الشركات السعودية تضغط على نيودلهي لإلغاء رسوم مكافحة الإغراق

تقول إن الإجراء فيه إخلال بلوائح منظمة التجارة الدولية

TT

تعد رسوم مكافحة الإغراق المفروضة على الشركات السعودية التي تبيع مادة البولي بروبلين داخل الهند نقطة مهمة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتمارس السعودية ضغوطا مكثفة على نيودلهي لتدفعها إلى إلغاء رسوم مكافحة الإغراق على مادة البولي بروبلين، وتقول إن هذا الإجراء فيه إخلال بلوائح منظمة التجارة الدولية، وذلك بحسب ما أفادت به مصادر دبلوماسية هندية.

وتعد مادة البولي بروبلين عنصرا مهما في عدد من الصناعات، من بينها صناعة التعبئة والجوارب الصوف والحاويات والأدوات المنزلية وأجزاء السيارات والأنابيب وصهاريج المياه والأثاث والأجهزة الطبية، إلى جانب الكثير من الصناعات الأخرى.

ويسيطر على سوق البولي بروبلين المربحة شركة «ريلانس إندستريز»، التي تستحوذ على حصة نسبتها 70 في المائة من السوق الهندية بطاقة مليون طن. وقد تزعمت هذه الشركة بنجاح حملة فرض رسوم مكافحة إغراق قبل عامين بعد أن قدمت التماسا لفرض رسوم على مادة البولي بروبلين الواردة من سلطنة عمان والسعودية وسنغافورة.

واشتكى مصنعون هنود من أن السعودية، على ضوء الاحتياطي الكبير لديها من الهيدروكربونات، تعطي مصنعي البتروكيماويات المواد الخام بأسعار رخيصة، مما يعطيهم ميزة داخل السوق الهندية.

وفي يوليو (تموز) 2009، فرضت الهند رسوم مكافحة إغراق على مادة البولي بروبلين الواردة من السعودية لخمسة أعوام. وتأثر بذلك شركات سعودية مثل «الشركة السعودية للصناعات الأساسية» وشركة «ينبع للبتروكيماويات» و«إكسون موبيل» و«الشركة السعودية للبولي أوليفينات».

وترغب الشركات السعودية في جزء من السوق الهندية التي تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار، والتي يتوقع أن تنمو بنسبة 20 في المائة سنويا، وقد حصلت هذه الشركات على دعم من قطاع البلاستيك الهندي، وهو مستهلك كبير للصادرات من السعودية. وتضغط رابطة مصنعي البلاستيك الهندية من أجل رفع الرسوم المفروضة على الشركات السعودية وتقول إن أسعار المدخلات ارتفعت بصورة حادة بعد فرض رسوم الإغراق.

ويقول يوغيش شاه، رئيس رابطة مصنعي البلاستيك الهندية: «لقد أثارت الرابطة هذه القضية مع وزارة التجارة الهندية، ولكن لم يتم اتخاذ إجراء بعد». وأضاف أن الهند تستورد حاليا 25.000 طن من مادة البولي بروبلين من السعودية من دون رسوم، وهي أرخص بمقدار 10 في المائة مقارنة مع مادة البولي بروبلين محلية الصنع. وقال إن قطاع معالجة البلاستيك يحتاج إلى مادة خام أرخص، وبعد فرض هذه الرسوم على السعودية، ارتفعت أسعار المنتج النهائي بمقدار 15 - 20 في المائة على الأقل. وتعد معظم الوحدات المرتبطة بمعالجة مادة البولي بروبلين شركات صغيرة ومتوسطة، ولذا تكون عرضة لتقلبات بسيطة في أسعار البولي بروبلين. ولكن ما هي طبيعة الخلاف بين الهند والسعودية بشأن رسوم مكافحة الإغراق؟ غالبا ما يثار قانون مكافحة الإغراق ضد مصنع أجنبي لتصديره منتجا إلى دولة أخرى بسعر أقل كثيرا من الشائع في سوق الدولة المستوردة.

وتحاول الحكومة الهندية التعامل مع هذا الأمر بحذر، فأمامها مهمة صعبة وهي الموازنة بين مخاوف مصنعي مادة البولي بروبلين المحليين ومخاوف نظرائهم من السعودية، التي تعد أكبر مصدر للنفط وإحدى أكبر الشركاء التجاريين. وسيكون لأي توتر في العلاقات مع الرياض تبعات عدائية تجاه الهند. ولا يقتصر الأمر على أن السعودية المصدر الرئيسي للنفط، ولكن يعمل داخلها أكثر من مليوني هندي ويقومون بتحويل 15 مليار دولار إلى الهند.

ويقول مسؤولون هنود يتعاملون مع قضية مكافحة الإغراق إن الإمداد السعودي من مادة البروبان، التي تستخدم في إنتاج مادة البولي بروبلين تقدمه شركات سعودية بسعر منخفض هو سعر السوق القائمة.

وفي مكالمة تليفونية، قال السفير السعودي لدى الهند فيصل طراد لـ«الشرق الأوسط»: «توجد محاولة جادة لضمان حل قضية البولي بروبلين بين الدولتين الصديقتين من دون اللجوء إلى منظمة التجارة الدولية». ويساعد مخزون الغاز الواسع لدى السعودية وموقع منشآت المعالجة على تقليل التكاليف (تعد مادة البروبان منتجا مشتقا من معالجة الغاز الطبيعي وتكرير البترول). ولا تتمتع بهذه الميزة الدول التي لا تنتج النفط والغاز الطبيعي. وتقول السعودية إن الغاز يقدم إلى الشركات المصنعة لديها بالسعر التجاري الموجود في السوق الدولية.

وتقول مصادر في القطاع إنه إذا قبلت الهند الطلب السعودي وقامت بإلغاء الضريبة المفروضة على مادة البولي بروبلين، سيكون ذلك مضرا لشركة «ريلانس إندستريز»، حيث تدر مادة البولي بروبلين أرباحا كبيرة إليها. وجاء في بيان أرباح الشركة الخاص بالربع الأخير: «شهدت مادة البولي بروبلين، وهي الجزء الأكبر من محفظة (ريلانس إندستريز) هامش توسع كبيرا، تجاوز المتوسط على مدار 5 أعوام».

وستدرج هذه القضية في أجندة محادثات ثنائية بين وزير المالية الهندي براناب موخرجي ووزير التجارة والصناعة السعودي عبد الله زينل علي رضا في سبتمبر (أيلول)، بحسب ما ذكرته مصادر بنيودلهي.