البورصة المصرية تواصل تراجعها وتخسر 2.5 مليار دولار خلال تداولات أمس

خبراء يرون الهبوط مبالغا فيه ويطالبون بتنشيط السيولة داخل السوق

علق التداول في البورصة المصرية لثلاثين دقيقة بعد خسارة المؤشر 5% من قيمته (أ.ب)
TT

واصلت البورصة المصرية، أمس، تراجعها للجلسة الثالثة على التوالي وخسر رأسمالها السوقي أمس 14.7 مليار جنيه (2.5 مليار دولار)، بعد أن فقد مؤشرها الرئيسي نحو 4.75 في المائة من قيمته مع استمرار تزايد مخاوف المستثمرين من أزمة الولايات المتحدة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، والتراجع الذي يجتاح أسواق المال العالمية.

وأوقفت إدارة البورصة التداولات أمس لمدة نصف ساعة تقريبا بعد تجاوز خسائر المؤشر مستوى 5 في المائة، ليعوض المؤشر جزءا من خسائره بعد عودة التداول ويغلق عند 4478 نقطة.

ويرى خبراء أن تراجع البورصة المصرية مبالغ فيه، خاصة أنه سجل أكبر نسبة انخفاض بين البورصات العربية التي لم تتجاوز نسبة التراجع في مؤشراتها 2 في المائة أمس، ورأوا أن جزءا من تلك الخسائر سببه شح السيولة، مطالبين إدارة البورصة بتطبيق آليات جديدة لزيادة معدلات دوران السيولة في السوق، لأن استمرارها بتلك المعدلات سيؤدي إلى مزيد من الخسائر.

وتراجعت جميع الأسهم المتداولة أمس باستثناء ارتفاع 6 أسهم واستقرار 4 أسهم دون تغير في سعرها، ولم تشفع الأخبار الجيدة لبعض الشركات لتقوض هبوط أسهمها، ففي الوقت الذي أعلنت فيه شركة «عز لحديد التسليح» عن نمو كبير في أرباحها خلال العام الماضي بنسبة بلغت 83 في المائة، تراجعت أسهمها في البورصة بنسبة 4.2 في المائة، الأمر كان مماثلا لشركة «جي بي أوتو» (تتولى توزيع وتجميع السيارات في مصر والعراق) التي أعلنت عن نمو إيراداتها بنسبة 6.87 في المائة وأعطت نظرة تفاؤلية ببداية انتعاش في سوق السيارات المصرية، ولكن أسهمها تراجعت بشكل حاد بنسبة 6.19 في المائة.

واتجهت تعاملات الأجانب نحو البيع بعد أن بلغ صافي مبيعاتهم 49.973 مليون جنيه بعد استحواذهم على 26.6 في المائة من إجمالي تداولات السوق، فيما اتجهت تعاملات المصريين والعرب نحو الشراء بصافٍ شرائي 43.178 مليون جنيه و6.795 مليون جنيه على التوالي.

وعزا محسن عادل، المحلل المالي، تراجع مؤشرات البورصة إلى التداعيات السلبية للأزمة الأميركية، خاصة بعد أن تهاوت مؤشراتها أمس إلى أدنى مستوى في 3 سنوات، وأوضح أن استمرار حالة الانخفاض والتخبط التي شهدته بورصة وول ستريت أمس كان له تأثير سلبي على كافة الأسواق المالية في العالم، مشيرا إلى أن استمرار الضغوط السياسية الداخلية والأزمة الأميركية الخارجية سيؤثر بشكل سلبي على أداء السوق المصرية خلال الفترة المقبلة وذلك حتى تظهر بوادر الانتعاش على الصعيدين المحلي والعالمي.

ويرى أن تراجع البورصة خلال جلسة أمس مبالغ فيه، خاصة أن أداء الأسواق العالمية لم يتراجع بنفس الحدة، وقال: «هناك عوامل داخلية ساهمت في زيادة مساحة التراجع، فالمضاربة ناحية الهبوط التي قام بها عدد واسع النطاق من المستثمرين في إطار تقديراتهم بأن تتراجع البورصة المصرية بمعدلات أكبر ساهمت بشكل كبير في هذا الأداء السيئ، وهو الأمر الذي جعل مؤشر البورصة المصرية يتصدر التراجعات على مستوى العالم منذ مطلع الأسبوع الحالي، وهي سابقة ليست الأولى من نوعها داخل البورصة المصرية».

وأضاف عادل أن نقص السيولة كان عاملا مؤثرا في تراجع البورصة المصرية، ولكن إدارة البورصة لم تعط هذا الأمر أولوية ضمن مشاريعها الحالية، مكتفية بالإعلان عن دراستها بفصل التسوية الورقية عن التسوية النقدية مما مثل اتساعا في نطاق الأزمة خاصة إذا علمنا أن رأس المال السوقي للبورصة المصرية تراجع خلال جلسة الثلاثاء 5 في المائة في مطلع الجلسة بحجم تداول لا يتجاوز 30 مليون جنيه، وهو ما يعيد فتح ملف تخفيض التسوية بالبورصة إلى T+1 لزيادة معدلات دوران السيولة في السوق، مشيرا إلى أن الوضع في الجلسات المماثلة يجب أن يتم النظر إلية على أساس أنه ظروف غير تقليدية يمكن معها تعليق العمل بالجلسة ومراجعة التداولات خاصة غير المبررة للحفاظ على تماسك السوق.

وطالب عادل بضرورة الإسراع في فتح حوار جاد لتكوين صندوق استثمار سيادي برؤوس أموال مصرفية يعمل كصانع للسوق على المديين المتوسط وطويل الأجل لضبط الإيقاع المتهاوي خلال الفترة الحالية، وإلا فإننا سنعرض البورصة المصرية إلى موجات من الضغوط خاصة في ظل التقلبات الداخلية سواء السياسية والاقتصادية أو في ظل الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العالم حاليا.

في حين يرى وائل النحاس، المحلل المالي، أن الاقتصاد المصري فقد دفته وهو ما شعر به المستثمرون الأجانب، فمنذ مارس (آذار) الماضي، بدأ الأجانب يخرجون تدريجيا من البورصة المصرية وبلغ إجمالي مبيعاتهم نحو 4 مليارات جنيه، وجاءت الأزمة الأميركية لتزيد من وتيرة مبيعاتهم، أضف إلى ذلك أن السيولة المتاحة في السوق أصبحت متركزة في عدة أسهم تتم عليها مضاربات عنيفة في غفلة من الرقيب.

وقال: «هناك عزوف عن التعامل في البورصة، تلك الأزمة ستؤثر أكثر على المستثمرين خلال الفترة المقبلة، قد نرى مستويات متدنية في قيمة التداولات عما نراه حاليا».