نواب ديمقراطيون: اتفاق رفع سقف الدين الأميركي عبارة عن تنازلات قدمها الرئيس أوباما

الاتفاق لم يرفع الضرائب.. ومخاوف من الركود الاقتصادي

TT

وقع الرئيس باراك أوباما أمس على اتفاق رفع سقف الدين، الذي أطلق عليه اتفاق «اللحظات الأخيرة»، لأنه وقع في آخر يوم لن تقدر بعده وزارة الخزانة على الاستدانة من البنوك والمؤسسات الاستثمارية.

غير أن الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي انتقد الاتفاق واعتقد أنه عبارة عن تنازلات قدمها الرئيس أوباما للجمهوريين، وذلك لأن الصفقة الأخيرة لا تشمل أي زيادة في أي ضرائب، ولأنها تركز على تخفيضات خدمات اجتماعية كثيرة تقدمها الحكومة الأميركية. وقال خبراء اقتصاديون إن هذه التخفيضات سوف تزيد من نسبة البطالة، وذلك لأن مئات الآلاف سيفقدون وظائفهم التي تعتمد على الدعم الحكومي، سواء في واشنطن أو الولايات.

وكان مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، وخاصة الجناح اليميني (حزب الشاي)، أجاز الصفقة أول من أمس، ثم حولها إلى مجلس الشيوخ الذي كان متوقعا أن يجيزها أمس، ليوقع عليها أوباما قبل منتصف ليلة أمس. وقال مراقبون في واشنطن إنه من المتوقع أن يجيز مجلس الشيوخ (الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي) بسهولة صفقة رفع سقف الديون الاتحادية. وذلك رغم أن ليبراليين ديمقراطيين في مجلس الشيوخ غير راضين عن ما قالوا إنها تنازلات قدمها أوباما للحزب الجمهوري.

لكن، وضع توقيع أوباما نهاية معركة بدأت منذ شهور، ونهاية خطط متناحرين، ومناورات ومساومات، ومخاوف في السوق المالية في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك)، واحتمال أن الولايات المتحدة، للمرة الأولى، لن تقدر على الاستدانة أو دفع فوائد ومستحقات دينها.

وأمس، قال هاري ريد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ: «إننا نحتاج إلى إرسال مشروع القانون إلى الرئيس أوباما بمجرد أن نوافق عليه. لقد كانت عملية طويلة. أنا واثق من أننا فعلنا الصواب للشعب الأميركي».

ولكن، كان ريد حادا في تكرار أن اتفاقية رفع سقف الدين بأكثر من تريليوني دولار يجب أن تنفذ، رغم كل شيء. وقال، ردا على سؤال هل سيكون من الضروري بذل جهود إضافية لتخفيض العجز؟ «الجواب هو نعم، بل، بحق الجحيم، هو نعم».

ورغم ضمان إجازة مجلس الشيوخ لمشروع القانون، حسب إجراءات المجلس، يمكن لأي عضو أن يتعمد التأخير في ذلك إلى ما بعد نهاية يوم أمس. ويتوقع أن يتباطأ المحافظون في الحزب الجمهوري في التصويت. لكن، يبدو أن قادة الكونغرس من الجانبين، متأكدون من الحصول على ستين صوتا، وهو الحد الأدنى للموافقة على القوانين المالية. وأمس، قال السيناتور جيم ديمنت، من المحافظين الجمهوريين: «لن نعرقل التصويت»، رغم أنه هو نفسه ربما سيصوت سلبيا، وذلك لأنه لم يكن راضيا عن الحل الوسط.

وقال مراقبون في واشنطن إنه، بعد إجازة مشروع القانون، وتوقيع الرئيس أوباما عليه، تبقى المعركة الأكبر، وهي تشكيل لجنة الـ12 (6 من الجانبين) لاتخاذ القرارات الصعبة حقيقة حول تخفيض ميزانية وزارة الدفاع، والبرامج الاجتماعية، وزيادة الضرائب. ويبدو أن الجمهوريين لم يغيروا رأيهم الرئيسي في عدم زيادة الضرائب، وعدم تخفيض الميزانية العسكرية.

