السعودية: توصيات بتوحيد قواعد إصدار وتداول الصكوك

خلال ندوة «البركة» الـ32 للاقتصاد الإسلامي

تتطلع ندوة البركة إلى دعم قطاع المصرفية الإسلامية بشكل سنوي من خلال مناقشة جوانب مختلفة في القطاع الذي يشهد نموا عالميا («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مسؤول رفيع في المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، عن إطلاقه «شهادة الاخصائي الإسلامي المعتمد»، مبينا أنها عبارة عن سلسلة شهادات مهنية تمنح في 6 تخصصات هي الأسواق المالية، والتجارة الدولية، والتأمين التكافلي، والحوكمة والامتثال، والمحاسبة، والتطبيق الشرعي.

وبحسب الدكتور عز الدين خوجه، أمين عام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية، فإن المجلس اعتمد سلسلة الشهادات المهنية الست المتخصصة، والتي سيقوم بمنحها مركز التدريب المالي الإسلامي التابع للمجلس، في الوقت الذي بدأ فيه المركز في تجهيز الحقائب اللازمة لإصدار هذه الشهادة، كما بدأ في عمل دورات تدريبية تجريبية لاقت النجاح، مثل دورة المدقق الشرعي ودورة المحاسبة الإسلامية ودورة التأمين التكافلي.

وأوضح الدكتور عز الدين خوجه، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» على هامش فعاليات ندوة «البركة» للاقتصاد الإسلامي التي اختتمت أعمالها صباح أمس، أن مركز التدريب المالي الإسلامي سيبدأ توسيع تطبيق هذه الدورات، بعد أن أقر الاجتماع السنوي لمجلس البنوك الإسلامية الذي يوافق في وقته انعقاد ندوة البركة، حيث سيبدأ جميع وكلاء المركز قريبا في إجراء الدورات ومنح الشهادات المتخصصة بناء على اجتياز الاختبارات الموضوعة لذلك.

من جهة أخرى، أوصت ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي بعقد ورشة عمل تضم ذوي العلاقة بإصدار الصكوك من الشرعيين والقانونيين والمصرفيين والمراجعين الخارجيين وممثلين لوكالات التصنيف والجهات الرقابية الإشرافية، وذلك بقصد توحيد قواعد وضوابط إصدار الصكوك وتداولها واستردادها وإطفائها.

كما شددت ندوة البركة التي ركزت خلال دورتها الثانية والثلاثين لهذا العام على الصكوك الإسلامية، على أن تشتمل وثائق الإصدار للصكوك على قرار شرعي من هيئة الرقابة الشرعية التي درستها وقررت شرعيتها، على أن يتضمن الضوابط الشرعية لإصدار الصكوك وتداولها واستردادها وإطفائها، والنص في تلك الوثائق على أن ما يخالف الضوابط الشرعية يعتبر باطلا عديم الأثر.

كما أجمع المشاركون في الندوة التي اختتمت أعمالها صباح أمس، على أنه لا يجوز لمصدر الصكوك أن يضمن رأس مال الصك أو ربحا محددا سواء كان ذلك بالتزام أم تعهد أو وعد ملزم، كما لا يجوز التعهد من مصدر الصكوك ومديرها بشراء أصل الصكوك أو استبدال القيمة الاسمية بها عند إطفائها، لأن ذلك يؤول إلى الضمان في حالة هبوط القيمة ولو لم تتعرض أصول الصكوك للتلف الكلي أو الجزئي، ويختلف الحال عن تعهد الأمر بالشراء في المرابحة بشراء المبيع ولو هبطت قيمته لأن البيع يختلف عن المشاركة من حيث الضمان.

وبعد نقاش دار حول إصدار الصكوك الإسلامية، اتفق المشاركون على وجوب انتفاء كل ما يخل بملكية حملة الصكوك للموجودات التي تمثلها، وتجنب الصورية، مثل أن يكون محل الصكوك أصولا يمتنع تملك حملة الصكوك لها قانونا أو عرفا، أو أن تتم المبالغة في تقويم الصكوك، أو أن تشتمل صياغة نشرة الإصدار أو مستنداته على نصوص تحول دون النقل الحقيقي لملكية الأصول من مصدر الصكوك إلى حملتها أو من يمثلهم بعيدا عن جهة الإصدار، أو إبقاء الأصول مسجلة في القوائم المالية للجهة المصدرة للصكوك.

