الأسواق العالمية تخسر أكثر من 2.5 تريليون دولار في أسبوع «هستيري»

خبيرة لـ«الشرق الأوسط»: المخاوف أن تأخذ الأزمة منحنى أخطر

TT

استمر مسلسل الرعب أمس في أسواق المال العالمية، حيث واصلت البورصات في كل أنحاء العالم «نزيفها» للجلسة الثامنة، وخسرت نحو 2.5 تريليون دولار من قيمتها خلال الأسبوع الماضي فقط.

وقد تحولت المخاوف حول الاقتصاد العالمي وأزمة الديون الأميركية والأوروبية إلى «هستيريا» كما وصفتها فانيسا روسي الخبيرة الباحثة في برنامج الاقتصاد العالمي بمعهد الدراسات الدولية (شاسهام هاوس).

وقالت روسي لـ«الشرق الأوسط» إن المخاوف بدأت أساسا حول ضعف مؤشرات النمو في كثير من الاقتصادات الغربية، ومدى انعكاسات ذلك على الاقتصاد العالمي. وعبرت روسي عن خشيتها من أن تأخذ الأمور منحنى أسوأ إذا ما واصلت مؤشرات النمو الاقتصادي تسجيل معدلات ضعيفة.

وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن «شهر أغسطس (آب) كان دائما يتميز بضعف التداولات في الأسواق المالية بسبب العطلة الصيفية، وأيضا بتقلب التعاملات فيه». وحول ما إذا كان وراء هذه «الهستيريا» في الأسواق عمليات مضاربة أو مضاربون «محترفون»، استبعدت روسي ذلك، واعتبرت أن الاضطراب الأكبر كان في سوق السندات الحكومية، التي لا تستهوي عادة المضاربين المتحينين للفرص.

ولم تنجح أرقام الوظائف والبطالة الأميركية التي جاءت أفضل مما كان متوقعا، في تهدئة المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي وأزمة الديون في منطقة اليورو. فقد أعلنت وزارة العمل الأميركية ارتفاعا في عدد الوظائف التي تم استحداثها في يوليو (تموز) بلغ 117 ألفا مقابل 46 ألفا في الشهر الذي سبقه، بينما انخفض معدل البطالة 1.0 نقطة إلى 1.9 في المائة.

وجاءت أرقام نشرتها الوزارة أمس أفضل مما كان يتوقع المحللون الذين كانوا يتحدثون عن خلق 85 ألف وظيفة.

وقالت المحللة ليندسي بيغسا من مجموعة «إف تي إن فايننشيال» إن «التقرير يبقى سيئا وشهدنا قبل ذلك سلسلة من المؤشرات السيئة، وهذا يعني أننا لم نخرج من المشكلة. لكنها أرقام تلقى ترحيبا أفضل مما كان متوقعا».

إلا أن التفاؤل لم يستمر طويلا، فبعد أن فتحت على ارتفاع طفيف أمس، عادت بورصة نيويورك إلى التراجع بعد أقل من نصف ساعة من بدء التداولات.

وعادت بعدها الأسهم الأميركية إلى الصعود في حركة تعامل متقلبة شهدت تحركات شديدة للمؤشرات بين الصعود والهبوط.

من جهتها هوت الأسهم الأوروبية عند الإغلاق مسجلة أكبر هبوط أسبوعي لها في قرابة ثلاثة أعوام متأثرة بالمخاوف بشأن ضعف النمو الاقتصادي العالمي واحتمالات اتساع نطاق أزمة ديون منطقة اليورو لتشمل إيطاليا وإسبانيا.

وساعد تقرير الوظائف في الولايات المتحدة الذي جاءت نتائجه أفضل من التوقعات على الحد من خسائر الأسهم الأوروبية.

وبنهاية التعامل في البورصات الأوروبية هبط مؤشر يوروفرست لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 1.7 في المائة مسجلا 976.10 نقطة أدنى إغلاق له في 13 شهرا.

وعلى مدى الأسبوع هبط المؤشر 9.8 في المائة وهو أكبر هبوط أسبوعي للمؤشر منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008.

وفي أنحاء أوروبا تراجع مؤشر الفايننشيال تايمز 100 البريطاني 2.5 في المائة، ومؤشر داكس الألماني 2.7 في المائة، ومؤشر كاك 40 الفرنسي 1.2 في المائة.