وأمس، قال السيناتوران الجمهوريان: ليندسي غراهام، وديفيد فيتر، إنهما يرفضان أي تخفيضات عسكرية «في هذه الظروف التي يمر بها الوطن».

وقال مراقبون في واشنطن إن اتفاق اللحظات الأخيرة، في جانب، لم يشمل تعديل الدستور لمنع العجز في الميزانية السنوية، وفي الجانب الآخر، لم يشمل أي ضرائب جديدة.

وكان أوباما أعلن الصفقة في مؤتمر صحافي مفاجئ في التاسعة قبل منتصف ليلة أول من أمس. غير أنه حذر من مشاكل آخر لحظة. وقال: «لا تزال هناك بعض الأصوات داخل الكونغرس، مهمة جدا، ويجب ضمان تصويتها لهذا الاتفاق. ولكن، أريد أن أعلن أن زعماء كلا الطرفين في المجلسين توصلا إلى اتفاق خفض العجز».

ونقل تلفزيون «سي إن إن» على لسان مسؤول حضر مفاوضات اللحظة الأخيرة قال إن الرئيس أوباما تردد كثيرا قبل الموافقة على عدم زيادة الضرائب. خاصة لأنه، حتى الأسبوع الماضي، كان يصر عليها. وأن أوباما تندر بأن الجناح التقدمي في حزبه سوف يعلن «الحرب» عليه.

حسب الاتفاق، سيتم تخفيض أكثر من تريليوني دولار من دين الحكومة الذي يبلغ 15 تريليون دولار. وسيتم التخفيض خلال عشر سنوات، بمعدل أكثر من مائتي بليون دولار كل سنة.

في الجانب الآخر، وافق قادة الحزب الجمهوري على رفع سقف الديون لمدة سنتين، بعد انتخابات الرئاسة في السنة المقبلة. وكان الجمهوريون، في البداية، يريدون رفع السقف سنة بعد سنة.

حسب الاتفاق، في السنة الأولى سوف يرتفع سقف الدين قرابة تريليون دولار، وسيخفض إنفاق الحكومة بنفس المبلغ تقريبا.

وأيضا، تأسيس لجنة خاصة مشتركة للنظر في ما بعد السنة الأولى. وأيضا، حسب الاتفاق، سيناقش الجانبان بداية إجراءات التصويت على تعديل الدستور لمنع الحكومة من الصرف أكثر من الدخل. وقال مراقبون في واشنطن إن تفاصيل الاتفاق معقدة، وإن الأهداف من تشكيل اللجنة المشتركة هي تأجيل التفاصيل للنصف الثاني من السنة، بعد نهاية إجازات الصيف. لكن، مجرد الاعتماد على اللجنة المشتركة يتوقع أن يزيد المشاكل.

وقال خبير اقتصادي: «السياسيون رموا الكرة بعيدا ليتخلصوا منها. لكن الكرة لن تختفي».

وقال جين سبيرلنغ، مدير المجلس الاقتصادي في البيت الأبيض: «نريد أن نجعل من الصعب عليهم (السياسيين) التوقيع على أوراق، ثم نفض أيديهم. نريد منهم أن يتأكدوا أنه إذا لم يحدث شيء فعال من جانبهم، سيعاني الشعب درجة صعبة للغاية من الألم».

وكان أوباما سأل في مؤتمره الصحافي بعد إعلان الاتفاق: «هل هذا الاتفاق هو المفضل؟» وأجاب: «لا». وأضاف: «أعتقد أننا كنا يجب أن نختار الخيارات الصعبة المطلوبة، خاصة في موضوع الضرائب، والبرامج الاجتماعية الشعبية. لكننا قررنا أن نحول هذا الخيارات إلى لجنة مشتركة».