وعن الجلسة الخاصة بزكاة المال العام، وشرط الملك والنماء وأثرهما في مال الضمار، أوصى المشاركون بضرورة التنسيق بين المؤسسات الحكومية المختصة بجمع الزكاة وصرفها وتقديم الدراسات والاستشارات المتخصصة لهذه الجهات وفق الأسس العلمية المعتمدة، وأن يكون ذلك عبر التعاون المباشر أو توقيع مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والمراكز والهيئات المتخصصة.

واختلف المشاركون في تزكية المال العام ويراد به أموال ومؤسسات الدولة، فذهب بعضهم إلى أنه لا يزكي دون تفريق بين ما يستثمر منه أو لا يستثمر، وأن ذلك هو الأصل الذي جرى عليه العمل، وذهب بعضهم إلى أن المال العام إذا استثمر في شركات غير مملوكة للدولة كليا فإنه تجب الزكاة فيه، أما ما ليس مستثمرا أصلا، أو ما استثمر في شركات أو مؤسسات مملوكة كليا للدولة، فلا تجب الزكاة فيه.

وخلص المشاركون إلى أن المراد بالملك التام المشترط لوجوب الزكاة ما كان مستقرا مع التمكن من تنمية المال، ويكفي الحد الأدنى من تمام الملك مثل المال الممنوع من التصرف فيه بسبب وجود قيود قانونية أو اتفاقية التصرف بوجه ما بحيث يتحقق النماء، ومن تطبيقات ذلك المال المستثمر في أسهم الشركات حيث لا يتاح للمساهم التصرف في موجوداتها لتعلق حقوق الشركاء، والودائع المحجوزة على سبيل الضمان، والأموال المرهونة بالديون فهذه الأموال تزكى في حال القدرة على النماء.

كما توصل المشاركون إلى أن المال الضمار، وهو الغائب عن مالكه ولا يرجى عوده، ومنه الديون المشكوك في تحصيلها، لا تزكى إلا بعد قبضها فتضم إلى أموال المؤسسة في الحول والنصاب، وتزكى عن ذلك الحول فقط ولو مرت عليها فترة طويلة.

وأوصت الندوة بالتنسيق بين الفقهاء والمتخصصين في المحاسبة بمواصلة دراسة نوازل الزكاة، والعمل على تجسير العلاقة بين الطرفين بتنظيم اللقاءات والفعاليات العلمية المشتركة، وتقديم المراكز المتخصصة دورات في محاسبة الزكاة للفقهاء، ودورات في فقه الزكاة للمحاسبين، ومراعاة ذلك في الجامعات والمعاهد والمؤسسات الأكاديمية والحكومية.

أما في ما يتعلق بجلسة التأمين على الودائع والاستثمارات والصكوك والتعامل مع مؤسسات الضمان، فقد دعا المشاركون إلى إيجاد آليات تتناسب مع تغطية مخاطر الاستثمارات بما فيها الصكوك، كما دعوا الدول المرخصة للمؤسسات المالية الإسلامية للتوسع في إيجاد مؤسسات الضمان التكافلية الحكومية والخاصة، ودعمها، أو قيام الدولة نفسها بالضمان المباشر على مبدأ ضمان الطرف الثالث المقبول شرعا.

وعن تطهير المكاسب المحرمة أكدت الندوة على أن التطهير على المالك المستثمر أو المتاجر حين نهاية الفترة المالية، وأنه لا يتوقف على تحقق أو توزيع الربح، ولا يلزم الوسيط أو الوكيل أو المدير عن المقابل المأخوذ نظير عمله، وأن ما يظهر هو ما يخص الإيراد المحرم، وعدم جواز انتفاع المالك بالعنصر المحرم، وأن مسؤولية التطهير على المؤسسة في حال تعاملها لنفسها أو في حال إدارتها دون حالة الوساطة فيقتصر دورها على إخبار المالك ومساعدته في التطهير.

وأوضح المشاركون أن الأصل في تطهير المكاسب المحرمة يكون عند قبضها، لكن بالنسبة للمؤسسات التي تجري المحاسبة أو المراجعة بها على فترات دورية (فصلية أو نصف سنوية)، فإن موعد التطهير هو نهاية الفترة المختارة، مبينين أن المبالغ الواجب تجنبها لصرفها في الخيرات إذا تأخر صرفها وهي عادة تستثمر في المؤسسات المالية، فإنه يجب ضم عائد استثمارها كله إلى أصل المبالغ ويصرفان معا في وجوه الخير.