدار وارتفاع في مستويات التضخم، وهو ما سيتسبب في خسارة الأصول الدولارية، وبذلك ستكون الصين أكبر الخاسرين».

وبالعودة إلى الدكتور أبو داهش الذي أكد أن المؤشرات الحقيقة للاقتصاد الأميركي تعطي نوعا من الطمأنينة كمعدلات البطالة ومبيعات المنازل الأميركية، إضافة إلى استقرار بعض الأسواق العالمية كالسوق السعودية التي أغلقت أمس مرتفعة بمكاسب، الأمر الذي يعطي مؤشرا إلى أن مشكلة الديون في طريقها نحو الحل.

ودعا الخبير الاقتصادي أبو داهش إلى ضرورة إعادة التفكير عند أصحاب القرار الاقتصادي في المملكة في رفع سعر العملة أو الارتباط بعملات أخرى في الوقت الذي تتراجع فيه قيمة الدولار منذ عام 2003. في حين بين البوعنين أن الحل لمشكلة الدين الأميركي المؤقت يكمن في رفع سقف الدين، في الوقت الذي يشير فيه إلى أن الحل الدائم يكمن في زيادة الضرائب وخفض الإنفاق الحكومي على التسليح العسكري.