أسواق المال تتهاوى.. والانهيار ينذر بكارثة

البريطانية فقدت 80 مليار دولار والأميركية 3% بعد ساعات من التداول

جانب من التعاملات في بورصة نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

تهاوت أسواق المال العالمية أمس فيما يشبه المقدمة لكارثة مالية جديدة، حيث خسرت الأسهم البريطانية في ختام تعاملات أمس 50 مليار جنيه استرليني (نحو 80 مليار دولار) وهبط مؤشر الفايناشيال تايمز لقياس الـ100 سهم الكبرى بأكثر من 3 نقاط. وفي نيويورك فقد مؤشر داو جونز لقياس أسهم الشركات الكبرى 3% من قيمته بعد ساعات من الفتح، كما فقد مؤشر ستاندرد أند بورز الذي يقيس الـ500 سهم الكبرى 10% من أعلى قيمة دفترية حققها هذا العام. وتراجعت معظم الأسواق الأوروبية وهرع المستثمرون نحو الملاذات الآمنة وأولها الذهب الذي كسر حاجز 1677.00 دولارا للأوقية «الأونصة» لأول مرة، كما قفز الفرنك السويسري إلى مستويات وسط تحويلات ضخمة من المستثمرين في الدولار واليورو. وكانت بيانات معدل الوظائف الجدية في أميركا قد هزت الأسواق العالمية، حيث جاءت أقل من التوقعات، مما فاقم حال عدم اليقين حول سلامة الاقتصاد الأميركي، ومما ضاعف من قلق الأسواق انتشار عدوى الديون من اليونان إلى إيطاليا وإسبانيا وكذلك الإحساس وسط كبار المستثمرين أن اتفاق رفع سقف الدين لن تكون له نتائج إيجابية على الاقتصاد الأميركي. الى ذلك تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية أكثر من واحد في المائة عند الفتح، أمس (الخميس)، لتستأنف هبوطها بعد تقرير بشأن سوق العمل هو الأحدث في بيانات تشير إلى تعثر الاقتصاد. ونزل مؤشر «داو جونز» الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 133.66 نقطة أو1.12 في المائة إلى 11762.78 نقطة. وخسر «ستاندرد أند بورز 500» الأوسع نطاقا 15.27 نقطة أو 1.21 في المائة إلى 1245.07 نقطة. وتراجع «ناسداك» المجمع الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا 42.37 نقطة أو1.57 في المائة إلى 2650.70 نقطة.

وفي أوروبا تحولت الأسهم الأوروبية للهبوط أمس (الخميس) وسجلت مستوى منخفضا جديدا في 11 شهرا، حيث تراجعت أسهم شركات التعدين مع انخفاض أسعار النحاس وغيره من المعادن في ظل مخاوف بشأن التوقعات للطلب عقب بيانات اقتصادية ضعيفة في الآونة الأخيرة. وفي الساعة 1032 بتوقيت غرينتش انخفض مؤشر «يورفرست 300» لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 0.8 في المائة إلى 1019.05 نقطة بعدما سجل في وقت سابق أدنى مستوى في 11 شهرا عند 1015.94 نقطة. وكان المؤشر قد ارتفع في أوائل الجلسة إلى 1037.18 نقطة.

وفي أسواق الصرف انخفض الين بشدة أمس (الخميس) بعد أن تدخلت اليابان لكبح قوة عملتها لتعزيز اقتصادها الذي يعتمد على الصادرات وذلك بعد يوم من خفض البنك المركزي السويسري على نحو غير متوقع لأسعار الفائدة لوقف صعود الفرنك. وارتفع اليورو أكثر من ثلاثة في المائة أمام الين إلى 114.07 ين كما صعد 0.5 في المائة أمام الفرنك السويسري إلى 1.1087 فرنك مما يعكس القلق حيال المزيد من التدخل السويسري. واستبعد محللون أن يكون لتدخل طوكيو وتيسير السياسات النقدية اليابانية تأثير مستمر نظرا لرغبة المستثمرين في شراء عملات تعتبر ملاذا آمنا مثل الفرنك والين مع تنامي القلق بشأن النمو العالمي وأزمة ديون منطقة اليورو وتوقعات بتيسير السياسة النقدية الأميركية. وأشار المتعاملون في لندن إلى مبيعات مطردة للين من جانب السلطات اليابانية في الجلسة الأوروبية ما دفع الدولار إلى مستوى 80.20 ين مرتفعا أربعة في المائة خلال اليوم.

وتضر حال عدم اليقين التي تسود الأسواق حاليا معظم القطاعات الاستهلاكية وتؤثر بشكل مباشر على السلع، لا سيما في الولايات المتحدة التي تعد الأهم من حيث المستهلكين والشركات. ويدفع الخبراء والمحللين الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم للطلب العالمي على النفط. وفي تقرير ينشر خلال الأيام القليلة المقبلة خفض بنك الاستثمار «باركليز كابيتال» توقعه لنمو الطلب العالمي على النفط في العام الحالي وعام 2012 بما يعكس التباطؤ الشديد في الولايات المتحدة ودول أخرى. ويتوقع البنك الذي كان من أكثر المتفائلين بارتفاع أسعار النفط هذا العام نمو الطلب العالمي بواقع 1.1 مليون برميل يوميا هذا العام وكان البنك توقع فيما سبق نمو الطلب على النفط هذا العام 1.56 مليون برميل يوميا وتوقع قبل شهرين أن يبلغ النمو 1.7 مليون برميل يوميا. ويتوقع محللون أن تحذو بنوك استثمارية أخرى حذو باركليز كابيتال وتخفض توقعاتها.

وخفض «باركليز كابيتال» أيضا توقعه لمقدار نمو الطلب على النفط في 2012 إلى 1.34 مليون برميل يوميا من 1.4 مليون برميل يوميا في توقعه السابق. وقالت أمريتا سين، محللة النفط لدى «باركليز كابيتال»: «نظرا للحالة العامة للاقتصاد الكلي لا يبدو أن حالة الطلب على النفط صحية».