السعودية: تداولات ضعيفة متوقعة بسوق المال في رمضان.. والأسباب: الحرارة الشديدة وموسم الإجازات

رغم الارتياح لاتفاق سقف الديون وارتفاع أسعار النفط والدولار

TT

على الرغم من أن الرئيس أوباما أنهى حالة الترقب والانتظار التي كانت تسود الأسواق العالمية والعربية، وعاد سعر صرف الدولار وسعر النفط للارتفاع، وهما مصدر القلق للأسواق السعودية والخليجية التي تعتمد في جل دخلها على مبيعات النفط كما تربط عملاتها بالدولار، فإن كثيرا من السعوديين يعزفون عن التداول في سوق الأسهم خلال شهر رمضان من أجل التفرغ للعبادة. لكن الشهر الفضيل يحل هذا العام ويتزامن مع موسم إجازات الصيف وحرارة قائظة تصل إلى 50 درجة مئوية، مما يمنح المتعاملين أسبابا إضافية لاعتزال قاعات التداول خلال الشهر.

يقول راشد السبيعي، وهو متعامل سعودي في العقد الخامس من العمر، لـ«رويترز»: «في العادة تنقص عمليات التداول في السوق أكثر من 50% في شهر رمضان.. منذ بداية الصيف وعدد الأشخاص في صالة التداول يتناقص، وأعتقد أنه في رمضان لن تجد أكثر من 10% من المتداولين».

وأضاف السبيعي، وقد جلس على مقعد وثير من الجلد الفاخر وعيناه لا تفارقان شاشة التداول: «أعتقد أن السوق في رمضان هذا العام ستكون ضعيفة جدا، أولا: بسبب الأوضاع التي تمر بها المنطقة وتزامن رمضان مع موسم الإجازات». وبدت علامات القلق والتوتر على معظم المتعاملين في قاعة التداول عند الحديث عن أزمة الديون في الولايات المتحدة.

يقول هشام تفاحة، رئيس إدارة الأصول لدى «مجموعة بخيت الاستثمارية»: رمضان هذا العام حالة استثنائية. كل الناس أجلت قراراتها. وتابع: إن أزمة الدين الأميركي ستلقي بظلالها على أسعار النفط الذي يمثل 90% من الإيرادات الحكومية السعودية و50% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال: «الأعين كلها على الاقتصاد الأميركي، وهناك نوع من الفرملة». وبعد خلاف مرير استمر شهورا صوت المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون، أمس الاثنين، على اتفاق يدعمه البيت الأبيض لرفع سقف الدين الأميركي وتفادت أميركا بذلك التخلف عن السداد.

ومن المتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، على الاتفاق الذي يرفع سقف الدين ويخفض العجز بمقدار 2.4 تريليون دولار على مدى 10 سنوات.

ويرى تفاحة أنه في حال رفع سقف الدين الأميركي قد ينعكس الأمر إيجابيا على السوق السعودية في أوائل رمضان، وعزا ذلك إلى العوامل الأساسية القوية للسوق السعودية وتحقيق الشركات نتائج قوية لم ينعكس صداها بعدُ على المؤشر. وقال: «نمت أرباح السوق السعودية في الربع الثاني 28% تقريبا عن الربع الثاني من 2010 وبنسبة 15% عن الربع الأول من 2011.. هناك نمو في خانة العشرات وصورة الاقتصاد العام قوية».

ويؤيد عبد الحميد العمري، الكاتب الاقتصادي البارز وعضو جمعية الاقتصاد السعودي، هذا الرأي قائلا: إن النتائج لم تنعكس بصورة قوية على السوق، لكنه يرى أن التوصل لقرار بشأن رفع سقف الدين الأميركي سيكون خبرا جيدا على مستوى الأفراد، لكن أثره على السوق محدود. وقال العمري: «لو ظهر هذا القرار في وقت آخر غير رمضان وفترة الصيف وضعف السيولة وعدم الرغبة في الشراء لكان أحدث تأثيرا كبيرا، لكن الفائدة في ظل هذه العوامل ستكون محدودة».

والمستثمرون الأفراد هم القوة الدافعة لسوق الأسهم السعودية ووفقا لبيانات رسمية يسجل الأفراد نحو 93% من الصفقات اليومية في البورصة السعودية.

يقول ناصر الفريح، وهو من المتعاملين الأفراد: «في الأيام العادية أحضر إلى السوق بشكل يومي، لكن في رمضان يقتصر الأمر على يومين أو ثلاثة بالكثير أسبوعيا». ويأتي الحرمان من التدخين والقهوة في نهار رمضان كعامل إضافي يدفع البعض للصيام عن التداول أيضا. ويقول فيصل الشمري، أحد المتعاملين في السوق: «نعمل كمجموعة في صالة التداول وجميعنا مدخنون، ومن النادر جدا أن نتفق أو نقوم بأي عملية في نهار رمضان». أما ضيف الله العلي، موظف حكومي التقت به «رويترز» قبل أيام من بدء الشهر الكريم، فقال وهو يحتضن بيديه قدحا كبيرا من القهوة: «أول أيام الصيام يقلل من نشاط الناس وأدائهم في السوق، كما أن هناك الكثير من المخاوف لدى المتعاملين مما يحدث في العالم العربي». وأضاف العلي، البالغ من العمر 50 عاما، أثناء متابعة شاشة أسعار الأسهم في قاعة تداول تابعة لأحد البنوك السعودية: «السوق في رمضان بشكل عام ضعيفة جدا وأعداد المتداولين والسيولة تنقص بشكل كبير؛ لذلك يجب أن يتم النظر في ساعات العمل».

ويقول محللون بارزون: إن نمط التعاملات في السوق السعودية دائما ما يتسم بالتراجع خلال فترات الهدوء الموسمي كالصيف وشهر رمضان. ويقول العمري: «الأسواق الناشئة، لا سيما السوق السعودية، دائما ما تتأثر بالعوامل الموسمية. رمضان وفصل الصيف فترات يضعف فيها الشراء والتداول، والأعوام الأخيرة أظهرت أن أدنى مستويات السيولة تسجل في رمضان».

في هذا الصدد قال تفاحة: «من المعروف أن شهر رمضان يشهد هدوءا في التداول. المجتمع السعودي مجتمع محافظ يميل للتفرغ للعبادات خلال الشهر.. هذه ثقافة مجتمع. يبتعد المتعاملون عن السوق ويقولون لن نخسر شيئا خلال رمضان». ويتوقع العمري أن تسجل قيم التعاملات هذا العام مستويات أكثر انخفاضا. وعزا ذلك لعدة أسباب على رأسها أن أحدث بيانات لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أظهرت أن المستثمرين الأجانب سجلوا انخفاضا في الاستثمارات الأجنبية داخل السوق السعودية. وقال: «خرج في الربع الأول تقريبا 439 مليون دولار.. الاستثمارات الأجنبية حاليا لا تتجاوز 3.2 مليار دولار». وأوضح أنه إلى جانب خروج الاستثمار الأجنبي والمحافظ النشطة خرجت من السوق أكثر من 18.5 مليار ريال في الربع الأول من جانب المستثمرين السعوديين.