تجاوز الدين مستوى إجمالي الناتج مؤشر سيئ لأميركا

بينما يسجل الطلب على سنداتها ارتفاعا

TT

وصل الدين العام الأميركي إلى مستوى إجمالي الناتج الداخلي لهذا البلد! مما يعتبر في غالب الأحيان مؤشرا سيئا للنمو غير أنه لا يمنع المقرضين من مواصلة تمويل واشنطن.

وأعلنت الخزانة الأميركية الأربعاء الماضي أن ديون الدولة الفيدرالية تخطت إجمالي الناتج الداخلي لعام 2010 وقدره 14526.5 مليار دولار! وبلغت الأربعاء 14574.6 مليار دولار.

ويظهر بوضوح توجه الدين إلى الارتفاع بالنسبة لإجمالي الناتج الداخلي! حيث إن إجمالي الناتج الداخلي لم يرتفع منذ خمس سنوات سوى بنحو 1700 مليار دولار أي بنسبة 12.5% وهو معدل ضئيل نسبيا! فيما الدين العام شهد زيادة هائلة بأكثر من 6000 مليار دولار أي بمعدل 73%.

وفي هذه الأثناء شهدت الولايات المتحدة انكماشا اقتصاديا أصاب في الصميم ماليتها العامة التي تعاني أساسا من نفقات حربين وتخفيضات ضريبية وتمويل غير مناسب لبرامج الرعاية الاجتماعية.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية من الاستنتاجات الحديثة والأكثر جدلية في الاقتصاد أن أي اقتصاد يواجه ديونا عامة بأكثر من 90% من إجمالي ناتجه الداخلي يسجل تباطؤا شديدا في وتيرة نموه.

وهذا ما خلصت إليه أبحاث كارمن راينهارت وكينيث روغوف خبيري تحليل تاريخ الأزمات ومؤلفي كتاب «هذه المرة الأمر مختلف: ثمانية قرون من الجنون المالي» (2009) الذي يستعرض أزمات الديون منذ نهاية القرون الوسطى.

وما يؤكد صحة هذه النظرية قائمة الدول الأكثر مديونية في العالم اليوم (اليابان! اليونان! إيطاليا! آيرلندا وغيرها) وهي دول تسجل تعثرا في النمو.

كما أن هذه النظرية تدعم قناعة راسخة في معقل الليبرالية! وهي أنه كلما سعت الدولة إلى التدخل في الاقتصاد أعاقت حيويته.

وبيتر موريسي الخبير الاقتصادي الليبرالي من جامعة ماريلاند هو من الذين يعتبرون أن الدولة هي بطبيعتها غير مجدية اقتصاديا.

وكتب مؤخرا في مقالة أن «القطاع الخاص الأميركي قد يكون الأكثر فاعلية على وجه الأرض! لكن الدولة الفيدرالية تفتقر بشكل فظيع إلى القدرة التنافسية».

وأضاف أن «المشكلة التي يواجهها الأميركيون هي أنهم يدفعون أكثر من مواطني أي دولة أخرى للحصول المكاسب ذاتها».

وسواء كانت هذه الدولة مجدية ام لا! فهي لا تجد في الحقيقة أي صعوبة في الحصول على موارد إذ يقبل العالم بأسره على تمويلها بسخاء. ويملك الدائنون الأجانب 46% من سندات الخزينة المتداولة في الأسواق! فيما تملك البنوك المركزية والصناديق السيادية 33% منها.

وأصبحت كارمن راينهارت من خبراء الاقتصاد الأكثر تهويلا بشان تزايد الدين الخارجي الأميركي! ولو أنها لا تصل مثل الجمهوريين إلى حد الدعوة للاقتطاع من النفقات العامة. وقالت الثلاثاء: «ازددنا على مر السنين تبعية للجهات الأجنبية التي تشتري الدين الأميركي» لكنها حذرت من أن «المصارف المركزية الأجنبية قد تبدأ في وقت من الأوقات بفك ارتباطها بشكل متزايد بسندات الخزينة الأميركية».

وبحسب الصين الجهة الدائنة الأولى لواشنطن! فإن الوضع خطير، وحذرت وكالة أنباء الصين الجديدة الأربعاء من «انفجار» ما وصفته بـ«قنبلة الدين» الأميركي.

ورد أستاذ الاقتصاد في جامعة اوريغون تيم دوي على مدونته الإلكترونية «دعكم من هذا الاستياء المفتعل. إن لم تكونوا مسرورين! فلا تشتروا الدين بكل بساطة. إن كان هناك مشكلة في الولايات المتحدة! فإن الصين وغيرها من الدول هي التي سهلتها».

رئيس البنك المركزي الأميركي بن برنانكي يؤكد من جهته أن الاقتصاد الأول في العالم ملزم بتقديم كميات طائلة من العملة الأميركية للعالم استجابة للطلب المرتفع على الدولار في الدول الناشئة! وهو رأي شائع في الولايات المتحدة.

ويقول مؤيدو هذه النظرية إن الولايات المتحدة تمد العالم بالدولارات من خلال زيادة حجم الكتلة النقدية مما يزيد من حدة العجز في ميزانيتها.

والواقع أن الوجهة الأولى لهذا الطلب هي سندات الخزينة الأميركية وقد وصل الطلب عليها الأربعاء إلى أعلى مستوياته منذ عشرة أشهر حيث تراجعت الفوائد على السند على عشر سنوات إلى ما دون 2.5% لأول مرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.