بدورها تراجعت كل البورصات الآسيوية خلال تعاملات أمس لتفقد ما يصل إلى 5 في المائة من قيمتها بسبب المخاوف من جولة ركود جديدة للاقتصاد الأميركي وتنامي الشكوك حول حزمة الإنقاذ المالي وأزمة الديون السيادية لدول منطقة اليورو. ففي اليابان تراجع مؤشر نيكي القياسي بمقدار 359.3 نقطة أي بنسبة 3.72 في المائة ليصل إلى 9299.88 نقطة وهو أدنى مستوى له منذ أربعة شهور ونصف. في حين فقد مؤشر توبكس الأوسع نطاقا 25.4 نقطة أي بنسبة 3.07 في المائة إلى 800.96 نقطة.

وفي إندونيسيا تراجع مؤشر بورصة جاكرتا المجمع بمقدار 200.443 نقطة أي بنسبة 4.8 في المائة إلى 3921.643 نقطة.

وفي هونغ كونغ فقد مؤشر هانغ سينغ الرئيسي 938.6 نقطة أي بنسبة 4.29 في المائة من قيمته إلى 20946.14 نقطة.

وفي الصين فقد مؤشر بورصة شنغهاي المجمع 5762 نقطة أي بنسبة 2.15 في المائة إلى 2626.42 نقطة. وتراجع مؤشر شينشن المجمع في الصين أيضا بمقدار 232.65 نقطة أي بنسبة 1.95 في المائة إلى 11701.76 نقطة.

أما مؤشر البورصة الأسترالية فخسر 171 نقطة أي بنسبة 3.9 في المائة إلى 4105 نقاط.

في الوقت نفسه تراجع مؤشر سينسيكس الرئيسي ببورصة مومباي الهندية بنسبة 4 في المائة خلال التعاملات الصباحية قبل أن يقلص خسائره خلال تعاملات الظهيرة لينهي التعاملات متراجعا بنسبة 2.19 في المائة فقط.

وتراجع مؤشر بورصة بانكوك إلى 1093.38 نقطة بانخفاض قدره 30.63 نقطة أي بنسبة 2.73 في المائة عن مستواه أمس.

وأنهى مؤشر كوسبي الرئيسي ببورصة سيول الكورية الجنوبية تعاملات اليوم بانخفاض قدره 74.72 نقطة أي بنسبة 4 في المائة إلى 1943.75 نقطة.

وعقدت وزارة المالية الكورية الجنوبية اجتماعا طارئا وقالت إنه لا يوجد أي سبب لحالة الفزع التي أصابت الأسواق. وفي بيان لها وصفت الوزارة التقلبات الحالية في السوق بأنها مبالغ فيها ودعت المستثمرين إلى الثقة في أسس صحة رابع أكبر اقتصاد في آسيا بحسب وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء.

وقالت الوزارة في البيان الذي صدر بعد الاجتماع الذي استمر 4 ساعات: «نعتقد أن الاضطراب الأخير في سوق المال يأتي من المخاوف بشأن تكرار موجة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وانتشار المخاوف من الأزمة المالية في أوروبا.

وفي أميركا اللاتينية أغلقت بورصة ساو باولو على خسارة ضخمة بلغت 5.72 في المائة، بينما تراجعت بورصة مكسيكو بنسبة 3.3 في المائة عند الإغلاق الخميس! مدفوعة بشكل رئيسي بالانهيار الذي أصاب وول ستريت. ويؤثر كل ما يجري في الولايات المتحدة بشكل مباشر على المكسيك التي تصدر إليها 80 في المائة من صادراتها بحسب أحد المحللين.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية قال اقتصاديو دار الوساطة أوريل بي جي سي إن «السيناريو الأسوأ هي أن تكون لدينا دول تعاني من مديونية كبيرة ولا يريد المستثمرون إقراضها وانكماش عالمي».

وقال كاميرون بيكوك المحلل لدى شركة «إيه جي ماركتس» إن البورصات التي تشهد تقلبات منذ أكثر من أسبوع «في حالة من الهلع المطلق» وهي «لا تحظى بأي دعم تقريبا ولو أن الأسهم باتت الآن متدنية الأسعار إلى حد كبير».