هل أصبحت أميركا «عالة» على الاقتصاد العالمي؟

رئيس الوزراء الروسي اتهم الولايات المتحدة بـ«التطفل» على العالم

TT

قد يكون الاتفاق حول رفع السقف الدين الأميركي أشاع بعض «الارتياح» بعد أن حبست أزمته أنفاس العالم، لكن الاتفاق لم يبدد المخاوف حول مدى «هشاشة» البيت المالي الأميركي، بل وربما بالعكس فتحت أزمة رفع سقف الدين الأميركي الأعين على الصورة الأكبر لذلك «الثقب المالي الأسود» المرشح إلى مزيد من الاتساع، الذي يهدد مستقبل الاقتصاد الأميركي ومعه الاقتصاد العالمي.

وفي قراءة فيما برز من تفاصيل (والشيطان دائما في التفاصيل!) الاتفاق، الذي جاء لتفادي الفوضى بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، أبدت صحيفة «شيكاغو تريبيون» خشيتها من أن لا يكون الاتفاق كافيا لـ«تمكين الولايات المتحدة من المحافظة على تصنيف دينها العام الذهبي» وهو أعلى تصنيف ممكن حاليا (إيه إيه إيه).

أما صحيفة «التايمز» اللندنية عنونت على صدر صفحتها الأولى أمس «إذلال أميركا» وكتبت تقول إن اتفاق التريليون دولار أرخ إلى مرحلة جديدة بالنسبة للولايات المتحدة.

بينما اعتبرت صحيفة «الإندبندنت» اللندنية أن الاتفاق كان بمثابة «إذلال» لأوباما، حيث اعتبرت أن هناك انطباعا على نطاق واسع بأن اتفاق رفع سقف الدين الأميركي، كان بمثابة «هزيمة» للرئيس الأميركي الديمقراطي، الذي اضطر هو وحزبه لتقديم تنازلات للحزب الجمهوري، حيث إن اتفاق رفع سقف الدين تضمن تخفيضات في الإنفاق الحكومي مثلما كان يصر على ذلك الجمهوريون، بينما لم يتم الاتفاق على أي رفع للضرائب مثلما كان يطالب أوباما.

وكان هناك قلق خارجي من احتمال عدم اتفاق السياسيين في واشنطن على رفع سقف الدين الأميركي، وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين: «حمدا لله، إنهم تحلوا بحس المسؤولية واتخذوا قرارا متوازنا».

غير أن بوتين اتهم أول من أمس الولايات المتحدة بأنها «تتطفل» على الاقتصاد العالمي. واعتبر أن هيمنة الدولار خطر على أسواق المال العالمية.

وقال بوتين أمام تجمع شبابي مؤيد للكرملين في وسط روسيا إن الولايات المتحدة «بلد يعيش على الديون ويعيش فوق إمكانياته».

واعتبر أن الديون الهائلة للولايات المتحدة تهدد النظام المالي العالمي. وقال إن أميركا «تلقي بثقل المسؤولية على الدول الأخرى وتتصرف بشكل من الأشكال مثل الطفيليات».

وذهب بوتين إلى حد التلميح إلى أن واشنطن ربما فكرت في إعلان التخلف عن السداد لإضعاف الدولار «وخلق ظروف أفضل لتصدير بضائعها».

وقد أشار بوتين، الذي كثيرا ما ينتقد السياسة الأميركية للصرف الأجنبي، إلى أن روسيا في حوزتها كميات كبيرة من سندات الخزانة الأميركية.

وأكد بوتين أنه إذا تأثر النظام المالي في أميركا فإن من شأن ذلك التأثير على الجميع. وقال بوتين إن «دولا مثل روسيا والصين تضع عددا معتبرا من احتياطاتها المالية في الأوراق المالية الأميركية.. ويتوجب إيجاد عملات احتياط أخرى في العالم».

واعتبر كثيرون أن صورة الولايات المتحدة تضررت بفعل أزمة رفع سقف الديون والتجاذب الذي سبق الاتفاق حول رفعه بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، غير أن كزينيا دورموندي الباحثة في المعهد الملكي للدراسات الدولية (تشاتهام هاوس) بلندن عبرت لـ«الشرق الأوسط» عن «عدم اعتقادها بأن المسار البطيء لإيجاد حل لأزمة الديون كان له تأثير كبير على صورة الولايات المتحدة»، غير أنها حسب رأيها «طرح الكثير من الأسئلة عالميا حول مدى قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ وتنفيذ القرارات الصعبة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي».